اختار الأستاذ والمحامي، مصطفى المنوزي وهو من عائلة معروفة بمنطقة تافراوت، عائلة مقاومة للاستعمار الفرنسي ومناضلة في سنوات الجمر والرصاص بالمغرب، أن يكتب يوميات “الحبس الاختياري”.
مؤسس “المنتدي المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف”رئيس “المركز المغربي للديموقراطية والأمن” وأمين عام شبكة “أمان لتأهيل ضحايا التعذيب والدفاع عن حقوق الإنسان”، ورئيس “أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي” وعدد من التنظيمات الحقوقية والجمعوية، اختار أن يتعامل مع حالة “الطوارئ الصحية” التي أعلنت بالمغرب لمواجهة تفشي وباء فيروس “كورونا” المستجد، بتدوين يومياته في “الحجر الصحي” على شكل حلقات متتالية
(الحلقة 21)
من بين الموضوعات التي كنا نتداولها ونتحاور بشأنها تاريخ حركة التحرر الوطنية، في إطار حياتنا ” البضانصية” المعرفية، ولأن المناسبة شرط، ونحن نخلد يوم السابع من ابريل ذكرى ” فسخ ” عقد الحماية المبرم مع المستعمر الإسباني، هذا الإنهاء لمقتضيات الحماية، لا يهم مدينة طرفاية و منطقة إيفني والأقاليم الجنوبية في الصحراء وكذا سبتة ومليلية والجزر الجعفرية، وانما يهم فقط ما يسمى بالمنطقة الخليفية بشمال المغرب ( ما عدا طنجة ) والتي احتلها الاستعمار الإسباني.
وبهذه المناسبة أستحضر التفاعل والنقاش الحادين الذي أعقبا العرض والتقديم اللذين قرأ وبسط بهما محسن عيوش كتاب لجرمان عياش ” أصول حرب الريف ” ، الصادر سنة 1981 في الجزء الأول والذي يتطرق للثورة في الريف ودور محمد بن عبد الكريم الخطابي، فقد حصل توتر كبير نتيجة سوء فهم واستيعاب المعطيات حول التحول الذي طرأ في شخصية وقناعة وارادة زعيم الريف، عشية اندلاع الحرب. فالنقطة التي أثارت الجدال والانفعال هي التركيز على تحليل جرمان عياش عندما قام برصد علاقة الريفيين بالإسبان، وهو حديث قاده إلى الحديث عن آل الخطابي، وبالتحديد عبد الكريم الأب وابنه محمد الذي “” دخل التاريخ باسم والده “” و”” كان يتعامل مع الإسبان وضميره مع وطنه”” .
فالكاتب توسع في تحديد مجال تحرك عبد الكريم وابنه من صديقين لإسبانيا إلى مناوئين لها ثم إلى معاديين يرفعان راية المقاومة. تحولت تظاهرتنا الثقافية إلى لحظة درامية. وبالنسبة للنقطة التي أفاضت الكأس تتعلق ” بإبراز علاقة الخطابي الأب بالإسبان، عبر كشف علاقة الريسوني بهؤلاء.
ومنذئذ لم تتح لنا فرصة لتحويل الغضب الانفعالي الذي ساد الأجواء إلى قلق فكري مؤطر علميا، وهذا ما سأعود إلى تفاصيله التي اتمنى أن تكون منتجة للحقيقة المنشودة، وذلك ضمن السيرة الذاتية ” في ترتيب النهايات ” ، لأن سماع ” حقيقة ” جرمان عياش كان بمثابة صدمة عنيفة، لن ننكر أننا اول ضحاياها، وهي شبيهة بصدمة اتهام الشهيد المهدي بنبركة بالتورط في إغتيال الشهيد محمد الناصري المعروف بعباس المسعدي، وقد عانينا في المنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف من مثيل هذه الصدمات، ولحسن حظنا كقيادة نجحنا في تدبير مثل هذه الوقائع والحقائق المفارقة، فقد استطعنا احتواء السجال القاسي على ذاكرتنا الجريحة، فالسياسي، الذي يقود، في زمننا الرديء، الثقافي، ضخم الهوة والصراع واسس لبياضات مهيكلة بين مطلب الحقيقة ونزعة الاسطرة، لتتحق الأهداف المبيتة وهي تماهي المسؤولية السياسية الدولتية مع المسؤوليات الحزبية والفردية غير الدولتية.
ومن المواضيع التي تقتضي مواصلة و استكمال النقاش حولها، سؤال الرأسمال المغربي ومن يمثله وامتداد قاعدته الإجتماعية، والذي كان موضوع أطروحة لمحسن عيوش تحت عنوان “السلطة الاقتصادية والسلطة السياسية بالمغرب”، والتي استفدنا كثيرا من بعض المعطيات “ذات طبيعة حساسة إن لم تكن امنية”، لا تقل وقعا من حيث الإندهاش والصدمة، و التي كانت تحتاج، و لو خارج السجن وفي زمننا الحالي، إلى معركة طويلة الأمد في سياق تحقيق مطلب الحق في المعلومة. وهنا لا مناص من التنويه بدور الأخت حورية الشريف الحوات، الإطار في اتحاد المقاولين العرب، بعد أن تم إعفاؤها من الخدمة المدنية بوزارة الداخلية، هي أم ندى عيوش وشادي عيوش، والتي دعمت خزانة محسن بالسجن، ومن خلاله ساندت وأغنت حصادنا المعرفي، على أمل تقليص الهوة وتكريس الحق في الاختلاف ومأسسة التعايش السلمي .