الفنان والكاتب محمد فارسي في حوار مع «العالم الأمازيغي»

ولد الفنان والكاتب الأمازيغي محمد فارسي، وترعرع بمدينة ميضار، وسط الريف، حيث درس مرحلته الابتدائية والثانوية، قبل أن يلتحق بالجامعة طالبا وباحثا كتب ونشر العديد من الأبحاث والمقالات العلمية، ليعود إلى مسقط رأسه أستاذا للغة الأمازيغية، حيث تم تعيينه بمدرسة الشهداء بجماعة اتسافت.

بالإضافة إلى مساره الأكاديمي، طبع ضيفنا حياته بمسيرة فنية زاخرة بالعطاء، وداعبت أنامله خيوط القيثارة منذ نعومتها، قبل أن يبدأ رحلة جديدة في عالم الترجمة والكتابة الإبداعية، حاولنا ملامستها من خلال الحوار التالي:

مرحبا بك أستاذ محمد فارسي الفنان والكاتب على صفحات جريدة “العالم الأمازيغي”، بداية، تحدث لنا عن مسارك وبداية تجربتك في عالم الفن والكتابة الإبداعية.

في البداية، أود أن أشكر جريدة العالم الأمازيغي، الجريدة الرائدة في مجال الصحافة الأمازيغة، والشكر لك أيضا أستاذ كمال الوسطاني الصحفي المجتهد، الذي لا يبخل عن تسليط الأضواء حول الاجتهادات التي تنتج من قبل أي ذات أمازيغية مبدعة.

بالنسبة لمساري وتجربتي في عالم الفن أولا بخصوص الموسيقى الأمازيغية، فقد رافقتني منذ سنواتي الدراسية الثانوية والجامعية مع الجمعيات الأمازيغية بالريف أو خارجه، لكن بعد نيلي شهادة الإجازة في شعبة الدراسات الأمازيغية من جامعة محمد الأول بوجدة، والتحاقي بالكلية المتعددة التخصصات بالناضور لاستكمال دراسات الماستر «أدب وترجمة» شعبة الدراسات الفرنسية، غيرت نظرتي بسبب تمدرسي على يد أساتذة كبار لهم وزن في الساحة الثقافية والفكرية الأمازيغية والفرنسية، كالأستاذ حسن بنعقية والأستاذ الحسين فرحاض، اللذان كان لهما أثر بالغ علي، في أن أدخل عالم الكتابة الأدبية وخاصة الرواية، بالإضافة لعالم الترجمة الذي لم يكن في الحسبان أن يأتي يوما، وأن أقتحمه.

بالطبع، وكما هو معروف، فمن الصعب على طالب باحث تلقى تكوينا لمدة سنة ونصف في مجال الأدب والترجمة أن يخوض هذه المغامرة كما أسميها، لكن بفضل المبادئ الأساسية التي تلقيتها والتعمق فيها، والتقنيات التي اكتسبتها، والتحفيز أيضا من طرف أساتذة كبار لأن أدخل غمار الإنتاج الروائي الأدبي والترجمي، جعلني شيئا ما أتشجع بكل تواضع لأساهم بوضع أحد اللبنات في تأسيس الحقل الترجمي الذي يعد معطى جديدا على الأمازيغية، ويحتم كذلك على كل باحث أن يساهم قدر المستطاع من أجل إثراء مكتبة الإنتاجات الترجمية الأمازيغية، وخاصة أن الرهان اليوم هو استيراد نصوص من ثقافات أخرى وترجمتها إلى الأمازيغية.

علمنا مؤخرا أنكم بصدد إصدار مؤلف جديد ينضاف للمكتبة الأمازيغية بالريف، حدثنا عن هذا المؤلف؟

نعم، صحيح، أنا بصدد إصدار عمل مترجم من اللغة العربية إلى اللغة الأمازيغية في الأسابيع المقبلة، وهو نص أدبي روائي للأستاذ حسن أوريد، الذي أصدره سنة 2014 تحت عنوان «سيرة حمار»، والذي عنونته بالأمازيغية من خلال عملية الترجمة «ⵜⴰⴱⵔⵉⴷⵜ ⵏ ⵓⵖⵢⵓⵍ».

استغرقت في هذا العمل مدة ستة أشهر، وعرضته على أستاذي الحسين فرحاض لمراجعته، والآن سيقدم للمطبعة من أجل الطبع، وما شدني للاشتغال على هذه الرواية، المواضيع التي تناولها الكاتب وبالخصوص موضوع الهوية والاغتراب والبحث عن الذات، بالإضافة للسياسة والفلسفة والفكر، بتقديم أطروحات أدبية نقدية لها.

كما نعلم أن أي كاتب لا يمكن أن يأتي ليدخل غمار الكتابة الأدبية بدون أن يكون مستهلكا لنصوص عدة من ثقافات مختلفة، وهنا أشير إلى التناص الأدبي، الذي يحيل لنا أن الكاتب قد ضخ دماء الحياة في أول نص أدبي كتب في التاريخ للكاتب أفولاي المعنون بالحمار الذهبي، والتي تعد الأرضية التي انطلق منها الأستاذ حسن أوريد لنسج معالم نص سيرة حمار.

وانطلاقا من نفسي والقضية الأمازيغية التي أحملها على عاتقي من زاويتي الشخصية، وجدت نفسي أمام واجب حتمي أن أنقل هذا النص من اللغة العربية إلى اللغة الأمازيغية، لغة الأم التي يترافع عنها الكاتب بين ثنايا النص، ووجدت نفسي أمام مسؤولية أدبية وتاريخية اتجاه هذا النص من أجل إعادته إلى ذاته اللغوية الأصلية، والمساهمة به لبناء المكتبة الأمازيغية بشكل عام.

هل هناك أعمال أخرى تشتغل عليها، وما هي مشاريعك المستقبلية؟

نعم، هناك مشاريع على المدى القريب، أول إصدار لي هو العمل الترجمي الذي تحدثنا عليه سالفا، بالإضافة لعمل روائي باللغة العربية والذي أنهيت عمله وسيخرج إلى حيز الوجود في أكتوبر المقبل، بالإضافة كذلك لعمل روائي آخر باللغة الأمازيغية، لم يبق إلا القليل للانتهاء منه، بالإضافة لعملين مترجمين من اللغة الفرنسية إلى اللغة الأمازيغية اشتغلت عليهما في رسالة الماستر واللذان سينشران بكل تأكيد العام المقبل، وهناك أيضا أعمال على المدى البعيد إن توفقت بالوصول لها.

ختاما نترككم مع كلمة حرة لقراء جريدة “العالم الأمازيغي”.

في الحقيقة، جريدتكم اسم على مسمى، فهي بكل تأكيد تساهم في إنشاء عالم إعلامي أمازيغي محض، وكل الشكر لكم فيما تقدمونه من تسليط أضواء على مبدعين أمازيغيين، وكذلك استقبالكم بصدر رحب كل المقالات والمواضيع التي يبدعها كل أمازيغي مغربي أو من كل بقاع شمال إفريقيا.

كل الشكرا لكم والامتنان، أتمنى لكم التوفيق العظيم، والشكر الجزيل أيضا لك أستاذ كمال الوسطاني على هذه الاستضافة.

حاوره: كمال الوسطاني

اقرأ أيضا

جزائريون ومغاربة يتبرؤون من مخططات النظام الجزائري ويُشيدون بدور المغرب في تحرير الجزائر

أثنى متداخلون مغاربة وجزائريين على دور المقاومة المغربية في احتضان الثورة الجزائرية ودعمها بالمال والسلاح، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *