المناضل الأوراسي محمد مرداسي الاستثناء في الحركة الأمازيغية الأوراسية

اذا كان التاريخ قد سجل لنا أن الجيل الاول والثاني من مناضلي الحركة الأمازيغية من المفرنسيين فإن أستاذنا محمد مرداسي قد حقق الاستثناء تقريبا كونه ورغم أنه من الرعيل الذي درس في الكتاتيب الباديسية والمدارس المشرقية الا أنه لم يعد منها محملا بأيدلولوجية القوميين العرب و البعثين كما حصل مع عثمان سعدي و احمد بن نعمان وابو القاسم سعد الله وغيرهم من الذين ارسلتهم الجزائر للدارسة في القاهرة فرجعوا منها عملاء لتلك الدول ومؤسسين لنواة الطابور الخامس للتعربيين في الجزائر يتغذون من خيارات البلاد ويفكرون بتفكير دول اجنبية ، يعادون كل ما هو جزائري أصيل، ولا يكفون عن محاربته لجعل بلاد اسلافهم البربر الأمازيغ مجرد دويلة تابعة للمشرق العروبي .

محمد مرداسي ورغم تكوينه العربي إلا أن الحلويات المشرقية لم تكن من أذواقه فهو يفضل “البَسَسْ” و “أغْرُومْ أرخْصَاصْ دُوسَمَامْ “، أغروم إحْبَا دْ يرْذَنْ ” ، ” البغرير” ، ” السفنجْ دو حرشاو” دواين يبهان …

مرداسي من مواليد 1946 بزلاطو بلدية اينوغيسن دي اشمول ولاية باتنة، بدأ تعليمه في كتاتب تعليم القرآن ثم معهد ابن باديس في قسنطينة الى التعليم المتوسط في ليبيا والتعليم الثانوي في القاهرة التي بناها اجداده الكتاميين وحكمها أسلافه الماشونش الأمازيغ طيلة الأسرة الفرعونية ال 22 و 23 و 24 و 26 ، ثم عاد الى ارضه ليكمل دراسته بمعهد الجغرافيا قسم الاستصلاح الريفي . اشتغل في التعليم الابتدائي ، وعمل بجريدة الشعب ، وفي التعليم الثانوي كمعلم ثم كناظر ثم مدير وعمل في الجامعة بقسم الشؤون الثقافية .

أدرك محمد مرداسي أنه خلق ليحي ويعيش كمدافع وخادم لثقافته ولغته الأمازيغية بمتغيرها الأوراسي الماسيلي فلم يبخل يوما بشئ من وقته، جهده، ماله وعلمه للجمعيات الثقافية بأوراس، التي ترأس أعرقها وهي “جمعية أوراس للثقافة والعلوم الانسانية” وصاحب برنامج “أسن ثامازيغت” في اذاعة باتنة و الذي كان يطرب به أذان من بقي على أمازيغيته في الأوراس المنكوب ، وجعل حتى بيته مقرا للتجمعات الثقافية ومأوى لمناضلي الحركة الأمازيغية من الولايات الاخرى وكان من الرعيل الأول لمناضلي الحركة الأمازيغية الأوراسية بعد الإستقلال، الذين واجهوا على قلتهم ارهاصات مدارس الباديسية العروبية وسياسة التعريب الممنهجة من طرف الدولة الوطنية والمدرسة الرسمية .

صدر عنه كتب وأبحاث ساهمت في بلورة الوعي النضالي الأمازيغي في أوراس ودزاير أهمها :

-الثراء والتكامل اللغوي في منطقة الأوراس وعلاقتها بالمتغيرات الآخرى
– الامازيغية لغة وهوية
– “ثيموقان” أدوات الربط في اللغة الأمازيغية “المتغير الشاوي”
– أمثال وأقوال من الاوراس.
ناهيك عن مقالات نشرها في مواقع النت والجرائد حول تمازيغت لغة وتاريخ . و رغم تكوينه العربي الا أن محمد مرداسي يرى أن التعريب الذي مارسته فرنسا في الجزائر عبر المكاتب العربية في بداية الاحتلال ثم عبر الدولة الوطنية بعد الاستقلال ، جريمة لا تغتفر، طبعا ليس عداء للغة الاسلام ، انما حماية لتاريخ أمة، يقول مرداسي أن تعريب اﻟﻄﻮﺑﻮﻧﻴﻤﻴﺎ في الجزائر جعلنا نجهل الكثير من الأماكن التي ذكرها الرحالة والجغرافيون القدامى بأسمائها الاصلية القديمة وهو ما يعيق البحث التاريخي للبلاد .

كما يعتبر محمد مرداسي الدارجة الجزائرية (العامية) إحدى اللهجات الأمازيغية ويقول أنها وان كانت بعض كلماتها عربية فإنها جملها ونحوها تأتي دائما في قالب وهيكل أمازيغي محلي مختلف تماما عن الفصحى واللهجات العربية في جزيرة العرب فهي لهجة محلية المنبت والنشأة .

محمد مرداسي المعلم و الأستاذ والأب والقدوة، لا يمكن لك إلا أن تحبه وتحترمه اذا تحدثت او إستمعت اليه

بقلم: مصطفى صامت

اقرأ أيضا

ندوة حول موضوع الفلسفة والحرب: مآزق العيش المشترك

نظمت شعبة الفلسفة، بالتعاون مع مجتمع الخطاب وتكامل المعارف وماستر الفلسفة المعاصرة: مفاهيم نظرية وعملية، …

2 تعليقات

  1. كان لي الشرف أن أكون تلميذه بباتنة، مناضلا من نوع صلب، لا يضحك أبدا، غالبا ما دروس التاريخ عنده تصب في مناقشة الهوية، كان مقنعا، كان يناديني “يوغرطة”، كنت أراه باحثا لا يكل خاصة أنه أشتغل جيوغرافيك زراعي في مناطق غير ناطقة بالأمازيغية و رجع برصيد ضخم من الطوبونيميا التي تثبت أمازيغية الأرض و الإنسان…. أشكره كثيرا لأنه كان السبب في تبني هويتي وتطليق الكذب وغسل الدماغ الذي عانيته لعقود…. الحمد لله أنني بذلت جهدا وتعلمت الأمازيغية في متغير تاشلحيت المغربية، لأن في باتنة كان شبه مستحيل التعلم رغم أنني كنت أحد رواد الجمعية التي أنشأها الشيخ بحي النصر “تيدوكلا تادلسنت ن تماريغت “.

  2. اول انسان عرفته فى النضال الامازيغي منذ الثمانينات و ما زال لم يتغير عكس البعض من أصدقائنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *