بعد الدستور المغربي الجديد سنة 2011، والذي نص في مادته الخامسة، على أن اللغة الأمازيغية لغة رسمية بجانب العربية، إعتمدت مؤسسات تابعة للدولة وأخرى خاصة، اللغة الأمازيغية بجانب اللغة العربية وأحيانا اللغة الفرنسية في واجهات مبانيها.
هذا الاعتماد على اللغة الأمازيغية في يافطات المؤسسات، وَلَّد للأمازيغ ما أسموه “الإستهتار باللغة الأمازيغية”، بسبب الأخطاء الشائعة في كتابة الأمازيغية؛ فما هي الأسباب وراء هذه الأخطاء ومن يقف وراءها؟ أسئلة وأخرى تحاول جريدة “العالم الأمازيغي” الإجابة عليها عبر تصريحات بعض النشطاء والباحثين في ذات الموضوع.
يعتقد عبد الواحد درويش أن الأخطاء التي تكتب بها أسماء المؤسسات العمومية باللغة الأمازيغية تعود بالدرجة الأولى إلى “الاستهتار والتحقير الذي يتم التعامل بهما مع ما تم تحقيقه من مكتسبات حقوقية أمازيغية، على قلتها، وذلك من قبل مسؤولين في قطاعات حكومية عريضة مازالوا يرفضون فعليا الإعتراف الدستوري باللغة الأمازيغية كلغة رسمية”.
وحَمَّل عبد الواحد درويش مستشار عام بالبرلمان وناشط أمازيغي، جزءا من المسؤولية في الأخطاء الشائعة التي تعرفها الكتابة باللغة الأمازيغية، للمعهد الملكي للثقافة الامازيغية، بحيث يضيف درويش “أن مصدر العديد من هذه الأخطاء هو المعهد نفسه والذي يبدو أن بعض ‘الباحثين’ الذي تم توظيفهم بالمعهد لا تجمعهم بالامازيغية غير ما يتلقونه من رواتب في أخر الشهر”.
ووجه درويش الحركة الأمازيغية على ضرورة “تشكيل لجنة للتتبع واستجماع كل هذه الخروقات والتجاوزات التي أصبحت الآن وسيلة لضرب المكتسبات الأمازيغية القليلة بطريقة مستفزة وعنصرية، حيث يمكن أن يشكل دليلا ماديا للجرائم التي تطال الحقوق الأمازيغية بالمغرب”.
فيما ميز لحسن أمقران فاعل أمازيغي بخصوص الأخطاء التي يمكن رصدها بكثرة في يافطات المؤسسات العمومية، بين صنفين، منها أخطاء في الترجمة وهي مستويين، أولهما يكون بدافع الخوض الذي يفسر بالاجتهاد وفيه تكون النية حسنة رغم الرغبة في الانتصار للهجة محلية عوض التقعيد، والمستوى الثاني وهو الخطير، إذ نجد فيه إدراجا فلكلوريا لحروف تيفيناغ لا غير، فتكون بلا معنى اطلاقا، او رسما للغة اخرى بتيفيناغ، وهذا بنية ماكرة وخلفية ايديولوجية مريضة.
وأردف الناشط الأمازيغي أمقران بخصوص الصنف الثاني الذي يهم بالأساس أخطاء املائية سببه عدم الالمام بالقواعد الاملائية للغة الأمازيغية وهو الأكثر شيوعا؛ مضيفا أن كل هذه الأخطاء “نحمل الدولة مسؤوليتها لأنها التي يفترض ان تشرف على إدراج حقيقي ومسؤول للغة رسمها الدستور والا تقف مكتوفة اليد تتفرج على جيوب مقاومة التعدد والتنوع يعدمون الأمازيغية”.
وأضاف الناشط “على الدولة ان تكون حازمة وان تشرف هيئات عليا على عملية ادراج اللغة في الهوية البصرية بشكل جدي ومسؤول. فالمسؤولون محليا، اقليميا، وجهويا ينتصرون لأجنداتهم السياسية، ولتكوينهم الشخصي الذي قد يعادي -أحيانا كثيرة- كل شيء يشتم منه رائحة الامازيغية. ونحن نضع انفسنا وخبرتنا رهن إشارة هذه المؤسسات كفعاليات مهتمة، وإن كنا في ذات الوقت نتساءل ما فائدة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية إذا عجز عن توفير الترجمة لمؤسسات الدولة؟؟؟”.
ومن جهته استبعد لحسن ابن العزيز أن تكون هذه الأخطاء متعمدة أو عن سوء نية أو تنقيصا من قيمة هذه اللغة العريقة، التي أتى بها الدسور الجديد للملكة المغربية، بقدر ما هي ناتجة عن الجهل بحروف كتابتها التي لا يتقنعا الا القلة القليلة.
وأضاف لحسن ابن العزيز الباحث في الفقه الإسلامي أن بعض الفاعلين في هذا المجال “يدعون اتقانهم لكيفية كتابتها بتيفيناغ مما يجعل البعض يلجأ اليهم لكتابة الاعلانات واللوحات لهم فيرتكبون مثل هذه الاخطاء. وهي أخطاء لا يمكن للذي طلب الكتابة أن يكتشفها لجهله بها أصلا، حتى ينبههم من لهم دراية جيدة بذلك”.
واسترسل الباحث حديثه أنه لا ينبغي نفي وجود “مجموعة من المؤسسات الرسمية والدينية بالخصوص قد كتبت على لوحاتها اسم المؤسسة بالامازيغية دون أخطاء، ومنها من تراسل مؤسسة مختصة في هذا الباب والمتمثلة في المعهد الملكي للثقافة الامازيغية لترجمة اللوحات لهم”.
وخلص الباحث في الفقه الإسلامي لحسن ابن العزيز أنه لا ينبغي النظر الى مثل هذه الأخطاء على أنها شيء متعمد ويراد به السوء “إذ حتى اللغة العربية مازالت الأخطاء في كتابتها بل والتحدث بها شائعا، وهذا أمر عادي يمكن تجاوزه بالعلم والدراسة”، مشيرا أن المغاربة قالوا كلمتهم في الدستور بلا مزايدات، وكل خروج عن مضمون وروح الدستور فهو تغريد خارج السرب وخروج عن التوافق والاجماع الوطني.
ونذكر أننا حاولنا مرارا وتكرارا الإتصال بالموظفين بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، للإدلاء برأيهم في ذات الموضوع، ومنهم “محمد صلو و ابو القاسم الخطير ‘افولاي’، ولم يستجب احد منهم سواءا للمكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية.
أمضال أمازيغ: حميد أيت علي “أفرزيز”