اختار الأستاذ والمحامي، مصطفى المنوزي وهو من عائلة معروفة بمنطقة تافراوت، عائلة مقاومة للاستعمار الفرنسي ومناضلة في سنوات الجمر والرصاص بالمغرب، أن يكتب يوميات “الحبس الاختياري”.
مؤسس “المنتدي المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف”رئيس “المركز المغربي للديموقراطية والأمن” وأمين عام شبكة “أمان لتأهيل ضحايا التعذيب والدفاع عن حقوق الإنسان”، ورئيس “أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي” وعدد من التنظيمات الحقوقية والجمعوية، اختار أن يتعامل مع حالة “الطوارئ الصحية” التي أعلنت بالمغرب لمواجهة تفشي وباء فيروس “كورونا” المستجد، بتدوين يومياته في “الحجر الصحي” على شكل حلقات متتالية..
(الحلقة 29)
بتاريخ 24 يونيه 1979 تأسست الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بإيعاز سياسي من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وشراكة مع حقوقيي ومحاميي ومثقفي الحركة التقدمية وبعض قدماء المعتقلين السياسيين المفرج عنهم حديثا، وفي سياق بيئة حقوقية وأجواء سياسية متوترة، وفي ظل حملة قمع شرسة تعرض لها مناضلو الكونفدرالية الديموقراطية للشغل، وأغلبهم من حزب الاتحاد .ش . ق . ش؛ على إثر الإضراب الوطني التاريخي ليومي 10و 11 أبريل الذي دعت له الك .د . ش ، بدعم من الاتحاد الاشتراكي (سنعود في حلقة خاصة لإبراز بعض المعطيات التي توصلت إليها حول من حمس وحفز الى اتخاذ القرار، ليس من حيث صوابه من الناحية المبدئية، ولكن من حيث تعمد اعتماد 48 ساعة عوض الاكتفاء ب24 ساعة، خاصة وأنه لم يمر على التأسيس، نوفمبر 1978، سوى نصف سنة، حيث رئة النقابات لا زالت فتية ).
تأسست الجمعية ايضا بالموازاة مع التحضير الأدبي والمادي لتنظيم المؤتمر الوطني 16 للاتحاد الوطني لطلبة المغرب ( بعد قرار رفع منع المنظمة الطلابية سنة 1978، هذا المنع الذي دام نصف عقد، أي منذ 24 يناير 1973). انعقد المؤتمر 16 في صيف سنة 1979، والذي استعمل فيه اسم وصورة الشهيد محمد كرينة كشعار وعنوان للائحة الطلبة الاتحاديين خلال الحملة الانتخابية للمنتدبين؛ وكان الشهيد قد توفي جراء التعذيب إثر اعتقاله بتهمة تحريضه ومشاركته في المظاهرة التي دعت اليها الك د ش ليوم 30 مارس 1979 الموافق ليوم الارض الفلسطيني.
فاز الاتحاديون بالأغلبية في المجلس الإداري للمنظمة واللجنة التنفيذية، بتحالف مع طلبة منظمة العمل الديموقراطي الشعبي وطلبة حزب التقدم والاشتراكية، برئاسة محمد بوبكري.
وقد تأسست فروع الجمعية والتي كانت حاضرة ومتابعة لأغلب المحاكمات ( آزرنا الأستاذ علي الكتاني منتدبا عن الجمعية خلال أطوار محاكمة دجنبر 1981 في ملف المنوزي ومن معه) طيلة الفترة ما بين تاريخ التأسيس إلى التاريخ المقرر والمفترض لانعقاد المؤتمر الأول للجمعية في بحر فبراير 1983، والذي تم منعه، وأتذكر أننا حضرنا الجمع العام لانتخاب ألمؤتمرين بغرفة التجارة والصناعة بالدارالبيضاء، تحت إشراف من تبقى من اعضاء مكتب الفرع، اذكر اليزيد البركة وأمينة بركيم شقيقة المحامي محمد العربي بركيم ثم الأستاذ أحمد فلقي (قاضي حاليا)، وتم نسفه من طرف “بعضهم”، والذين استعملوا النقابة، بشرها وحجرها.
اضطرت اللجنةالتحضيرية إلى تأجيل و نقل الجمع العام إلى الرباط، حيث تم انتخابنا مندوبين عن فرع الدارالبيضاء، وكان لتلك الأجواء المتوترة والخلافات السياسوية ( وكان للصراع التنظيمي داخل الاتحاد الاستراكي وقعه) علتها في منع المؤتمر الأول, وستعرف الجمعية حالة جمود الى حدود سنة 1988، حيث ستعرف بعد ذلك محاولة للانتعاش بفضل الأستاذ عبد الرحمان بنعمرو والراحل محمد الحيحي صهر الشهيد المهدي بنبركة، وصاحب النداء الشهير والذي من خلاله جميع الاتحاديين الى توحيد الصفوف وعقد مصالحة، وذلك خلال الذكرى الاربعينية للراحل صادق العربي الشتوكي ( سنعود الى الرسالة وخلفيتها ).
وهو أيضا الرئيس المؤسس للجمعية المغربية لتربية الشبيبة ( ستعرف بدورها انشقاقا بسبب نفس الصراع الاتحادي / الاتحادي )، والذي يعود له الفضل والدور الأساسي في بلورة الميثاق الوطني لحقوق الإنسان. وذلك بالموازاة مع مبادرة المهدي المنجرة وعبد الرحمان للتحضير لتأسيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ، والذي تم في 12 يناير 1989، والتي حصل لي شرف، في حضنها، تأسيس فرع أكادير والأقاليم الجنوبية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، بتأطير ودعم من النقيب عبد اللطيف أوعمو ويحيى البودراري، وكلاهما تمرنت كمحام بمكتبهما، حيث انتخبت كاتبا عاما للفرع ، وانتخب المحامي عبد الرحمان نورالدين من حزب التقدم والاشتراكية آنذاك) نائبا للكاتب العام، (قبل أن ينتخب لاحقا نائبا برلمانيا باسم العدالة والتنمية خلال العهد المحمدي ) .