الكشف عن المغارات السرية للإبداع مع الروائي الدكتور الحسين بويعقوبي في حوار بـ «العالم الامازيغي»

الحسين بويعقوبي

الحسين بويعقوبي: «أكتب من أجل لغتي. ولا أقرر وقتا للكتابة»

ولد الحسين بويعقوبي بأكادير، وفيها تلقى تعليمه الابتدائي والجامعي. حصل على دبلوم الدراسات المعمقة بجامعة باريس 8، ودبلوم في اللغة الأمازيغية بالمعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية بباريس، ودكتوراه في الأنثربولوجية في معهد الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية بباريس. يشتغل أستاذا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، بجامعة ابن زهر أكادير. له عدة إصدارات باللغة الفرنسية أهمها كتاب «محمد شفيق: رجل الإجماع: سيرة أحد رجالات الحركة الأمازيغية بالمغرب»، و»الأمازيغ بفرنسا :مساهمة المغاربة في تشكل الهوية الفرنسية-الأمازيغية»، ورواية باللغة الأمازيغية عنوانها «إكضاض ن ويهران»، إلى جانب العديد من المقالات في مجلات وطنية ودولية.

وقد أنجزنا معه هذا الحوار للتعرف على العوالم السرية للكتاب بالأمازيغية، وكشف طرق تفاعلهم مع عذابات الكتابة ولذاتها. ونظن، حسب معلوماتنا، أن هذا الجانب الخفي في عالم الكتاب الأمازيغ، لم يتم الحديث عنه من قبل، ولا شك أن الأمر سيكون مبهرا ومدهشا، كلما أغرق الكاتب في وصف التفاصيل الصغيرة التي أنتج في سياقها نصوصا قرأناها بلذة ومتعة، وتساءلنا لحظتها: «من أين جاء كل هذا».

وقد بدأنا معه هذا الحوار بالسؤال الآتي:

حدثنا عن منجزك الأدبي.

يتلخص منجزي الأدبي في رواية تحمل عنوان «إكضاض ن ويهران»، نشرت سنة 2009، وقصائد شعرية لم تنشر بعد. وكتب خارج الأدب.

ما هي قصة انخراطك في الكتابة. كيف جئت إليها؟

كأغلب الذين يكتبون بالأمازيغية، كان الهم النضالي هو الدافع الأساس للكتابة بالأمازيغية، للمساهمة في انتقال اللغة الأمازيغية من طابعها الذي يغلب عليه الأدب الشفوي إلى مرحلة الأدب المكتوب. وهذا ما يفسر كون الطفرة النوعية التي عرفتها الكتابة بالأمازيغية تزامنت وظهور وعي هوياتي أمازيغي، تمثل أساسا في تأسيس العديد من الجمعيات الأمازيغية منذ أواخر الستينيات من القرن الماضي. في أكادير، حيث ولدت وكبرت، كانت اللقاءات الأسبوعية المنظمة بدار الشباب الحي الحسني بأكادير، من طرف جمعية تاماينوت خلال التسعينيات من القرن الماضي، دافعا للعديد من الشباب الجامعي لمحاولة الكتابة بالأمازيغية. وكان الهدف آنذاك الوصول إلى مائة كاتب بالأمازيغية. وهذه الدينامية هي التي أعطت فيما بعد، أي في سنة 2010، تأسيس رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية، والتي تمكنت في ظرف وجيز من نشر 113 كتابا بالأمازيغية.

ماذا عن ظروف كتابة ونشر نصك الأول؟

هذه الظروف مرتبطة بما تحدثت عنه في السابق، خاصة بعد صدور جريدة تاسافوت من طرف جمعية تاماينوت (الجمعية الجديدة للثقافة والفنون الشعبية آنذاك)، وكانت تنشر نصوص أعضاء الجمعية، وهو ما دفعني لكتابة أول نص لي بالأمازيغية، ربما في العدد الثالث أو الرابع، وكان حول «حق الطفل في لغته الأم». ولكم أن تتصوروا تأثير ذلك في نفسية شاب يرى اسمه على صفحات جريدة.

لابد أن الأمر سيكون مدهشا. إنها ولادة الكاتب. لهاذا أسألك عن مفهومك للأدب؟

الأدب إبداع صادر عن العقل و القلب، يحمل خطابا يرتكز أساسا على الجمالية في مستويات عدة، هدفه إمتاع القارئ.

طرح سؤال «لماذا تكتب؟» على كثير من الكتاب، وكل منهم أجاب إجابة مختلفة. ماذا عنك، لماذا تكتب؟

في البداية أكتب لأنني مناضل من أجل لغتي، وفيما بعد بدأت أحس بأنني أكتب استجابة لرغبة داخلية تدفعني للكتابة.

هل تمارس طقوسا، قبل وأثناء الكتابة؟

لا أقرر وقت الكتابة، بل هي التي تفرض نفسها علي، وبالتالي لا تترك لي وقتا لممارسة طقوس ما.

وهل تمارس نقدا على نصوصك؟ هل تنفصل عنها لتقرأها بوصفك ناقدا لا مبدعا؟

لا. بمجرد أن ينشر نصي لم يعد ملكي.

ما هي الفترة الزمنية التي استغرقتها كتابة روايتك «إكضاض ن ويهران»؟

استغرقت تقريبا سنة كاملة.

ماذا تقرأ حتى ترفع من القيمة الأدبية لكتاباتك؟

أعمل قدر الإمكان على قراءة بعض النصوص الأدبية في اللغات الأخرى، كالخبز الحافي لمحمد شكري، وروايات أحمد التوفيق، وسيرة حمار لحسن أوريد، أو بالفرنسية كمحمد خير الدين. وهي كلها روايات وإن كانت مكتوبة بلغات غير الأمازيغية إلا أن فضاءاتها و شخصياتها و مخيالها أمازيغي.

لننتقل إلى عالم النشر والتوزيع. ما عدد النسخ المطبوعة الرواية؟ وما هو حجم المبيعات؟

طبعت منها ألف نسخة، وبيع منها أكثر من النصف، حوالي 600 نسخة بما أنني لم أعد أراها في رفوف المكتبات وأحتفظ بالباقي.

هل حصلت على أي تعويض مادي منها ؟ وهل يمكنك ذكر التفاصيل؟

إلى حدود اليوم لم أطلب من أي مكتبة أداء ما بذمتها، وهذا مشكل آخر يعاني منه الكتاب بالأمازيغية الذين يتكفلون بتوزيع إصداراتهم، أمام غياب دور نشر حقيقية تهتم بالإصدار الأمازيغي.

لمن تقرأ من الكتاب الأمازيغ؟

أحاول قدر المستطاع أن أقرأ كل ما يصدر بالأمازيغية، خاصة الروايات والقصص، وهنا لابد أن أشير لبعض الكتاب كمحمد أكوناض، ولحسن زهور، ومحمد أوسوس، وإبراهيم العسري.

هل ثمة نصوصا نقدية منشورة اعتمدت إبداعك متنا للدراسة؟

نعم، خاصة بعض الدراسات في إطار إعداد بحوث نيل شهادة الإجازة أو الماستر، وبعض المقالات المنشورة في كتب متخصصة في الثقافة الأمازيغية.

بمن تأثرت إبداعيا؟

تأثرت بالذين قرأت لهم، كل بمقداره. وأحاول أن تكون لي شخصية متميزة على مستوى الكتابة.

لماذا اخترت الرواية ولم تختر أجناسا أدبية أخرى؟

اخترت الرواية بتأثير من «رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية»، التي تشجع الإبداع بالأمازيغية في الأجناس الأدبية الجديدة، والتي لم تكن معروفة سابقا.

ما السؤال الذي تود لو يطرح عليك؟

الحديث عن آفاق الكتابة بالأمازيغية.

هلا أجبت عنه؟

تعرف الأمازيغية طفرة نوعية على مستوى الكتابة، وفي مختلف الأجناس الأدبية، مما خلق تراكما يزداد أهمية يوما بعد يوم. لكن هذا التراكم لايعني دائما الجودة في مختلف المستويات المرتبطة بالكتاب، وهو ما يفرض ضرورة التأسيس لنقد أدبي للمنتوج الإبداعي الأمازيغي، في أفق تطويره. وهذا الأفق مرتبط أيضا بالقارئ، ومايرتبط به من إشكالات التوزيع والتلقي.

في جملة واحدة، ماذا تعني لك المرأة؟

المرأة: نصف المجتمع.
والجنس معبرا عنه في الإبداع: مثله مثل باقي المواضيع.
والموت: مستويات مختلفة.
والدين: ممارسة ثقافية.
واللغة العربية: منظومة لسنية ككل اللغات.

حاوره: مبارك أباعزي

شاهد أيضاً

الحسن زهور: النقد الأمازيغي ما يزال في طور التأسيس ويأخذ طريقه نحو الإنتاج والكتابة

من الجنوب الشرقي للمملكة، إلى جامعة القاضي عياض بمراكش حيث نال شهادة الإجازة في الأدب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *