تنظم الفيفا بطولة في كرة القدم تشارك فيها فرق من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأطلقت عليها تسمية “كأس العرب”. الفيفا اعترفت لأول مرة في التاريخ ببطولة مبنية على العرق سميت باسم عرق من البش.
ويأتي هذا الاعتراف في سياق يعرف توجه معظم دول شمال إفريقيا نحو الاعتراف بتعدديتها الإثنية وتنوعها الثقافي واللغوي الضارب بجذوره في أعماق التاريخ، بل إن دولتين كبيرتين هما المغرب والجزائر أقرتا معا في دستوريهما اللغة الأمازيغية لغة رسمية بجانب العربية، وما زالت البلدان المغاربية الأخرى تعرف تزايد المطالب الشعبية للاعتراف بالأمازيغية هوية ولغة وثقافة عريقة بهذه البلدان. وفي بلدان الشرق الأوسط يناضل الكورد والأشوريون والأقباط وقوميات أخرى مضطهدة، من أجل انتزاع ذات الاعتراف بوجودها.
وبتبني “الفيفا” لهذه البطولة المبنية على العرق والأصل الأسطوري الخالص، وعلى النظرة الاختزالية لحضارات شعوب المنطقة، تكون قد ضربت عرض الحائط بمبادئ لعبة كرة القدم والرياضة بشكل عام، والتي تدعو إلى التسامح وتمتين أواصر التبادل والصداقة بين الشعوب.
كما أن تنظيم هذه البطولة لا يتماشى مع القيم الكونية وحقوق الإنسان وحقوق الشعوب، إذ نعتبر تنظيم “كأس العرب” ضربة غادرة لشعوب المنطقة التي ناضلت ولا زالت تناضل من أجل الاعتراف بهوياتها ولغاتها وثقافاتها.
لم تقف “الفيفا” عند هذا الحد بل استعملت في بياناتها الرسمية وعلى موقعها الرسمي كذلك مفاهيم غير علمية ذات صبغة إيديولوجية عنصرية كمفهوم “العالم العربي” الذي يقصي بشكل سافر وجود لغات وثقافات أخرى غير عربية في المنطقة المعنية.
إن الجمعيات الثقافية الموقعة على هذا البيان، إذ تندد بهذه المهزلة، تدعو “الفيفا” إلى تغيير إسم البطولة وعدم تمييزها بأي صبغة عرقية، كما تدعوها كذلك إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تستعملها في بياناتها الرسمية من قبيل “العالم العربي” و”كأس العرب”.