اختار الأستاذ والمحامي، مصطفى المنوزي وهو من عائلة معروفة بمنطقة تافراوت، عائلة مقاومة للاستعمار الفرنسي ومناضلة في سنوات الجمر والرصاص بالمغرب، أن يكتب يوميات “الحبس الاختياري”.
مؤسس “المنتدي المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف”رئيس “المركز المغربي للديموقراطية والأمن” وأمين عام شبكة “أمان لتأهيل ضحايا التعذيب والدفاع عن حقوق الإنسان”، ورئيس “أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي” وعدد من التنظيمات الحقوقية والجمعوية، اختار أن يتعامل مع حالة “الطوارئ الصحية” التي أعلنت بالمغرب لمواجهة تفشي وباء فيروس “كورونا” المستجد، بتدوين يومياته في “الحجر الصحي” على شكل حلقات متتالية..
(الحلقة 59)
منذ تأسيسه لعب اتحاد المحامين الشباب بأكادير دورا مهما في تأطير المحامين الشبان، وفي تنشيط الفضاء المهني، ولعل الذاكرة المهنية والسياسية الوطنية لتسجل دوره الريادي في المساهمة في إنجاح المؤتمر الوطني العشرين لجمعية هيئات المحامين بالمغرب المنعقد في يوليوز1991 برئاسة الفقيد الرئيس والنقيب محمد عبد الهادي لقباب، في ضيافة هيأة المحامين بأكادير، على مستوى بنية الاستقبال والأنشطة الموازية لأشغال المؤتمر.
فقد نظمنا بطولة في كرة القدم، ولعب الاتحاد مباراة النهاية مع فريق هيأة المحامين بوجدة، ونظمنا خرجة إلى البحر أو رحلة بحرية (croisiére ) لفائدة المحامين الشباب بالمغرب على الخصوص، عبر باخرة سياحية، بالإضافة الى أمسية فنية وشعرية بمشاركة فرق أحواش وشعراء محليين.
وعلى مستوى أشغال المؤتمر ساهمنا في المناقشات وبلورة التوصيات، كانت أهمها المطالبة بالمصادقة على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعودة المغتربين والكشف عن المعتقلات السرية ومن بينها معتقل تازمامرت الذي كان يأوي المعتقلين العسكريين، الذين تم اختطافهم من سجن القنيطرة، كما تمت المطالبة بفتح تحقيق عن ظروف إحتجازهم.
والمطالبة بتشكيل لجنة وطنية للتحسيس وتعبئة الجمعيات الحقوقية للمصادقة على الميثاق الوطني لحقوق الإنسان المبرم من قبل جمعية هيئات المحامين وجمعية الحقوقيين المغاربة والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان سنة 1990.
وتم تخصيص توصية فريدة خاصة بالزميل المدني الصالحي المختطف في ماي 1985، تطالب بالكشف عن مصيره وإطلاق سراحه في حالة بقائه على قيد الحياة، أوتسليم رفاته لذوي حقوقه في حالة الوفاة.
غير أن التوصية التي أثارت نقاشا مطولا كانت حول مطلب انتخاب المجلس التأسيسي لوضع الدستور. وهي النقطة التي فتحت نقاشا مع بعض الزملاء المحامين والرفاق من حزب الطليعة (ا ش ق ش اللجنة الادارية إنذاك)، حيث نبهتهم على أن الحزب تخلى عن المطلب منذ المؤتمر الاستثنائي والمؤتمر الوطني الثالث، وادبياتهما مرجعان أساسيان وفي ضوئهما كنا نخوض الصراع مع المكتب السياسي، لأنه مرتبط بمطلب الملكية البرلمانية وباستراتيجية النضال الديموقراطي.
وفي الأخير تم التوافق على الصيغة التالية: “أكد المؤتمر أن بناء دولة الحق والقانون العادل يمر أساسا عن طريق إنتخاب مجلس تأسيسي مهمته عرض مشروع الدستور على الشعب للتصويت عليه بواسطة استفتاء شعبي يقوم على إعطاء المعنى الحقيقي لقيم الديموقراطية وحقوق الإنسان”.
كانت محطة المؤتمر فرصة لإطلاق دينامية حقوقية جادة، ستعرف فيها المهنة اصطفافات سياسية أبرزها عقد تنسيقا بين محامي العصبة ومحامي الجمعية المغربية، وتنسيقات بين محامي المنظمة المغربية لحقوق الانسان التي كانت تضم محامي الاتحاد ومحامي حزب التقدم والإشتراكية ومنظمة العمل الديموقراطي الشعبي، وكان مطلب المجلس التأسيس أحد الأسباب التي كانت وراء محاولة الإغتيال التي تعرض لها النقيب عبد الهادي القباب بذكره. وهو المطلب الذي لم يؤكده المؤتمر الوطني الواحد والعشرين المنعقد سنة 1994 بالدارالبيضاء برئاسة الرئيس النقيب عبد الرحيم الجامعي، والذي عدل صيغة التوصية بمطلب تغيير الدستور تغييرا جوهريا شاملا بما يستجيب لمطامح الشعب المغربي وقواه الحية. غير أنه سبق لمحامي حزب الطليعة أن إحتفظوا للمطلب بنفس قوته فأدرجوه ضمن بيان المؤتمر الوطني الرابع في دجنبر 1993 .