اختار الأستاذ والمحامي، مصطفى المنوزي وهو من عائلة معروفة بمنطقة تافراوت، عائلة مقاومة للاستعمار الفرنسي ومناضلة في سنوات الجمر والرصاص بالمغرب، أن يكتب يوميات “الحبس الاختياري”.
مؤسس “المنتدي المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف”رئيس “المركز المغربي للديموقراطية والأمن” وأمين عام شبكة “أمان لتأهيل ضحايا التعذيب والدفاع عن حقوق الإنسان”، ورئيس “أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي” وعدد من التنظيمات الحقوقية والجمعوية، اختار أن يتعامل مع حالة “الطوارئ الصحية” التي أعلنت بالمغرب لمواجهة تفشي وباء فيروس “كورونا” المستجد، بتدوين يومياته في “الحجر الصحي” على شكل حلقات متتالية.
(الحلقة الثالثة)
تحت مسؤولية الدولة في شخص أمير المؤمنين ، الأمة مضطرة يومه أن تمسك عن أداء صلاة الجمعة بالمساجد أو أضرحة الأولياء ، بسبب وباء كورونا وأيضا انضباطا وتفعيلا لقرار السلطات العمومية المكلفة بتدبير الشأن الديني ؛ والعاقلون لا يناقشون القرار في حد ذاته ، بل ينتقدون تداعياته السلبية ، من زاوية استحضارها وليس من باب الرفض او المراجعة ، ونحن لا يهمنا سوى ربط الطقوس والبيئة بحالة أو حالات صلاة الجمعة التي تسبقها زيارة المقابر وتسوق مكونات أكلة الكسكس ” المقدسة ” واصطفاف ” المساكين ” الطبيعيين وكذا ” المحترفين ” ثم الباعة المتجولين ،و بائعو الفواكه والمواد الغذائية ، إلى جانب فراشة أعواد الند والأرك والكتيبات الصفراء ، إلى باقي المعروضات دون أن ننسى بائعي الماء ( الكرابة ) والشريحة وحفاري القبور ، والشبان والأطفال الذين يتولون صباغة المدافن وتبريز الأرقام والتواريخ والحروف على الشواهد..
و السؤال الأساسي هو كيف سيتعامل كل هؤلاء التجارمع ” الكساد ” المفترض جراء حالة الطوارئ الصحية . هو سؤال بمثابة توجس يطرح نفسه بالحاح ، ففي انتظار استفادة الأمة من الوضع الحالي الفاضح لمظاهر الهشاشة ، واعادة النظر في ضرورة رد الاعتبار للبعد الاجتماعي في السياسات العمومية ونظام الحماية الاجتماعية.
مطلوب من الدولة والمدارس الفكرية والسياسية التي تعتبر أن هذا القطاع الواسع لازال صالحا لإعادة انتاج الشرعية الدينية الداعمة للشرعية الاجتماعية ، مطلوب منها أن تراجع كلفة ومعها المردودية ، مادام أغلب المستفيدين من هذه الفضاءات ” المدرة ” للدخل والزبونية ومآرب أخرى ، لا ولن يشكلوا قاعدة اجتماعية ، قارة وواعية ، سواء للنظام السياسي أو المؤسسات الاجتماعية والدينية الموازية أو المنافسة.
والحال أنه ينبغي الاقتناع بأن الغرور الذي انتاب بعض مدعي هاته الشرعيات بدأ يتحول الى منافسين مبتزين، رغم أن الحرب الباردة انتهت ملامحها منذ بداية العهد الجديد ، ولم يعد مجديا الاغتراف من نفس معين الأصولية ، فالجيش الانتخابي لم يعد مفيدا سوى في تفادي مخاطر المراجعة الاستفتائية حول توابث الأمة ، وما عدا ذلك فمجرد هدر للزمن السياسي والرأسمال اللامادي والمالي حتى .