القيم الأمازيغية تواجه الإرهاب في ندوة بتغدوين نواحي مراكش

1 (14)أكد رشيد الراخا، رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، أن المنظومة التربوية المغربية مسؤولة بشكل مباشر على إنتاج التطرف والإرهاب، وهو الموضوع الذي كان قد تطرق له الراخا في مقال سابق نشر له باللغة الإسبانية، وترجم إلى لغات أخرى، تحدث فيه عن دور المدرسة المغربية في إنتاج الأفكار المتطرفة، وهو ما أكده فيما بعد وزير التربية الوطنية بلمختار، حين قال أن 78 في المائة من التلاميذ المتخرجين من المدارس العمومية لا يكتسبون شيئا مما تعلموا، وأن 90 في المائة من الحاصلين على الباكالوريا لايعرفون تاريخ بلادهم.

وفي دراسة ألمانية حول أبناء المهاجرين الذين يجدون مشاكل في المدارس الألمانية تعود لسنة 1992، تعرض لها الراخا أثناء مداخلته بندوة نظمتها جمعية ياكر للثقافة والتنمية بتغدوين، مساء اليوم 23 أبريل 2016، حول موضوع “القيم والأعراف الأمازيغية، وظاهرة الإرهاب”، قال أن نتائج الدراسة أبانت أن مشاكل التلاميذ في المدارس الألمانية هو عدم تلقيهم لتعليمهم الأساسي بلغتهم الأم، ونفس الأمر تأكده دائما نصائح اليونسكو بضرورة التدريس باللغة الأم، حتى يتمكن التلاميذ من الفهم وتطوير مكتسباتهم.

وأكد رئيس مؤسسة دافيد هارت، أن أبناء الريف يأتون في مقدمة من يتم استقطابهم من طرف الجماعات الإرهابية بأوروبا، وحمل رشيد الراخا، في ذلك، المسؤولية كاملة للحكومة المغربية، التي لم تعمل على تعليم اللغة والثقافة الأمازيغية التي من شأنها أن تتصدى للأفكار الإرهابية، فمن خلال سياسة طمس تاريخ ومعالم الهوية الأمازيغية، التي نهجها العروبيون بشمال إفريقيا على غرار ما حدث مع الرومان والبيزنطيين من قبل، أصبحت المدارس المغربية مصدرا للعنف والأفكار الإرهابية، وتم تغييب القيم والثقافة الأمازيغية التي تقوم على التسامح والمساواة بين الجنسين، وكانت أقصى العقوبات في أحكامها النفي من القبيلة، على خلاف الثقافة العربية التي قامت على الدماء والعنف واحتقار المرأة.

وتعرض رشيد الراخا في معرض مداخلته لمجموعة من المحطات المشرفة في التاريخ الأمازيغي، بدأ من المماليك الأمازيغية التي عرفت ازدهارا فكريا وثقافيا كبيرا رغم الحصار الروماني، كما أن الأمازيغ حكموا روما وأحدثوا بها ثورة سياسية حول حقوق المواطنة الكاملة والمساواة بين المواطنين، مرورا بشراسة المقاومة الأمازيغية لكل أشكال الاستعمار بما فيها الغزو العربي الذي تصدت له بشجاعة الملكة ديهيا، وتحدث الراخا أيضا عن الحضارة المعمارية التي عرفتها الإمبراطوريات الأمازيغية التي حكمت شمال إفريقيا وبنت أعظم مدينة بأوربا وهي مدينة غرناطة، قبل أن يخلص رشيد الراخا إلى الدور المهم الذي من شأنه أن تلعبه القومية الأمازيغية في رد اعتبار الأمازيغ لذواتهم وثقافتهم وقيمهم، وبالتالي تحقيق نهضة أمازيغية تعيد إلى تامازغا مجدها.

ومن جهته تطرق الباحث في الشؤون الأمازيغية ورئيس جمعية إمدغاس، محمد أيت عيسى، خلال مداخلته إلى أربعة عناصر هي القيم والمجتمع، ترابطية العلاقة بين القيم والإبداع، مكانة الذاكرة بوصفها قيمة لا تقبل التناسي، ثم دور القيم في مواجهة الإرهاب.

وذكر أيت عيسى في مداخلته مجموعة من القيم التي تميز الشعب الأمازيغي من تيويزي وتكدال وأزراك، وتاضا، وكلها قيم وأعراف ومنظومة تميز العلاقات الاجتماعية بشمال إفريقيا، وترتكز أساسا على مبادئ السلم والتآخي وتوطيد أواصر التعاون والمؤازرة القوية والديمقراطية المنبنية على التداول والتقاسم العادل للثروة والسلطة.

ولاحظ أيت عيسى أن هناك تطورا سريعا لضرب منظومة القيم الأمازيغية، وضرب المقدمات الحضارية للهوية الأمازيغية لشمال إفريقيا التي ساهمت بقدر كبير في تطور الإنسانية، وكمثال على ذلك ذكر أيت عيسى كلا من ابن خلدون الذي وضع أسس نظرية العمران وابن رشد الذي أسس لفلسفة منطقية وحجاجية ترتكز على العقل وتنطلق من القيم، عوض الارتكاز على النقل.

واعتبر أيت عيسى أن الاتجار بالدين واستغلاله في السياسة، من بين الآليات والوسائل التي تمهد وتقوم بإعداد أرضية خصبة لمنطلقات الظاهرة الإرهابية، ويتم ذلك عن طريق إطلاق العنان لمؤسسات الدولة وتمويلها لكي تمرر فيها خطابات تكفيرية وإقصائية، دون رقيب أو حسيب، والدليل على ذلك: “ما يمرر في وسائل الإعلام ومقررات التعليم، بل وحتى في خطب الجمعة ودروس الوعظ والإرشاد الآتية رياحها من مذاهب الشرق.

وقال الباحث الأمازيغي، أن إقصاء الأعراف الأمازيغية التي تتلاءم في أغلبها مع المعتقدات الدينية السليمة والقيم الكونية للإنسان من التواجد ورصد ميزانيات للتعريب والأسلمة من تمويلات مشبوهة أحيانا، إنما يدل ذلك على التهميش والإقصاء الممنهج لهذه القيم، ومن أجل التمهيد لهيمنة العقلية الإطلاقية.

وفي ختام مداخلته دعى أيت عيسى إعمال العقل والفكر الحداثي والنسبي الذي ينبني على فصل الدين عن السياسة، وتبني مذهب الديمقراطية التشاركية التي تضمن استمرار القيم الأمازيغية وتقضي بفصل السلط وتوزيع عادل للثروة، هكذا فقط “يمكن مواجهة التشدد والتطرف والظلم والإقصاء الاجتماعي، التي هي أساس الإرهاب.

وأكد الكاتب والناشط الأمازيغي خميس بوتكمنت، القيم الأمازيغية تعتبر سباقة ومرجعية لعدد من الحقوق التي جاء بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلا أن الغزو العربي لشمال إفريقيا، مع ما أضفاه من قدسية دينية على اللغة والثقافة العربية، أدى إلى اندثار هذه القيم التي صمت أمام كل الغزاة السابقين، وحلت محلها قيم العنف، والقتل والإرهاب.

وفي محاولة لتعريف الإرهاب قال بوتكمنت أنه تعبير عن الرغبة في الهيمنة وفرض إديولوجية معينة، وهو محاولة إبادة تختلف مستوياتها، إنطلاقا من دوافع ناتجة عن الإحساس بالنقص والاحتقار، أو ناتج عن نرجسية مفرطة، وأشار منسق الحركة الأمازيغية بوسط الريف إلى أن الدولة المغربية ارتكبت أول جريمة إرهابية من خلال محاولة استئصال الهوية الأمازيغية لشعب عرف الحضارة في مهدها، واستبدالها بهوية من لم يعرفوا التنظيم إلا مع ابتداءا من عام الفيل.

وتحدث بوتكمنت عن الشرعية الدينية للنظام المغربي، الذي يعتمد على النسب الشريف، إلى جانب ثنائية العروبة والإسلام، وارتباط ذلك الوثيق بإنتاج مناخ يحرض على الإرهاب، وقال خميس أن المقاربة الأمنية بمثابة استثمار للدولة المغربية في الإرهاب، وقال بأن جميع الأنظمة المستبدة في العالم ترعى في الإرهاب وتعيش في كنفه (الخطر الأجنبي، أو نظرية المآمرة).

وقال خميس أن المنظومة التربوية بالمغرب كانت تبدي عداءا كبيرا للأمازيغية، نظرا لما تحمله من قيم مناقضة لما تسعى كانت تسعى إلى تكريسه تلك المنظومة، وأضاف أن المغرب يخسر الكثير من أجل فرملة المنظومة التربوية، فيما أن الحركات الإرهابية نفسها انتبهت إلى أهميت الأمازيغية، وبدأت في استعمالها في بعض أشرطتها الدعوية.

وخلص بوتكمنت إلى أنه “يجب على الحركة الأمازيغية أن تعمل في مواجهة الإرهاب على وسائل جديدة، للتأثير على الشعب والخروج من النخبوية، وإلا فإنها ستعيد نتاج القومية العربية، وقال بأن سؤال التنظيم يتطلب التركيز على سيكولوجية الحركة الأمازيغية، وتشخيصها، باتباع المنهج الفيزيائي، وجرد الهيمنة، وتحديد ماذا نريد.

وفي ختام مداخلته أكد خميس بوتكمنت على ضرورة الحسم مع الإسلام السياسي، الذي بات يشكل حاجزا حقيقيا أمام الديموقراطية، كما دعى كل الإطارات المدنية إلى العمل، حسب الاستطاعة، على تنوير الرأي العام.

كمال الوسطاني/منتصر إتري

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

شاهد أيضاً

“صدى وتأثير معركة أنوال في الأوساط المحلية والعالمية” محور ندوة بالحسيمة

تخليدا للذكرى 25 لعيد العرش والذكرى 103 لمعركة أنوال الخالدة، تنظم النيابة الإقليمية للمندوبية السامية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *