تقودني الأمازيغية إلى القول بأن الممارسة اللغوية الحديثة لدى اﻷمازيغ، في الأدب والفكر والصحافة والسينما، ستظل ظرفية وعمياء إن هي لم تتفرغ لما هو نظري وفكري، أو إن هي لم تقتحم أسوار الممنوع في تناول وضعية الأمازيغية اليوم. وما يمكن أن يساعد على التفكير هو الانطلاق من الأمازيغية المعيارية الحديثة. وأنا، هنا، أتكلم من مكان الصحفي والسينمائي لا من مكان اللغوي.
هذه الأمازيغية المعيارية الحديثة هي منطلقي الذي أرى من خلاله بداية الحديث لا عن تيسير الأمازيغية، كما يقال، بل عن تحديثها، أو عن العلاقة بين الأمازيغية الثقافية والعاميات، أو بين الأمازيغية واللغات الحية اﻷخرى بما فيها لغات العلوم.
يوفر لنا تاريخ التفكير الحديث في الأمازيغية كتابات ومواقف حيث يرجع الفضل الباحثين في الثقافة واللغة اﻷمازيغيتين بالمعهد الملكي للثقافة اﻷمازيغية وفي الجامعات المغربية بكل بقاع المملكة. إلا أنه ليس منطقي أن نأخذ بطرح الذين أحدثوا دجة في المجتمع الثقافي، مثل الدعوة إلى العامية في التعليم والثقافة أو اعتماد الحرف اللاتيني في الكتابة. ونكاد نرى عودة هذه الكتابات والمواقف إلى الساحات السياسية والثقافية كما لو لم تطرح من قبل في مكان آخر. وهو ما يتسبّب في تبذير الوقت. ولا تكاد تتوقف الدعوات إلى تيسير قواعد النحو والصرف، دون أن تؤدي إلى تبني موقف شجاع. وأول ما يسم الموقف الشجاع هو، برأيي، اعتماد الأمازيغية المعيارية الحديثة في الملاحظة والعمل واستخلاص لغة المستقبل.
معنى ذلك أن اختيار تحديث الأمازيغية يصعب أن يتحقق في ضوء مواقف ماضوية من اللغة ومن قيمها. هنا يكون الحفر النظري ذا أولوية في التناول. فمشكل الأمازيغية فكري، ولا حل له إلا باعتماد النظري. ثم إن البحث عن الحلول العملية سيصبح ممكناً عندما يتم الاعتراف بالأمازيغية المعيارية الحديثة كمتن لغوي صالح ليكون منطلقاً نحو بناء أمازيغية المستقبل.