المندوبية السامية للتخطيط تنفذ إبادة إحصائية في حق أمازيغ صنهاجة السراير بإقليم الحسيمة

ببالغ الأسى الممزوج بالدهشة والاستغراب، تلقينا من داخل جمعية “أمازيغ صنهاجة الريف” نتائج الاحصاء العام للسكان والسكن لسنة 2024، التي قامت من خلاله المندوبية السامية للتخطيط بتشويه الواقع السوسيولساني لمنطقة صنهاجة السراير بإقليم الحسيمة التي تضم 12 جماعة قروية (سيدي بوتميم، زرقت، بني بشير، بني بونصار، بني احمد إموكزن، تاغزوت، بني بوشيبت، كتامة، تامساوت، عبد الغاية السواحل، مولاي احمد الشريف وإساكن) وجماعة حضرية (ترگيست).

فبحسب هذه النتائج الكارثية فإن 29,5٪ فقط من مجموع ساكنة المنطقة البالغ عددها 142358 يتحدثون الأمازيغية بعدما كانت النسبة تصل لقرابة 50٪ سنة 2014، وهو الامر الذي يبدو غير واقعي ويتعارض مع المعطيات الميدانية ونتائج إحصاء سنة 2014.

فكيف يمكن لعاقل أن يصدق مثلا بأن نسبة المتحدثين بالامازيغية في جماعة بني بونصار انتقلت من 92٪ سنة 2014 لتصل 60٪ سنة 2024، رغم كون جل ساكنة دواوير الجماعة يتحدثون الامازيغية؟

وهل يمكن للمندوبية السامية للتخطيط ان تفسر لنا كيف تعرب أزيد من نصف ساكنة قبيلة آيث سداث -التي تعتبر اكبر قبيلة تتحدث الامازيغية في صنهاجة السراير- في ظرف عشر سنوات؟ فقد كان 82٪ من سكان جماعة اساكن يتحدثون الامازيغية في سنة 2014 لتصبح هذه النسبة 35٪ سنة 2024 وهو ما يعني أن 6455 نسمة فقط من أصل 17832 تتحدث الامازيغية بهذه الجماعة، الشيء الذي لا يقبله العقل خصوصا وأن عدد ساكنة دوار أزيلا لوحده يتجاوز 4000 نسمة وكلهم يتحدثون الامازيغية؟ كما كان 92,8٪ من سكان جماعة مولاي احمد الشريف يتحدثون الامازيغية سنة 2014 لتصبح هذه النسبة بقدرة قادر 48,7٪ سنة 2024!

وهل من سبب مقنع لدى المندوبية كي يفسر لنا كيف انتقلت نسبة المتحدثين بالأمازيغية بجماعة عبد الغاية السواحل من 34,5٪ سنة 2014 لتنخفض إلى 20,4٪ سنة 2024 علما أن ساكنة واد عبد الغاية هم الوحيدون الذين حافظوا على الأمازيغية في قبيلة كتامة!

وهل من سبب مقنع يفسر لنا تناقص نسبة المتحدثين بالامازيغية في مدينة ترگيست في عشر سنوات لينتقل من 49٪ سنة 2014 ليصل ل 28،8 سنة 2024 رغم تزايد عدد ساكنة المدينة الذي انتقل من 13384 ليصبح 14628 نسمة علما ان هذه المدينة لا تستقطب سوى ساكنة القبائل المجاورة التي تتحدث الأمازيغية؟

هذا الجدول كفيل بإبراز مدى التباين غير المنطقي بين نتائج إحصائي 2014 و 2024 فيما يخص نسبة المتحدثين بالامازيغية في الجماعات الترابية الأمازيغوفونية في منطقة صنهاجة السراير:

الجماعة/إحصاء 2014/إحصاء 2024/الفرق

ترگيست/ 47.8٪/ 28.9٪/-18.9٪

سيدي بوتميم/ 58.3٪/ 40٪/ -18.3٪

زرقت/ 72.8٪/ 60.9٪/ -11.9٪

بني بشير/ 43.1٪/ 50.3٪/ +7.2٪

بني بونصار/ 91.5٪/ 60.3٪/ -31.2٪

بني احمد إموكزن/ 72٪/ 66.9٪/ -5.1٪

مولاي احمد الشريف/92.8٪/48.7٪/ -44.1٪

إساگن/ 81.7٪/ 36.2٪/ -45.5٪

تاغزوت/ 74.3٪/ 69.6٪/ -4.7٪

عبد الغاية السواحل/34.5٪/20.4٪/ -14.1

كتامة/ 1.3٪/ 0.2٪/ -1.1٪

بني بوشيبت/ 0.9٪/ 0.6٪/ -0.3٪

تامساوت/ 0.9٪/ 0٪/ -0.9٪

وأمام هذه النتائج الكارثية، فإننا ندعو المندوبية السامية للتخطيط لفتح تحقيق في ما يخص التباين الكبير الموجود بين ارقام إحصائي 2014 و 2024 خصوصا بالنسبة لجماعات بني يونصار، إساگن ومولاي احمد الشريف، وهي الجماعات التي تشهد انتشارا مكثفا للأمازيغية الصنهاجية فجل الدواوير مازالت تتحدث الامازيغية وتنقلها للأجيال الصاعدة.

هكذا، فالمندوبية مدعوة لاعادة النظر في الارقام التي اصدرتها خصوصا وان المنهجية التي اتبعتها لجمع المعطيات الخاصة باللغة الام غير علمية، حيث قسمت الأمازيغية لثلاث لهجات واكتفت باستجواب 20٪ فقط من الساكنة وقامت بعدها بتعميم هذه النتائج وهو ما يتنافى واهداف الاحصاء. كما ان هذه النتائج تجعلنا نتساءل عن مدى التزام المكلفين بالاحصاء بنقل أجوبة الاسر المستجوبة خصوصا وان الارقام التي امامنا لا تعبر البتة عن الواقع السوسيولساني لمنطقة صنهاجة السراير التي يصل عدد المتحدثين بالامازيغية فيها اكثر من 70000، وهو ما يجعلنا نضع فرضية العمل بمنطق “كور وعطي للاعور”…

أما إذا قبلنا بنتائج الاحصاء، فإننا سنكون أمام واقع خطير لم تشهده المنطقة حتى في المرحلة التي كانت فيها الدولة تحارب الامازيغية وتقوم بتعريب الاخضر واليابس. فكيف يعقل أن يتعرب نصف ساكنة المنطقة في ظرف عقد من الزمن وفي ظل دستور 2011 الذي جعل من الامازيغية لغة رسمية؟ هل السياسات العمومية الخاصة بالأمازيغية فاشلة ولم تعطي أكلها؟! أم أن الدولة تريد تعريب المناطق الامازيغية ذات التعابير القليلة الانتشار كصنهاجة السراير وغمارة وايث يزناسن وفگيگ وغيرها؟

وفي الاخير، نغتنم الفرصة لنجدد مطالبتنا بحقوقنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المتجلية في:

– إنشاء عمالة إقليم صنهاجة ومركزه مدينة ترگيست؛

– إدماج أمازيغية صنهاجة السراير في الاعلام الجهوي الرسمي (إذاعة الحسيمة، تطوان وطنجة)؛

– تعميم تدريس الأمازيغية بجميع مدارس منطقة صنهاجة السراير؛

– تشجيع المهرجانات الفنية والثقافية الأمازيغية ذات الصلة بالمنطقة؛

– تقنين الاستعمال التقليدي للكيف الذي يعتبر المصدر الرئيسي للدخل لدى الساكنة وعاملا مهما في استقرارها؛

– مصالحة اقتصادية واجتماعية مع المنطقة.

شريف أدرداك

اقرأ أيضا

سعيد بنيس يقترح تصورا جديدا للجهوية المتقدمة في المغرب

هذا التصور يربط فيه الأستاذ بنيس بين التعددية اللغوية والثقافية وبين التنمية الترابية، ويتمثل هذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *