“اللغة الأمازيغية بالمغرب: تحديات البقاء ومخاطر الانقراض بعد إحصاء 2024”

مليكة بوطالب

تقف اليوم اللغة الأمازيغية بالمغرب، باعتبارها ركيزة أساسية في تكوين الهوية الوطنية المغربية، أمام تحدٍ كبير بعدما كشفت نتائج إحصاء سنة 2024 أن نسبة الناطقين بها لم تتجاوز 25%. هذه النسبة، التي تبدو صادمة، تثير تساؤلات جوهرية حول المنهجية التي تم اعتمادها ومدى ارتباطها بالواقع السوسيولغوي المغربي.

وفقًا لتصريحات الفاعل الحقوقي الأمازيغي أحمد أرحموش، فإن هذه النتائج تفتقر إلى الأسس العلمية المعتمدة عالميًا، حيث وصفها بأنها “مجرد رقم انطباعي” ناتج عن عينة غير شاملة ومحدودة تمثل 20% فقط من السكان. ويرى أن الإحصاء يعكس قراءة جزئية للواقع ويغفل التوزيع الجغرافي والاجتماعي للناطقين بالأمازيغية، مما يؤثر على مصداقية الأرقام المعلنة.

هذا التراجع المعلن عن نسبة الناطقين بالأمازيغية من 72.3% في سنة 1994 إلى 25% في سنة 2024، يمثل انخفاضًا بنحو 47.3% خلال ثلاثين عامًا. بالنسبة لأرحموش، فإن هذا الرقم يرسل إشارة تحذيرية مفادها أن الأمازيغية في طور الانقراض. ويضيف أن السياسات المتبعة لدعم اللغة الأمازيغية، بما في ذلك ما يُعلن عنه من أعداد المتعلمين للأمازيغية، تبقى رمزية وغير فعّالة في مواجهة هذا التراجع.

في موازاة ذلك، شهدت منصات التواصل الاجتماعي نقاشًا واسعًا، حيث عبر الناطقون بالأمازيغية عن استغرابهم واستنكارهم لنتائج الإحصاء عبر هاشتاغ #أنا_مغربي_ناطق_بالأمازيغية_لم_يطرح_عليا_سؤال_اللغة_وكيفاش_جاءت_نتيجة_الإحصاء_25بالمائة. هذا الحراك الرقمي يعبر عن واقع مختلف عن الأرقام المعلنة، حيث أكد العديد أن الأمازيغية لا تزال لغة يومية في العديد من المناطق المغربية، وأنها تعيش عبر الأجيال بشكل حيوي.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا يتعلق بتأثير هذه الأرقام على السياسات اللغوية والثقافية. هل ستؤدي هذه النتائج إلى تقويض الجهود المبذولة لتعزيز اللغة الأمازيغية في التعليم والإعلام والإدارة؟ وهل ستتحول الأمازيغية إلى لغة رمزية بدل أن تبقى لغة حية تمثل هوية وثقافة جزء كبير من المغاربة؟

المطلوب اليوم هو مراجعة منهجية الإحصاءات الوطنية المتعلقة باللغة، لضمان دقتها وشموليتها. كما أن التحدي الحقيقي يكمن في ترجمة الاعتراف الدستوري بالأمازيغية إلى سياسات فعلية تدعم تعليمها، وتشجع استخدامها في الفضاء العام، وتحميها من التهميش، فقط من خلال هذه الإجراءات يمكن أن تحافظ الأمازيغية على مكانتها في المشهد اللغوي والثقافي المغربي.

اقرأ أيضا

الإحصاء العام: استمرار التلاعب بالمعطيات حول الأمازيغية

أكد التجمع العالمي الأمازيغي، أن أرقام المندوبية تفتقر إلى الأسس العلمية، ولا تعكس الخريطة اللغوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *