المحامية والفاعلة الجمعوية عائشة ألحيان لـ «العالم الأمازيغي»: يجب استحضار أهمية الحقوق اللغوية و الثقافية في رفع الحيف والظلم على المرأة الامازيغية
قالت عائشة ألحيان أنه «هناك عدة مكتسبات حققتها النساء خلال السنوات الأخيرة، ولكن وللأسف فهذه المكتسبات رغم أهميتها فإنها لم تسعف في تحسين وضعية المرأة المغربية و ضمان تمتعها بكامل حقوقها الإنسانية، فالهشاشة والفقر والأمية مازالت متفشية أكثر في صفوف النساء وكذلك البطالة حيث سجلت أعلى نسبة في صفوفهن 14./ . مقابل 8,4 ./ . عند الرجال»، وأضافت بأن «الآمال كانت معلقة على مدونة الاسرة في إحداث التغيير وتحسين وضعية النساء المغربيات لكن تطبيقها على مدى 15 سنة أفرز عدة نواقص سواء على مستوى النص أو التطبيق والتي عمقت معانات النساء» وعن قانون 103-13 الخاص بمحاربة العنف ضد النساء، فعبرت أليحان عن أسفها لكون هذا القانون «كان مخيبا لآمالنا ، لأننا كنا نطالب بقانون شامل لمناهظة العنف لا يقتصر على الجانب الزجري فقط و لكن يتضمن كذلك تدابير الوقاية و الحماية و التكفل بضحايا العنف حتى يكون قادرا على التصدي للظاهرة ، و غياب هذه المقاربات الأربعة يجعل من القانون 103_13 مجرد تعديلات طفيفة على القانون الجنائي و المسطرة الجنائية»
حاورتها رشيدة إمرزيك
أستاذة عائشة بعد مرور 15 سنة على تطبيق مدونة الأسرة، كيف ترين واقع المرأة المغربية بشكل عام، وما تقييمك لنتائج التي حققتها مدونة الأسرة على أرض الواقع؟ وهل ترين أن نتائجها تعكس ماكان مأمولا تحقيقه منه؟
** إذا حاولنا تقييم واقع المرأة المغربية من خلال المكاسب التي حققتها خلال السنوات الأخيرة فيمكن الوقوف على واقع معياري مهم حيث خضعت مجموعة من القوانين ذات الصلة بحقوق النساء لتغييرات ومراجعات كقانون الاسرة وقانون الجنسية وقانون الشغل وتعزز هذا المسار بدستور 2011 الذي أعطى مساحة مهمة للمساواة بين الجنسين، لكن للأسف فهذه المكتسبات رغم أهميتها فإنها لم تسعف في تحسين وضعية المرأة المغربية و ضمان تمتعها بكامل حقوقها الإنسانية، فالهشاشة والفقر والأمية مازالت متفشية أكثر في صفوف النساء وكذلك البطالة حيث سجلت أعلى نسبة في صفوفهن 14./ . مقابل 8,4 ./ . عند الرجال ، اضافة الى استمرار التمييز ضدهن في الولوج للملكيةو القروض و مواقع القرار ، وهدا الواقع هو ما جعل المغرب يتذيل الترتيب العالمي على مستوى الفجوة بين الجنسين حيث صنف في المرتبة 137 من ضمن 149 بلدا.
وقد كانت الآمال معلقة على مدونة الاسرة في إحداث التغيير وتحسين وضعية النساء المغربيات لكن تطبيقها على مدى 15 سنة أفرز عدة نواقص سواء على مستوى النص أو التطبيق عمقت معانات النساء وخاصة فيما يتعلق بالنفقة و سكنى الابناء و الحضانة التي لم يضع القانون ضوابط و لا معايير لتحديدها كما أن المادة التى تؤطر اقتسام الممتلكات لم تفعل بالشكل الذي يضمن للنساء حقهن في الثروات التي ساهمن إنشائها، اضافة الى ان المدونة تتضمن مقتضيات تمييزية كالإذن بزواج القاصرات الذي يشكل انتهاكا جسيما لحقوقهن و اغتصابا لطفولتهن و يؤدي إلى استدامة الأمية و الهشاشة في صفوف النساء ، كذلك حصر الولاية على الابناء على الأب وحده دون الام يتناقض ومفهوم الرعاية المشتركة المنصوص عليها في المادة الرابعة من المدونة، كما أن السماح بتعدد الزوجات فيه انتقاص من كرامة المرأة، و أن إبقاء القانون على هذه المقتضيات التمييزية يضفي عليها طابع الشرعية.
لذلك أطلقنا في اتحاد العمل النسائي السنة الماضية في فبراير 2018 الحملة التانية للتغيير الشامل والعميق لمدونة الاسرة في كل مقتضياتها قصد ملاءمتها مع الدستور و الاتفاقيات الدولية و ضمان المساواة الفعلية بين النساء و الرجال بما يقتضيه ذلك من إلغاء زواج القاصرين و التعدد و المساواة بين الأم و الأب في الولاية الشرعية على ابنائهما و ضمان حق الزوجات في الثروة المكتسبة خلال فترة الزواج ، و كل ذلك لما لقانون الاسرة من أهمية بالغة في تحديد وضعية كل من المرأة و الرجل داخل الاسرة و تأثير ذلك على أدوارهما في المجتمع، إضافة إلى تأخير إخراج هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، للوجود حتى تقوم بمهامها في مناهضة كل مظاهر التمييز ضد النساء و النهوض بحقوقهن.
* العديد من المهتمين بقضية المرأة اعتبروا دستور 2011 انتصارا للمرأة على أكثر من صعيد، إلى أي حد يبقى هذا الرأي صحيحا في نظرك؟
** دستور 2011 هو مكسب مهم للمغاربة جميعا وللنساء خاصة حيث نص على المساواة التامة بين النساء والرجال في كل الحقوق وأرسى لحمايتها والنهوض بها هيئة المناصفة، كما نص عل حضر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس … وعلى سمو الاتفاقيات الدولية المصادق عليها على القوانين الوطنية ودور السلطات العمومية في توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحريات المواطنين والمواطنات والمساواة بينهم، لكن رغم أهمية هذه المقتضيات فإن ملائمة القوانين معها و مع الاتفاقيات الدولية مازال ورشا معطلا مما يعيق استفادة النساء من كل هذه الحقوق.
* في السنوات الأخيرة عرفت الترسانة القانونية الخاصة بتوفير الحماية للنساء تطورا مهما خاصة بعد صدور عدة قوانين توفر الحماية للمرأة كالقانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والتحرش الجنسي، في نظرك أستاذة عائشة إلى أي حد يتم تطبيق هذه القوانين؟ وماهي النتائج التي حققتنها على ارض الواقع؟
** بالنسبة لقانون 103-13 الذي سمي بقانون محاربة العنف ضد النساء فانه كان مخيبا لآمالنا ، لأننا كنا نطالب بقانون شامل لمناهظة العنف لا يقتصر على الجانب الزجري فقط و لكن يتضمن كذلك تدابير الوقاية و الحماية و التكفل بضحايا العنف حتى يكون قادرا على التصدي للظاهرة ، و غياب هذه المقاربات الأربعة يجعل من القانون 103_13 مجرد تعديلات طفيفة على القانون الجنائي و المسطرة الجنائية و أكيد أن تطبيقه ستعترضه العديد من الإشكالات لغياب تعريفات دقيقة لبعض محتوياته ، وغياب آليات لإعمال تدابير الحماية و ضمان احترامها ، و كذلك لكونه لا يوفر التدخل الفوري بمجرد وقوع العنف و هو ما تطلبه غالبا الضحايا، إضافة إلى مشكل الإثبات الذي سيحول دون انتصاف الضحايا و سيؤدي إلي إفلات الجناة من العقاب
* ما هو موقع المرأة الامازيغية من كل هذه المتغيرات التي عرفها المغرب ؟ و هل يتم استحضار التمييز المبني على اللغة عند الترافع من أجل مناهضة التمييز ضد النساء ؟
** المرأة الامازيغية تعاني من عنف مضاعف، فبالإضافة لكل مظاهر التمييز التي سبق الحديث عنها فإنها تعاني من التمييز على أساس اللغة، في ظل التماطل في إخراج القانون التنظيمي لتفعليل رسمية اللغة الامازيغية، مما يعطل حقها في الولوج المتساوي للخدمات والمرافق العمومية بلغتها الأصلية، ويزيد من هشاشتها وفقرها واميتها، وأكثر من ذلك، فإن هذا التمييز تزكيه وتشرعنه مجموعة من القوانين الوطنية التي مازالت تنص على العربية كلغة وحيدة للإدارة والقضاء والتعليم ضدا على مستجدات الدستور.
لذلك فان التفعيل السليم للدستور والوفاء بالتزامات المغرب الدولية تقتضي الغاء كل مظاهر التمييز ضد النساء سواء المبنية على الجنس او اللغة والثقافة او الدين او غيرها وإرساء مساواة حقيقية فعلية تضمن الوصول المتكافئ للنساء والرجال للموارد والثروة ليساهما معا في تنمية البلاد والاستفادة معا من نتائج هذه التنمية، وأن أي نضال أو ترافع من أجل القضاء على التمييز ضد النساء يجب ان يستحضر الحقوق اللغوية و الثقافية و أهميتها في رفع الحيف والظلم على المرأة الامازيغية.