المستشار في التوجيه … من الاستقرار الى الشتات !

“المستشار في التوجيه التربوي” موظف في وزارة التربية الوطنية اجتاز على الأقل ستة سنوات في التدريس بالسلك الثانوي الإعدادي وهو في حالة استقرار، ومنهم من عمل أزيد من عشرين سنة في القسم قبل ولوج مركز تكوين المستشارين في التوجيه والتخطيط  بالرباط (الوحيد في المغرب وإفريقيا). هم نخبة من أساتذة السلك الإعدادي اختاروا مجال التوجيه بعدما حرموا من ولوج مسلك التفتيش التربوي مثل أساتذة السلك الابتدائي  والسلك التأهيلي، في حيف كبير وانتقاص واضح لكفاءتهم المهنية  والأكاديمية والتكوينية. أيضا، ولوج سلك التوجيه التربوي  يتطلب أيضا الحصول على شهادة الدراسات الجامعية العامة  وفي مختلف التخصصات المتنوعة (رياضيات، فرنسية، أقسام تحضيرية، فيزياء، اجتماعيات، إعلاميات، لغة عربية، رياضة، علوم الحياة والأرض، تكنولوجيا، تربية إسلامية …)،  في حين يمكن ولوج سلك التفتيش التربوي بشهادة أقل (باكالوريا).

وبالرغم من تلك الشروط الأكاديمية والتكوينية  والمهنية المتميزة، لا ترقى مخرجات وآفاق مركز التوجيه التربوي بالمغرب إلى  طموحات العاملين بمجال التوجيه جميع الأصعدة (النفسية والاجتماعية والمادية والعلائقية والمهنية)، مما يفرز إطار جديدا في صراع تراجيدي/ دراماتيكي دائم ومقلق، أولا، مع ذاته (جراء اتخاذ قرار العمل كمستشار)، وثانيا، مع مصيره المهني الجديد، الذي  يتسم باللااستقرار  والتردي والنكوص والقهر والإحباط والغربة المهنية  والأنطولوجية والفقر والهشاشة (جراء تحالف المراسيم والمذكرات الإدارية المنظمة لمجال التوجيه  مع واقع سمته التخبط والعشوائية وقهر الظروف الطبيعية والديموغرافية في مناطق التعيين وغياب المحفزات الداخلية والخارجية وغموض وتذبذب الشبكات العلاقات المهنية التي يتفاعل ضمنها “المستشار في التوجيع” (كمشروع خبير مستقبلي معتمد في الأوجاع المهنية). وفي ما يلي جرد لبعض “الأوجاع المهنية” التي يمر منها ويتجرعها المستشار في التوجيه يوميا بصبر وتحمل “عالم نفس مفلس/مفكك سلفا” قبل شروعه في تقديم أي “دعم/ترميم نفسي” للذوات الأخرى:

  • سنتين من التكوين الجيد والمتين والصعب والفريد من نوعه وطنيا وإفريقيا مقابل التخرج بالسلم العاشر (الدرجة 2) ودون تعويضات محفزة، في حين يتخرج المفتش التربوي بالدرجة الأولى وكذا أطر الإدارة التربوية، مع تعويضات محفزة على الإطار (المستشار=الاحتقار والغربة في العاصمة مقابل لا شيء، الفراق مع الأهل أثناء وبعد التعيين=الضياع المهني والأنطولوجي إلى أجل غير محدود…شروط الاكتئاب المهني).
  • تعيين في الفيافي والجبال والصحاري نظرا لقلة المناصب المتوفرة، مع غياب الاعتراف من طرف المسؤولين (=الصدمة النفسية والاكتئاب والرهاب وسوء تقدير الذات).
  • تبعات وويلات المذكرة 022 بتاريخ 2017 التي بحكمها تسند للمستشارين في التوجيه جميع مؤسسات الإقليم رغم قلة عددهم (=التراجع في ظروف العمل والإحباط وغياب الجودة في العمل=الموجه الساطاس Trans Satas).
  • كثرة المؤسسات المسندة لكل مستشار في التوجيه،والتنقل بين المؤسسات الكثيرة لا يعوض عليه المستشار في التوجيه  علاوة على المخاطر المحتملة في ظل غياب أية حماية (=العبث والتشتت وانعدام البوصلة والتوجس والخوف/القلق الدائم، والتآكل النفسي والصحي والمالي).
  • جميع الخدمات التي يقدمها المستشار في التوجيه تكون مقتطعة من أجرته الهزيلة مثل الانترنيت، الحاسوب، نسخ الاوراق، هاتف/اتصالات مع المتدخلين، دلائل التوجيه…) (=الفقر والاحساس بالغبن جراء تأدية فواتير يجب أن توفرها الوزارة المعنية…عندما يكون التطوع ملزما/إجباريا مع غياب الاعتراف).
  • الاجتماعات المتكررة والكثيرة في المديريات الإقليمية لا يعوض عليها المستشار في التوجيه، ويؤدي مصاريف التنقل من أجرته الهزيلة رغم بعد القطاعات المدرسية المسندة (=وضعية جديدة…ظروف اشتغال أكثر سلبية=هدية تغيير الإطار يا متفوق).
  • تعويض هزيل عن الإطار الجديد لا يتجاوز 140 درهم صافية من الضريبة، في حين يستفيد المفتش في التوجيه والمفتش التربوي والمفتش في التخطيط والحراس العامون والمدير من تعويضات تفوق ألف درهم مع تعويضات جزافية وتعويضات عن المهام (المستشار في التوجيه= الاحتقار والدونية واللاجدوى رغم مهامه المتفرقة في الزمان والمكان…رخصة فشل طويلة الأمد لمن ينتقد المستشار).
  • جميع الأطر تستفيد من التعويض عن المهام الإضافية (التكليفات) إلا المستشار في التوجيه مثل التأطير، لجن التتبع والمواكبة، القوافل الإقليمية، دراسة النتائج، الاجتماعات الدورية …(=التمييز السلبي والتذمر…ملء الفراغ بما “لا يناسب” مع “ما لا يناسب”…أي المستشار والحرمان).
  • فقدانه للأقدمية في الدرجة أثناء التخرج من المركز وضرورة انتظاره لأربع سنوات لاجتياز مباراة ولوج الدرجة الاولى وقلة حظوظ النجاح لقلة النسبة المخصصة (التكوين=عقوبة … الوضعية=حشومة).
  • مصاريف إضافية مثل الكراء في مدينة التعيين التي غالبا ما تكون بعيدة، وهو الذي كان قبلها ينعم بالاستقرار في مدينة اختارها وهو أستاذ (التعيين=العقوبة على التكوين الجيد والصبر على غلاء الرباط لسنتين…وفي الأخير لن تنتقل إلى مدينة أحلامك).
  • غياب أمل الانتقال إلى المدن المجهزة والأصلية، وطول انتظار قد يمتد لسنين (=الفشل وصعوبة العلاج/التعافي).

أنور نصرالدين
مستشار في التوجيه

اقرأ أيضا

ابن الشيخ: البرلمانية اليسارية نبيلة منيب تُغرد خارج سياق التاريخ والجغرافيا

اعتبرت أمينة ابن الشيخ، في تدوينة نشرتها على صفحتها في فيسبوك، أن تصريحات البرلمانية اليسارية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *