اختار الأستاذ والمحامي، مصطفى المنوزي وهو من عائلة معروفة بمنطقة تافراوت، عائلة مقاومة للاستعمار الفرنسي ومناضلة في سنوات الجمر والرصاص بالمغرب، أن يكتب يوميات “الحبس الاختياري”.
مؤسس “المنتدي المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف”رئيس “المركز المغربي للديموقراطية والأمن” وأمين عام شبكة “أمان لتأهيل ضحايا التعذيب والدفاع عن حقوق الإنسان”، ورئيس “أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي” وعدد من التنظيمات الحقوقية والجمعوية، اختار أن يتعامل مع حالة “الطوارئ الصحية” التي أعلنت بالمغرب لمواجهة تفشي وباء فيروس “كورونا” المستجد، بتدوين يومياته في “الحجر الصحي” على شكل حلقات متتالية..
(الحلقة 30)
رغم أن التأسيس الرسمي لمنظمة العمل الديموقراطي الشعبي لم يعلن عنه إلا بعد الإيداع القانوني في بداية يناير 1983 ، فإن الدينامية الفكرية والسياسية والتنظيمية قد انطلقت قبل هذا التاريخ بأكثر من ثلاث سنوات ، في شكل مراجعات فكرية وسياسية نقدية ، منذ المنفى وبعده ، وتوجت بإصدار جريدة انوال ، كموحد تواصلي جماعي لأغلبية قدماء مناضلات ومناضلي منظمة 23 مارس ، والذين يعتبرون أنفسهم إمتدادا تنظيميا للحركة الماركسية اللينينية بقيادة المناضل محمد بنسعيد آيت يدر الشتوكي وإلى جانبه ( وفق المعايشة والمعاينة في حينه ) عدد كبير من الأطر والفعاليات على رأسهم محمد المريني ومحمد الحبيب طالب والعربي مفضال وابراهيم ياسين .
وفي الساحة الطلابية كنا نتعامل ، على الصعيد الوطني مع حسن السوسي ومحسن عيوش، وعلى الصعيد المحلي ، وفي إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بكلية الحقوق ، كنا نتحاور مع المرحوم هيجري وعائشة أبوناي وعائشة خمليشي ومحمد عيوش . كانوا هادئين وديموقراطيين ، يؤطر حوارنا وصراعنا السياسي والنقابي التعاون والاحترام المتبادل ، رغم أنهم كانوا يساندون الأطروحة الرسمية لحزبنا ، ويتعاملون معنا كمجرد تيار متمرد داخل الاتحاد الاشتراكي .
غير أن التاريخ سيسجل لهم موقفهم التاريخي عندما قرر المناضلان محسن عيوش وحسن السوسي عدم الاستجابة لقرار الانسحاب من المؤتمر الوطني السابع عشر لأ.و.ط.م . وأيضا رغم أن جريدة أنوال كانت تتعامل مع يسار الاتحاد الاشتراكي ك “مجموعة بنعمرو ومن معه ” .
وهذا في نظري راجع إلى كون تيار المجموعة التي ستنشق عن المنظمة كانت هي المهيمنة على هيأة التحرير بالمنبر الإعلامي ، في إطار الحزب الإشتراكي الديمقراطي ، والذي حل نفسه وقرر الاندماج في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية . في حين اعتبر حزب اليسار الاشتراكي الموحد امتدادا لمنظمة العمل الديموقراطي الشعبي . ولموضوع الانشقاقات والاصطفافات عودة لاحقا .
وقد سبق التفصيل في بسط ملامح علاقتنا مع كل من محسن عيوش وعبد الحفيظ حجامي ومحمد بلمقدم ، من خلال المدة السجنية التي قضيناها معا . ولكن في هذه الحلقة ان تفوتني الفرصة دون الترحم على عبد السلام المودن الذي درسني مادتي الفزياء والكمياء ، في السنة الثالثة والسنة الرابعة وذلك في ثانوية عبد الرحمان بلقرشي ، كان ينعتها ب ” جنان ” اي عرصة ، لكونها كانت محادية لاصطبلات الحمير ، وخلفها ينعقد السوق الأسبوعي لقريعة ” لاربعا سباتا ” ، وكان يلومني على قرار انتقالي من ثانوية ابن بطوطة ( عندما كانت توجد بزنقة كلميمة زاوية شارع مولاي يوسف بالدارالبيضاء ) . رغم صغر سني كتلميذ أهداني ” النقد الذاتي ” لعلال الفاسي . وقد سبق لي أن زرته -دون رخصة – سنة 1980 ، وأهم نصيحة قدمها لي هو أن أقرأ المؤلفات الفكرية بلغاتها الأم ( الأصل ) ، وهو آنذاك كان بصدد تعلم اللغة الألمانية . لقد استفدت من كتاباته وكذلك كتابات علال الأزهر والمريني والحبيب طالب ، وطبعا لا يسع المجال للتفصيل في علاقتي الخاصة بمناضلي المنظمة الأم ، ولكن وجب التنويه بصداقة المناضل محمد بنسعيد للعائلة ، وعلى الخصوص علاقته بالشهيد ابراهيم المنوزي ايام جيش التحرير و عمي سعيد إبان المقاومة .
وأحييه لتواضعه وإنسانيته اللذين كان يغمرنا بهما كلما زارنا في السجن . وجدير بالتذكر الفقيد الحسين كوار رفيق المناضلين الاتحاديين منذ ان كان يتدرب معهم في معسكر الزبداني او عين البيضاء في سوريا ، قبل أن يعتقل مع بعضهم ويحاكم في محاكمة مراكش الكبرى في صيف 1971 بخمس سنوات سجنا ، وكان بعض رفاقه يبررون صنيعه بكون مكلف بنقل التجربة والاستفادة منها . وكان من أعز الأصدقاء الأخ مولاي الطاهر المرابطين بأكادير ، وهو شقيق الشهيد ابراهيم التزنيتي الملقب بالنمري ، المقاوم والمناضل ضمن حركة 3 مارس 1973 .
وبالموازاة تعاملت كثيرا مع مناضلات المنظمة ، وعلى الخصوص مع مناضلات اتحاد العمل النسائي وعلى رأسهن لطيفة جبابدي ونزهة العلوي و عائشة لخماس وفاطمة أكناو . وكان عملهن قيمة مضافة للمشهد الحقوقي النسائي .في الحلقة المقبلة سنركز على سياق اشتغال المنظمة منذ نيل الاعتراف بالشرعية القانونية .