المحامي الأمازيغي إدبلقاسم: العالم لا يتذكر الشعوب الأصلية إلا من أجل تهجيرها ونزع أراضيها والسيطرة على غاباتها ومواردها

قال حسن إدبلقاسم، الخبير ورئيس سابق للجنة التنسيق الأممية الخاصة بالشعوب الأصلية بإفريقيا، إن “الكثير من الدول الإفريقية والعالم لا تذكر الشعوب الأصلية إلا من أجل تهجيرها أو نزع أراضيها والسيطرة على غاباتها ومواردها لتسهيل عملية الاستغلال للشركات المتعددة الجنسيات وانجاز مشاريع كبيرة بدون احترام الموافقة الحرة المسبقة والمستنيرة للشعوب الأصلية”.

وأضاف المحامي والفاعل الأمازيغي الذي كان يتحدث باسم إفريقيا في مقر منظمة اليونسكو، الاثنين، في سياق الاحتفال -المنظم تحت شعار “أهمية لغات الشعوب الأصلية من أجل بلوغ التنمية المستدامة وبناء السلام وتحقيق المصالحة”، أن “حماية لغات الشعوب الأصلية تستلزم الاعتراف الدستوري في جميع دساتير العالم حيث توجد الشعوب الأصلية مع الاعتراف بها وبوجدها ولغاتها الرسمية”، مشيرا إلى أن “الأمم المتحدة قدمت أكبر خدمة للبشرية، باعتمادها إعلان حقوق الشعوب الأصلية، ولو بعد 60 سنة من اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

وأكد إدبلقاسم أن في مداخلته أن “الاستجابة للمعاير الواردة في الإعلانين معا لا تزال تعاني من عرقلة السياسات الاستيعابية لأغلب دول العالم وأغلب الدول الإفريقية”، مشدّدا على أن “الاعتراف الرمزي في القوانين والدساتير وحتى في الدول التي تم الاعتراف فيها رغم أنها خطوة كبيرة فإنه لا يكفي، إذ لابد من تخصيص الميزانيات والموارد البشرية الضرورية لتفعيل الاعتراف الرمزي في الإعلانات على المستوى الدولي وبالدساتير والقوانين على المستوى الوطني لكل دولة”، مؤكدا في ذات السياق أن “الكثير من الدول تبرز كأسباب لعدم قيامها بواجباتها في هذا المجال، كون إدماج لغات الشعوب الأصلية يستلزم نفقات كبيرة، والحال أن أراضي الشعوب الأصلية وأقاليمها هي أكثر غنا بالموارد والثروات الطبيعية والمعدنية”.

واستطرد المتحدث :”ورغم أن أغلب دول العالم التزمت رسميا بمقتضيات قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، المعتمد للوثيقة النهائية الصادرة عن مؤتمر القمة العالمية المعني بحقوق الشعوب الأصلية سنة 2014 وصادقت على اتفاق باريس حول التغيرات المناخية الذي يعترف بحقوق الشعوب الأصلية، إلا أن أغلبها إفريقيا ودوليا لا يزال يفضل الاستمرار لتعميق السياسات الاستيعابية واستعمال جميع الوسائل للسيطرة على أراضيها وترواثها في أفق شعار واحد المزيد من احتكار السلطات والثورات والقيم”.

وأبرز الخبير الأمازيغي في قضايا الشعوب الأصلية، حسن إدبلقاسم أن “نضال الحركة العالمية للشعوب الأصلية ومعها الحركة الحقوقية الدولية والحركة النسائية العالمية يتواصل من أجل إقناع الدول وحكوماتها بشعار مناقض تماما لشعارها، وهو شعار الشراكة في القيم والشراكة في الموارد والثورات والشراكة في السلطات وتقسيمها من أجل ضمان المستقبل الأفضل لكل البشرية وشعوبها لتجسيد حقيقي للجملة الأولى التي يبدأ بها ميثاق الأمم المتحدة”.

هذا وانطلقت فعاليات السنة الدولية للغات الشعوب الأصلية المخصصة للغات التي تعرضت للتهميش على مر التاريخ، والتي تنطق بها شعوب متعددة، ببرنامج ثري نظّمته منظمة اليونسكو بمقرها، على مدار يوم الاثنين 28 يناير الماضي. وستستمر فعاليات هذه السنة على مدار العام 2019 الجاري.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت سنة 2019 سنة دولية للغات للشعوب الأصلية، وأُسندت إلى اليونسكو مسؤولية تنظيم أنشطة هذا العام لتصبح بذلك الوكالة الرائدة في منظومة الأمم المتحدة بهذا الصدد. ويتمثل الهدف الرئيسي من هذا العام في التوعية بشأن المخاطر الكبيرة المحدقة بهذه اللغات، وكذلك لفت الانتباه لأهميتها باعتبارها وسيلة لنقل الثقافات والمعارف وسبل المعيشة عبر الأجيال.

وتضطلع لغات الشعوب الأصلية ـ حسب اليونسكو ـ بدور رئيسي في إطار تمكين مجتمعاتهم كي تكون قادرة على تحديد مصيرها بنفسها والمشاركة في الحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية في بلدانهم.

وتناولت المناقشات مجموعة من المواضيع مثل الانتفاع بالمعلومات بلغات الشعوب الأصلية، ودور الأوساط الأكاديمية ومنظمات القطاع العام وإسهامها في صون لغات الشعوب الأصلية، الوصول إلى لغات الشعوب الأصلية والترويج لها ودعمها، ودور هذه اللغات في تحقيق التنمية المستدامة وبناء السلام، وذلك للاحتفال بلغات الشعوب الأصلية من خلال أشكال التعبير الفني والإبداع.

و”سيحتفي العالم أجمع بلغات الشعوب الأصلية هذا العام بغية صون هذه اللغات وحمايتها، الأمر الذي يتطلب في العديد من الأحيان تحسين الظروف المعيشية للشعوب الأصلية، وتمكين مجتمعاتهم”.

وتهدف السنة الدولية للغات الشعوب الأصلية أيضاً إلى المساهمة في تحقيق أهداف الوثائق التقنينية الدولية المعنية بالشعوب الأصلية، ولا سيما إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (2006)، واتفاقية منظمة العمل الدولية المتعلقة بالشعوب الأصلية والقبلية (1989، رقم 169)، والوثيقة الختامية للمؤتمر العالمي المعني بالشعوب الأصلية (2014).

وتصبو السنة كذلك الأمر إلى النهوض بخطة العمل المعمول بها على نطاق منظومة الأمم المتحدة فيما يخص حقوق الشعوب الأصلية، وغيرها من أطر العمل ذات الصلة على الصعيدين الإقليمي والوطني، فضلاً عن تيسير عملية تنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030.

وتمثّل لغات الشعوب الأصلية أغلبية لغات العالم المقدر عددها بـ 7000 لغة. وهي “إناء ثقافي ومعرفي يجسّد قيم الشعوب وهويتها شأنها بذلك شأن اللغات الأخرى. ولا شكّ في أنّ اندثارها لخسارة بالنسبة للبشرية جمعاء، وطعنة في صميم المجتمعات التي لم تُمنح فرصة نقل لغتها الأم لأطفالها”. تورد منظمة اليونسكو
وتدعو اليونسكو الجماعات والأفراد المعنيين إلى الانضمام إلى حملة #لغات_الشعوب_الأصلية #Indigenouslanguages عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك من أجل تعزيز استخدام هذه اللغات والترويج لفعاليات السنة الدولية على نطاق أوسع.

*العالم الأمازيغي/ منتصر إثري

اقرأ أيضا

اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي

بمناسبة تخليد ذكرى عيد الاستقلال المجيد،وفي اطار برنامجها السنوي ،الجمعية المغربية للجيت سكي بأكادير المنضوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *