اختار الأستاذ والمحامي، مصطفى المنوزي وهو من عائلة معروفة بمنطقة تافراوت، عائلة مقاومة للاستعمار الفرنسي ومناضلة في سنوات الجمر والرصاص بالمغرب، أن يكتب يوميات “الحبس الاختياري”.
مؤسس “المنتدي المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف”رئيس “المركز المغربي للديموقراطية والأمن” وأمين عام شبكة “أمان لتأهيل ضحايا التعذيب والدفاع عن حقوق الإنسان”، ورئيس “أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي” وعدد من التنظيمات الحقوقية والجمعوية، اختار أن يتعامل مع حالة “الطوارئ الصحية” التي أعلنت بالمغرب لمواجهة تفشي وباء فيروس “كورونا” المستجد، بتدوين يومياته في “الحجر الصحي” على شكل حلقات متتالية.
(الحلقة 13)
خلال مجريات محاكمتنا في بحر شهر فبراير 1984 تمسكنا جميعنا بانتمائنا إلى أحزابنا الشرعية ، كل من موقعه ، وتشبتنا بنضالنا السلمي وخيارنا الديموقراطي ، نافين أي ارتباط بمنظمة إلى الأمام ، وأكدنا أن الملفات والتهم مفبركة والمحاكمة صورية ، هدفها هو تبرير حركة القمع والاعتقالات الواسعة التي شملت أطر ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، لغايتين ، الأولى اوضحناها في الحلقة السابقة ( الحلقة 12مكرر ) وهي ” التنزيل ” الحرفي لما جاء في الخطاب الملكي من تصنيف وتوصيف (مغرض ) ، إقحام منظمة ” إلى الأمام ” والتي لم يعد لها وجود تنظيمي ( منذ الحظر والمحاكمة سنة 1977.
وقبل أن يعلن بعض ممن اعتقلوا في بحر 1985 وضمن مجموعة 26 ، إلى جانب بعض قدماء معتقلي السجن المركزي؛ تأسيسهم لحزب النهج الديموقراطي ،اعتبر من قبلهم امتداد لمسار حركة إلى الأمام )، والصهيونية ثم توريط دولة إيران، حيث نسب إليها دعم فلول الشبيبة الإسلامية المغربية ، والذين اعتقلوا وحوكموا أمام غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، هذه الغاية التي اريد بها، في نفس الوقت ، التغطية على الهدف الخفي والجوهري ، وهو إخلاء الجامعات كمدارس لتكوين الأطر ولتخريج القيادات الديموقراطية ولإشاعة الحداثة والفكر النقدي والعلمي؛ ومن أجل ضرب ألعصفور الثاني بنفس الصخرة، ألا وهو إحلال الحركة الإسلامية ( السنية ) كامتداد أصولي محافظ للدولة و كبديل للحركة التقدمية، وكحركة واقية ومناهضة للمد الشيعي ( الخميني ).
وقد تأكدت هذه التوقعات باحتلال وهيمنة المد الإسلامي على قيادات المنظمة الطلابية الأوطمية ، محليا ووطنيا ، وبدليل القرار الشهير بتعيين وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ، في بحر شهر فبراير 1984 ، والذي تكلف بإعادة هيكلة الوزارة وتنظيم أدوارها وتوسيع صلاحياتها بمقتظى ظهير ، وهو الوزير الذي ظل على رأس الوزارة من تاربخه الى سنة 2002 ، وبذلك تغيرت الاستراتيجية وتكرس القطاع الحكومي كوزارة سيادية لعبت أدوارا سياسية وثقافية حاسمة في العلاقة مع تدبير الشأن الديني ، ودون التطرق إلى الادوار التي لعبتها الوزارة ، وعلى الخصوص في تحفيز ودعم كل الحركات الدينية ” السنية” بذريعة مناهضة المد الشيعي ، ومانتج عنها من حركات سلفية وانتعاش فلول الحركة الوهابية وشتات الحركة الإخوانية ، ودون الحديث عن دور الوزارة الريادي ، شراكة مع مجهودات العقل الإيماني الأمني لوزارة الدولة في الداخلية والإعلام بقيادة الوزير البصري ؛ كمهندس المرحلة وشرطيها العام ، في مناهضة مقتضيات التحديث والاصلاح الذي جاءت بها حكومة التناوب التوافقي ، وهذا ما سوف نفرد له مقالات خاصةلاحقا ؛ لأن ما يهمنا في هذه الحلقة هو ابراز الغاية من الهجمة القمعية على الحركة التقدمية، والتي تدرجت ، كمسلسل مخطط له مسبقا، منذ انتفاضة يونيو 1981 وما تلاها من انعقاد مؤتمري القمة الإسلامي والقمة العربي ، في كل من الدارالبيضاء وفاس ، في انسجام تام مع مخطط تصفية الجناح الثوري والتحرري في منظمة التحرير الفلسطينية بإنعاش مسلسل التسويات الذي تعثر منذ اتفاقية كامب دايفيد ، وكذا بالقضاء على ما تبقى من جبهة الصمود والتصدي ، موازاة مع مخطط عزل وتطويق تداعيات ” الثورة الاسلامية الإيرانية ” والتي رشح المغرب الرسمي نفسه رائدا له .