الفنانة شيماء العلاوي حسناء الشاشة الأمازيغية

استطاعت شيماء العلاوي أن تفرض نفسها في المشهد الدرامي الأمازيغي لما راكمته من أعمال مختلفة، إذ يتنوع أداؤها ما بين مسرح ولعب فوق الخشبة، وكل ما يتطلبه ذلك مم مجهود جبار مباشر مع الجمهور، وبين الظهور في شاشة التلفزيون، وتقمص أدوار مختلفة، فلا ريب أن شكلها وقسماتها وتكوينها ساعدها على النجاح في أداء أدوار مختلفة، فعلى سبيل المثال نجدها في فيلم (حسناء الريف) قامت بدور متميز ومقنع جدا، وتقمصت شخصية فتاة تسعى نحو الشهرة من خلال عالم النيت ومواقع التواصل الاجتماعي، فسحنتها تماشت مع جيل التيك توك، والشباب المتماهي مع العالم الافتراضي، وما يترتب عن ذلك من تغريب عن الواقع، واللجوء إلى الحلم وفضاءات خيالية وإلكترونية. وأعتقد أن تجربتها في هذا الفيلم متميزة أخرجتها من بعض الأدوار النمطية التي أدتها من قبل.

أما أداؤها في مسلسل “أفاذار”، فيمكننا أن نقول إن الشخصية التي تقمصتها (لويزة) كانت على المقاس؛ مقاس أحداث المسلسل، باعتبارها تلعب دور البطولة، أو أُرِيد لها أن تلعب هذا الدور، بل حتى أغنية الجنريك صُنعت على مقاسها وتتغنى باسمها وبمزاياها ودورها. فالمسلسل يَشي منذ الوهلة الأولى بالبطلة، فأفق توقع المتلقي أو المشاهد ليس فيه أي خرق، وينتظر أن تكون البطلة مستحوذة على الأحداث ومُخَلِّصة ومتجاوِزة لحالات مأزومة.

والحقيقة أن الفنانة شيماء العلاوي تتوافر فيها مجموعة من الشروط قد تجعلها ترقى إلى ما يسمى (الممثلة النجمة)، فهي تملك مقومات جسدية جذابة، وقسمات وجه جد معبرة، ورشاقة في الحركة والتنقل، بالإضافة إلى مقومات أخرى نفسية تساعدها على فرض شخصيتها في الدور المنوط بها، بكل بساطة وجهها عبارة عن بورتريه يمكن أن يملأ إطار الشاشة، ويجذب الانتباه، ولطالما كان شكل الممثل سببا في نجاحه وشهرته في السينما والدراما العالمية، بل في كثير من الأحيان قد يساعده هذا على لعب البطولة. لكن هذا بطبيعة الحال ليس كافيا، بل أصبحنا الآن (في الدراما الحديثة) نرى البطلة أو البطل في مجموعة من الأعمال يمتلك مواصفات فزيولوجية عادية، فقد تراجع السّوبير نجم أو البطل المثير والخارق للعادة، وحل محله البطل العادي الشعبي.

وأصبح اليوم مطلوبا في مجال الدراما الأمازيغية اللجوء إلى تيمات أخرى وأعمال مغايرة تستثمر اليومي والمعيش في قالب فني راق، ولا يمكن الاقتصار دائما على الخصوصية المحلية والإغراق في البعد التراثي والتاريخي، فلا بد من اللجوء إلى مواضيع يتجلى فيها ما هو( نفسي، بوليسي، سجني أو ما يسمى بالسيرة السجنية، خيالي وفنطازي، ما يدخل في باب دراما الرعب، إلخ)، وهذا كفيل بأن يجعل الممثل يجرب أدوارا أخرى، ويخرج من فضاء البادية إلى فضاءات أخرى أرحب وأصعب.

لا ريب أن شيماء أتقنت عموما دورها، ونجحت في أداء كثير من المواقف والحالات النفسية المختلفة فرحا وحزنا، لدرجة الاندماج في الدور وتلبُّس الشخصية، وهي التي احتكرت زمن المسلسل، والظهور، والحديث، وأكيد أن هذا الأمر يحتاج إلى تأهيل ومواكبة من قبل المخرج أو بالأحرى من طرف (الكوتش)، وإعادة للمشهد أثناء التصوير، وهذا يفترض أن ثمة صعوبات جمة تعترض الفنانة، مما قد يجعل أداءها متفاوتا وليس بوتيرة واحدة، أو بقوة تشخيص ثابتة.

تظل الفنانة شيماء العلاوي حسناء الشاشة في المسلسل وفي الدراما الأمازيغية عموما، وأكيد أن غدا مشرقا ينتظرها لما تملكه من مؤهلات، ونتوخى منها مشاركات قادمة بأبعاد مغايرة، فبإمكانها أن تصل إلى تُخوم أخرى بلغات تتجاوز المحلية لتعانق عوالم أوسع وأمتع.

د. جمال الدين الخضيري

اقرأ أيضا

ندوة بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية تدعو إلى تنشئة اجتماعية خالية من العنف ضد النساء

في إطار الحملة الوطنية لوقف العنف ضد النساء، نظم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ندوة تحت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *