المحكمة الدستورية.. القانون التنظيمي للأمازيغية يتطابق والدستور وتأمر بنشره بالجريدة الرسمية

أكدت المحكمة الدستورية في قراراها الأخير رقم 97/19، أنه بعد فحصها لمواد القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، تبين لها أن لها طابع قانون تنظيمي وليس فيها ما يخالف الدستور، باستثناء ما يثيره بعضها، بخصوص اكتسائها طابع قانون تنظيمي أو مطابقتها للدستور”.

وأكدت المحكمة في قرارها الذي نشرته على موقعها الرسمي، أن المواد 1 (الفقرتان الثانية والأخيرة) و2 (البند الأول) و3 و5 و8 (الفقرة الأولى) و9 و13 و30 (الفقرتان الأولى والثالثة) و33، ليس فيها ما يخالف الدستور، مع مراعاة التفسير المتعلق بها.

وأوضحت المحكمة في هذا الصدد، أن الفقرة الأولى من المادة الأولى التي تنص على أنه “تطبيقا لأحكام الفقرة الرابعة من الفصل 5 من الدستور، يحدد هذا القانون التنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية للدولة، “لا تكتسي طابع قانون تنظيمي”.

وأشارت إلى كون ” المواضيع التي جعلها الدستور من مشمولات القانون التنظيمي المعروض، هي تلك التي تهم مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وحيث إن مضمون الفقرة الأولى المشار إليها، ليس سوى تذكير بأحكام الفقرة الرابعة من الفصل الخامس من الدستور، إذ لا يتضمن أي مقتضى يتعلق بمشمولات القانون التنظيمي السابق ذكرها، مما يجعل الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون التنظيمي المعروض لا تكتسي طابع قانون تنظيمي”. مشيرة إلى أن “باقي أحكام هذا القانون التنظيمي مطابقة للدستور”.

وقالت إن القانون التنظيمي المعروض عليها، حدد في أبوابه من الثالث إلى الثامن مجالات التشريع والتنظيم والعمل البرلماني، والإعلام والاتصال، والإبداع الثقافي والفني، والاستعمال بالإدارات وسائر المرافق العمومية، والفضاءات العمومية، والتقاضي، مجالات حياة عامة ذات أولوية”.

وأضافت أنه “يتبين من مضمون المجالات المشار إليها، أنها ثابتة الصلة بالغاية الدستورية من القانون التنظيمي المعروض، ومرتبطة بباقي مشمولات القانون التنظيمي، وأنها تتيح، متى تم إنفاذ أحكام القانون التنظيمي المتعلقة بها، كفالة الحقوق اللغوية والثقافية المترتبة عن إقرار الطابع الرسمي للأمازيغية، بمناسبة ممارسة الحريات والحقوق المنصوص عليها في الدستور، لاسيما تلك التي تمت كفالتها بمقتضى أحكام الفصول 25 و27 و28 و118 و120 من الدستور، أو بمناسبة الولوج إلى المرافق العمومية التي تنتظم وفقا للأسس المنصوص عليها في الفقرة الأولى من الفصل 154 من الدستور”.

وقالت المحكمة إن القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، المحال عليها، اتخذ في شكل قانون تنظيمي، جرى التداول في مشروعه بالمجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 26 سبتمبر2016، طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وأودع بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب بتاريخ 30 سبتمبر 2016، ولم يشرع في التداول فيه من قبل هذا المجلس، إلا بعد مضي عشرة أيام على إيداعه لدى مكتبه، ووافق عليه، في قراءة أولى، بالإجماع، في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 10 يونيو 2019، وبعد ذلك تداول فيه مجلس المستشارين، وأدخل تعديلات على بعض مواده، ووافق عليه بالأغلبية، في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 23 يوليو 2019، ثم صادق عليه مجلس النواب نهائيا، في قراءة ثانية، بإجماع أعضائه الحاضرين، في الجلسة العامة المنعقدة بتاريخ 26 يوليوز 2019″.

وأضافت :”وحيث إنه، تبعا لذلك، يكون شكل تقديم القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وإجراءات إعداده والتداول فيه والتصويت عليه، مطابقا لأحكام الفصلين 84 و85 من الدستور”.

وأمرت المحكمة الدستورية في هذا الصدد، بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى رئيس الحكومة، وبنشره بالجريدة الرسمية.

ويتكون القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، المعروض على نظر المحكمة الدستورية، من 35 مادة موزعة على عشرة أبواب، يتضمن الباب الأول منها أحكاما عامة (المادتان الأولى والثانية)، ويتعلق الباب الثاني بإدماج الأمازيغية في مجال التعليم (المواد 3-8)، والثالث بإدماج الأمازيغية في مجال التشريع والتنظيم والعمل البرلماني (المواد 9-11)، والرابع بإدماج الأمازيغية في مجال الإعلام والاتصال (المواد 12-17)، والخامس بإدماج الأمازيغية في مختلف مجالات الإبداع الثقافي والفني (المواد 18-20)، والسادس باستعمال الأمازيغية بالإدارات وسائر المرافق العمومية (المواد21-26)، والسابع بإدماج الأمازيغية في الفضاءات العمومية (المواد 27-29)، والثامن بإدماج الأمازيغية في مجال التقاضي (المادة 30)، والتاسع بمراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وآليات تتبعه (المواد 31-34)، والعاشر بأحكام ختامية (المادة 35).

●منتصر إثري

وهذا نص قرار المحكمة الدستورية كاملا:

المملكة المغربية              الحمد لله وحده،

المحكمة الدستورية

ملف عدد:  047/19

قرار رقم: 97/19 م.د

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

المحكمة الدستورية،

بعد اطلاعها على القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، المحال عليها بمقتضى رسالة السيد رئيس الحكومة، المسجلة بأمانتها العامة فـي 16 أغسطس 2019، وذلك من أجل البت في مطابقته للدستور؛

وبعد اطلاعها على مذكرتي ملاحظات السيد رئيس الحكومة وبعض السادة الأعضاء بمجلس النواب، المسجلتين بالأمانة العامة المذكورة بتاريخ 29 و30 أغسطس 2019؛

وبعد الاطلاع على باقي الوثائق المدرجة في الملف؛

وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)، لاسيما الفصل 132 منه؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)، لاسيما المادة 25 منه؛

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛

أولا – فيما يتعلق بالاختصاص:

حيث إن الفصل 132 من الدستور ينص في فقرته الثانية، على أن القوانين التنظيمية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، تحال إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور، مما تكون معه المحكمة المذكورة مختصة بالبت في مطابقة القانون التنظيمي المحال إليها للدستور؛

ثانيا- فيما يتعلق بالإجراءات الخاصة بإقرار القانون التنظيمي:

حيث إنه، يبين من الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف، أن القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، المحال إلى المحكمة الدستورية، اتخذ في شكل قانون تنظيمي، جرى التداول في مشروعه بالمجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 26 سبتمبر2016، طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وأودع بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب بتاريخ 30 سبتمبر 2016، ولم يشرع في التداول فيه من قبل هذا المجلس، إلا بعد مضي عشرة أيام على إيداعه لدى مكتبه، ووافق عليه، في قراءة أولى، بالإجماع، في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 10 يونيو 2019، وبعد ذلك تداول فيه مجلس المستشارين، وأدخل تعديلات على بعض مواده، ووافق عليه بالأغلبية، في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 23 يوليو 2019، ثم صادق عليه مجلس النواب نهائيا، في قراءة ثانية، بإجماع أعضائه الحاضرين، في الجلسة العامة المنعقدة بتاريخ 26 يوليو 2019؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، يكون شكل تقديم القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وإجراءات إعداده والتداول فيه والتصويت عليه، مطابقا لأحكام الفصلين 84 و85 من الدستور؛

ثالثا- فيما يتعلق بالموضوع:

حيث إن القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، المعروض على نظر المحكمة الدستورية، يتكون من 35 مادة موزعة على عشرة أبواب، يتضمن الباب الأول منها أحكاما عامة (المادتان الأولى والثانية)، ويتعلق الباب الثاني بإدماج الأمازيغية في مجال التعليم (المواد 3-8)، والثالث بإدماج الأمازيغية في مجال التشريع والتنظيم والعمل البرلماني (المواد 9-11)، والرابع بإدماج الأمازيغية في مجال الإعلام والاتصال (المواد 12-17)، والخامس بإدماج الأمازيغية في مختلف مجالات الإبداع الثقافي والفني (المواد 18-20)، والسادس باستعمال الأمازيغية بالإدارات وسائر المرافق العمومية (المواد21-26)، والسابع بإدماج الأمازيغية في الفضاءات العمومية (المواد 27-29)، والثامن بإدماج الأمازيغية في مجال التقاضي (المادة 30)، والتاسع بمراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وآليات تتبعه (المواد 31-34)، والعاشر بأحكام ختامية (المادة 35)؛

وحيث إن الفقرة الرابعة من الفصل الخامس من الدستور نصت، على أنه “يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية”؛

وحيث إن الدستور نص في الفقرة المذكورة، على إدماج اللغة الأمازيغية في مجال التعليم، وأسند إلى القانون التنظيمي تحديد سائر مجالات الحياة العامة الأخرى ذات الأولوية؛

وحيث إن تحديد كيفيات إدماج اللغة الأمازيغية، باعتباره من مشمولات القانون التنظيمي المذكور، طبقا للفقرة المشار إليها، يتوقف، في جانب منه، على تحديد مجالات الحياة العامة ذات الأولوية المعنية بهذا الإدماج؛

وحيث إن تحديد مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، يعود إلى السلطة التقديرية للمشرع، كما يؤول إليه ترتيبها، وملاءمتها مع التطورات المختلفة، وتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في كل مجال منها، والمفاضلة والترجيح بين البدائل المختلفة، والاختيار، تبعا لذلك، لنوعية الأحكام التي يرتئيها كفيلة بتحقيق الغاية الدستورية المناطة بالقانون التنظيمي المعروض والمتمثلة في تمكين اللغة الأمازيغية من “القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية”؛

وحيث إن القانون التنظيمي المعروض، حدد في أبوابه من الثالث إلى الثامن مجالات التشريع والتنظيم والعمل البرلماني، والإعلام والاتصال، والإبداع الثقافي والفني، والاستعمال بالإدارات وسائر المرافق العمومية، والفضاءات العمومية، والتقاضي، مجالات حياة عامة ذات أولوية؛

وحيث إنه، يتبين من مضمون المجالات المشار إليها، أنها ثابتة الصلة بالغاية الدستورية من القانون التنظيمي المعروض، ومرتبطة بباقي مشمولات القانون التنظيمي، وأنها تتيح، متى تم إنفاذ أحكام القانون التنظيمي المتعلقة بها، كفالة الحقوق اللغوية والثقافية المترتبة عن إقرار الطابع الرسمي للأمازيغية، بمناسبة ممارسة الحريات والحقوق المنصوص عليها في الدستور، لاسيما تلك التي تمت كفالتها بمقتضى أحكام الفصول 25 و27 و28 و118 و120 من الدستور، أو بمناسبة الولوج إلى المرافق العمومية التي تنتظم وفقا للأسس المنصوص عليها في الفقرة الأولى من الفصل 154 من الدستور؛

وحيث إنه، مع اعتبار ما تقدم، فإنه يبين من فحص مواد القانون التنظيمي المعروض، أن لها طابع قانون تنظيمي وليس فيها ما يخالف الدستور، باستثناء ما يثيره بعضها، بخصوص اكتسائها طابع قانون تنظيمي أو مطابقتها للدستور، وفق التفسير الآتي:

في شأن المادة الأولى (الفقرة الأولى):

حيث إن الفقرة الأولى من هذه المادة تنص على أنه “تطبيقا لأحكام الفقرة الرابعة من الفصل 5 من الدستور، يحدد هذا القانون التنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية للدولة”؛

وحيث إن المواضيع التي جعلها الدستور من مشمولات القانون التنظيمي المعروض، هي تلك التي تهم مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية؛

وحيث إن مضمون الفقرة الأولى المشار إليها، ليس سوى تذكير بأحكام الفقرة الرابعة من الفصل الخامس من الدستور، إذ لا يتضمن أي مقتضى يتعلق بمشمولات القانون التنظيمي السابق ذكرها، مما يجعل الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون التنظيمي المعروض لا تكتسي طابع قانون تنظيمي؛

في شأن المادة الأولى (الفقرتان الثانية والأخيرة):

حيث إن الفقرتين الثانية والأخيرة من المادة الأولى تنصان على أنه “…يقصد باللغة الأمازيغية في مدلول هذا القانون التنظيمي مختلف التعبيرات اللسانية الأمازيغية المتداولة بمختلف مناطق المغرب، وكذا المنتوج اللسني والمعجمي الأمازيغي الصادر عن المؤسسات والهيئات المختصة. ويعتمد حرف تيفيناغ لكتابة وقراءة اللغة الأمازيغية”؛

وحيث إن أحكام الفقرتين المذكورتين من المادة الأولى، ترتبط، من حيث موضوعها، ارتباطا عضويا ووثيقا بمشمولات القانون التنظيمي المعروض، إذ أن تحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها، وتحقيق الغاية الدستورية المراد بلوغها من سن القانون التنظيمي، يتوقفان، قبلا، على التحديد الإجرائي لمدلول اللغة الأمازيغية والحرف المعتمد لكتابتها وقراءتها؛

وحيث إن الفصل الخامس من الدستور نص في فقرته الثالثة على أنه “تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء”، وأنها من مقومات الهوية الوطنية الموحدة، كما جاء في التصدير؛

وحيث إن الفقرة الرابعة من الفصل الخامس المذكور، أسندت إلى قانون تنظيمي “تحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية”؛

وحيث إنه يستفاد، من مبادئ وأحكام الدستور المشار إليها، وانسجاما معها، أن الدستور استعمل، من جهة أولى، عند إقراره بالطابع الرسمي للغة الأمازيغية، صيغة المفرد لا الجمع، واعتبر اللغة الأمازيغية، من جهة ثانية، رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، مما يجعل حق استعمالها والتواصل بها، حقا شخصيا مكفولا للمواطنات وللمواطنين، دون استثناء أو تمييز أو تقييد بمنطقة جغرافية أو وضع معين، وأرسى، من جهة ثالثة، مبدأ تساوي اللغتين العربية والأمازيغية في طابعهما الرسمي، وميز، من جهة رابعة، بشكل واضح، بين مستوى من الالتزام يهم اللغة الأمازيغية الرسمية، يتمثل في تفعيل طابعها الرسمي وإدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية وحمايتها وتنميتها، وبين مستوى ثان من الالتزامات، نص عليه في الفقرة الخامسة من الفصل الخامس، يتعلق بحماية اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة بالمغرب؛

وحيث إنه، بالإضافة إلى ما تقدم، فإن التنصيص على “اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة بالمغرب” والمعنية بعمل الدولة على حمايتها، أتى في الفقرة الخامسة من الفصل الخامس من الدستور غير مقرون باللغة الأمازيغية وحدها؛

وحيث إن مدلول اللغة الأمازيغية المخول لها طابع الرسمية، والمعنية بمجال القانون التنظيمي المعروض، ينصرف إلى اللغة الأمازيغية المعيارية الموحدة، المكتوبة والمقروءة بحرف تيفيناغ، والمكونة من “المنتوج اللسني والمعجمي الأمازيغي الصادر عن المؤسسات والهيئات المختصة”، ومن مختلف التعبيرات الأمازيغية المحلية، بشكل متوازن ودون إقصاء، والتي لا تتخذ طابع المكونات اللغوية القائمة الذات، ولا تمثل بدائل عن اللغة الأمازيغية الرسمية، وإنما روافد تساعد على تشكيلها، على النحو المنصوص عليه في المادة الثانية (البند الثالث) من القانون التنظيمي المعروض؛

وحيث إنه، مع مراعاة هذا التفسير، فليس في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الأولى من القانون التنظيمي ما يخالف الدستور؛

في شأن المادتين 2 (البند الأول) و33:

حيث إن المادتين الثانية (البند الأول) و33 تنصان، بالتتابع، على أنه “تعمل الدولة بجميع الوسائل المتاحة على تعزيز التواصل باللغة الأمازيغية وتنمية استعمالها في مختلف مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، باعتبارها لغة رسمية للدولة ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، وذلك من خلال: – تحديد التوجهات العامة لسياسة الدولة في مجال تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، وحمايتها وتنميتها وإدماجها، بكيفية تدريجية، في مختلف مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، باقتراح من المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية المحدث بموجب الفصل 5 من الدستور”، وعلى أنه “يقدم المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية دعمه التقني لمختلف المؤسسات والهيئات والسلطات العمومية المعنية بتنفيذ أحكام هذا القانون التنظيمي، وكذا مساعدته اللازمة لتمكينها من الالتزام بهذه الأحكام، كل واحدة فيما يخصها، وذلك وفق الكيفيات المحددة بموجب اتفاقيات بين المجلس والجهة المعنية”؛

وحيث إنه، لئن كان الدستور أسند، بمقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل الخامس، إلى قانون تنظيمي تحديد صلاحيات المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وكيفيات سيره، فإن تنصيص القانون التنظيمي المعروض على صلاحيات مخولة للمجلس المذكور، يمليه ارتباط هذه الصلاحيات عضويا بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها، وهي مشمولات إلزامية للقانون التنظيمي موضوع نظر المحكمة الدستورية؛

وحيث إنه فضلا عما تقدم، فإن القانون التنظيمي المعروض، تقيد، في تحديده لصلاحيات المجلس الوطني للغة والثقافة المغربية، بمجال مهمة المجلس، والمتمثلة على وجه الخصوص، في حماية وتنمية اللغة الأمازيغية، وراعى ما تستلزمه الفقرة الخامسة من الفصل الخامس من الدستور، من تحديد صلاحيات المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، بموجب قانون تنظيمي، مما تكون معه المادتان الثانية (البند الأول) و33 مطابقتين للدستور؛

في شأن المادة 3 :

حيث إن هذه المادة تنص على أنه “يعد تعليم اللغة الأمازيغية حقا لجميع المغاربة بدون استثناء”؛

وحيث إنه، يستفاد من أحكام الفقرة الثالثة من الفصل الخامس من الدستور، أن إقرار الأمازيغية لغة رسمية للدولة، واعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة دون استثناء، تترتب عنه حقوق لغوية وثقافية يتمتع بها المواطنات والمواطنون دون تمييز، تتمثل على وجه الخصوص في استعمال اللغة الأمازيغية، لغة رسمية للتواصل بمختلف أشكاله ووظائفه وعبر مختلف دعاماته، كما يترتب عنه، التزام على عاتق الدولة، يتمثل في ضمان تعليمها وتعلمها، تفعيلا لطابعها الرسمي؛

وحيث إن ارتباط الحقوق اللغوية والثقافية بسائر الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور، يجعل تحقيق الغاية الدستورية المراد بلوغها من سن القانون التنظيمي، والمتمثلة في تمكن الأمازيغية من القيام بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية، يتوقف، في جانب منه، على إدماجها في مجال التعليم؛

وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن ضمان التمتع الفعلي بالحقوق اللغوية والثقافية المترتبة عن إقرار الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، يتوقف على إنفاذ الحق في تعليم اللغة الأمازيغية الرسمية، بضمان إلزاميته؛

وحيث إنه، مع مراعاة هذا التفسير، فليس في المادة الثالثة ما يخالف الدستور؛

في شأن المادتين 5 و8 (الفقرة الأولى):

حيث إن المادتين الخامسة والثامنة (الفقرة الأولى) تنصان، بالتتابع، على أنه “مراعاة للخصوصيات الجهوية، يمكن اعتماد التعبيرات اللسانية الأمازيغية المتداولة في بعض المناطق بجهات المملكة، إلى جانب اللغة العربية، لتيسير تدريس بعض المواد التعليمية في سلك التعليم الأولي والابتدائي بالمؤسسات التعليمية الموجودة بهذه المناطق”، وعلى أنه “يراعى في إعداد المناهج والبرامج والمقررات الدراسية الخاصة بتدريس اللغة الأمازيغية مختلف التعبيرات اللسانية الأمازيغية المتداولة في مختلف مناطق المغرب”؛

وحيث إنه، يستفاد من هذه الأحكام، من جهة، أن إمكانية اعتماد التعبيرات اللسانية الأمازيغية المتداولة في بعض المناطق بجهات المملكة، لا تتجاوز نطاق تيسير تدريس بعض المواد التعليمية في سلك التعليم الأولي والابتدائي،ومن جهة أخرى، أن اعتبار سائر التعبيرات اللسانية الأمازيغية المتداولة في مختلف مناطق المغرب في إعداد المناهج والبرامج والمقررات الدراسية الخاصة بتدريس اللغة الأمازيغية، يتم في إطار المراعاة، ولا يتعدى نطاق استحضار التعبيرات اللسانية المذكورة، تحقيقا لهدف تيسير التعليم والتعلم، ولا يمس بالطابع الرسمي للغة الأمازيغية، مما تكون معه المادتان الخامسة والثامنة (الفقرة الأولى)، مع مراعاة هذا التفسير، غير مخالفتين للدستور؛

في شأن المادة 9:

حيث إن هذه المادة تنص على أنه “تستعمل اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية في إطار أشغال الجلسات العمومية للبرلمان وأجهزته، ويجب توفير الترجمة الفورية لهذه الأشغال من اللغة الأمازيغية وإليها. تحدد كيفيات تطبيق أحكام الفقرة السابقة بموجب النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان”؛

وحيث إن القانون التنظيمي يحدد المواضيع التي أدرجها الدستور في مجاله المحفوظ، الذي لا يجوز الانتقاص منه، تحت طائلة الإغفال، أو التوسع فيه إلى الميادين التي يختص القانون بالتشريع فيها، أو المجالات التي أسند الدستور تحديدها إلى النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان؛

وحيث إنه، يبين من الاطلاع على المادة التاسعة المشار إليها، أنها حددت كيفية إدماج اللغة الأمازيغية في إطار أشغال الجلسات العمومية للبرلمان وأجهزته، وأسندت تحديد كيفيات تطبيق ذلك إلى النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان؛

وحيث إنه، لئن كان تحديد كيفيات التطبيق، المشار إليه في الفقرة الثانية من هذه المادة، يترتب عن إدماج اللغة الأمازيغية في سائر أشغال البرلمان، فإن استقلال مجلسي البرلمان بوضع نظاميهما الداخليين، سواء فيما أسنده الدستور إليهما، أو في شأن باقي قواعد سير أشغال أجهزة المجلسين، يجعل، تخويل تحديد كيفيات تطبيق الأحكام المتعلقة باستعمال اللغة الأمازيغية في إطار أشغال الجلسات العمومية للبرلمان وأجهزته إلى النظامين الداخليين للمجلسين، بالنظر لطبيعة الموضوع، مطابقا للدستور؛

في شأن المادة 13:

حيث إن هذه المادة تنص على أنه “تعمل الدولة على تأهيل القنوات التلفزية والإذاعية الأمازيغية العمومية لتأمين خدمة بث متواصلة ومتنوعة، تغطي كافة التراب الوطني، مع تيسير استقبال هذه القنوات خارج المغرب. كما  تعمل الدولة على الرفع من حصة البرامج والإنتاجات والفقرات باللغة الأمازيغية في القنوات التلفزية والإذاعية العامة أو الموضوعاتية في القطاعين العام والخاص بما يتناسب ووضعها كلغة رسمية للدولة إلى جانب اللغة العربية. وتتولى الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري اتخاذ التدابير الكفيلة بذلك في نطاق اختصاصها لضمان تطبيق أحكام هذه المادة”؛

وحيث إن الاختصاصات المخولة، بمقتضى هذه المادة إلى الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، تدخل في صميم مهمة السهر على احترام التعددية اللغوية والثقافية للمجتمع المغربي التي أوكلها الدستور إلى الهيأة المذكورة بمقتضى الفصلين 28 (الفقرة الأخيرة) و165 منه، مما تكون معه المادة 13 المشار إليها مطابقة للدستور؛

في شأن المادة 30 (الفقرتان الأولى والثالثة):

حيث إن هذه المادة تنص، في فقرتيها الأولى والثالثة، على أنه “تكفل الدولة للمتقاضين والشهود الناطقين بالأمازيغية، الحق في استعمال اللغة الأمازيغية والتواصل بها خلال إجراءات البحث والتحري بما فيها مرحلة الاستنطاق لدى النيابة العامة، وإجراءات التحقيق وإجراءات الجلسات بالمحاكم بما فيها الأبحاث والتحقيقات التكميلية والترافع وكذا إجراءات التبليغ والطعون والتنفيذ”، وعلى أنه “يحق للمتقاضين، بطلب منهم، سماع النطق بالأحكام باللغة الأمازيغية”؛

وحيث إن الدستور، نص في تصديره على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الثقافة أو الانتماء الجهوي أو اللغة، ونص في فصله الخامس على اعتبار اللغة الأمازيغية رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، وأقر في فصله التاسع عشر مبدأ المساواة في الحقوق الثقافية؛

وحيث إن عبارة “الناطقين بالأمازيغية”، الواردة في الفقرة الأولى من المادة المذكورة، قد توحي بدلالات تمييزية بسبب اللغة أو الثقافة أو الانتماء إلى جهة معينة؛

وحيث إن سياق استعمال عبارة ” الناطقين بالأمازيغية” من قبل المشرع، في معرض كفالة حق استعمال اللغة الأمازيغية للمتقاضين أو الشهود، في مجال التقاضي، لا يستهدف تمييز الناطقين بالأمازيغية عن غيرهم، وإنما تيسير ممارسة حق الراغبين في استعمال اللغة الأمازيغية، ضمانا لحقهم في محاكمة عادلة؛

وحيث إن حق استعمال اللغة الأمازيغية، بصفتها لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، يبقى مكفولا لجميع المتقاضين والشهود على السواء، دون استثناء أو تمييز؛

وحيث إنه، لئن نصت الفقرة الثالثة من هذه المادة، على أن إعمال حق المتقاضين في سماع النطق بالأحكام باللغة الأمازيغية، يتم بطلب منهم، فإن الطلب المذكور يعني الكفالة التلقائية، لحق كل متقاض في سماع النطق بالأحكام باللغة الأمازيغية؛

وحيث إنه، مع مراعاة هذا التفسير، فليس في الفقرتين الأولى والثالثة من المادة 30 ما يخالف الدستور؛

لهذه الأسباب:

أولا-  تصرح:

– بأن المواد 1 (الفقرتان الثانية والأخيرة) و2 (البند الأول) و3 و5 و8 (الفقرة الأولى) و9 و13 و30 (الفقرتان الأولى والثالثة) و33، ليس فيها ما يخالف الدستور، مع مراعاة التفسير المتعلق بها؛

– بأن باقي أحكام هذا القانون التنظيمي مطابقة للدستور؛

ثانيا- تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس الحكومة، وبنشره بالجريدة الرسمية.

وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الخميس 5 من محرم 1441                                                                                (5سبتمبر 2019)

الإمضاءات

اسعيد إهراي

عبد الأحد الدقاق         الحسن بوقنطار         أحمد السالمي الإدريسي     السعدية بلمير

محمد أتركين          محمد بن عبد الصادق         مولاي عبد العزيز العلوي الحافظي

محمد المريني      محمد الأنصاري       ندير المومني     محمد بن عبد الرحمان جوهري

اقرأ أيضا

التناص في الأدب الأمازيغي نماذج مختارة من الشفاهية ومن رواية أضيل ن إسردان ل عمر بوعديدي

 تمت مناقشة أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الأدب الأمازيغي بكلية الاداب والعلوم الانسانية جامعة سيدي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *