خلال أكتوبر 1999 إنعقد التجمع الوطني الأول للضحايا بالدار البيضاء، والذي سيتقدم خلاله النقيب عبد الرحمان بنعمرو بعرض حول وضعية حقوق الإنسان ،ملخصه تحديات معالجة الانتهاكات ورهانات الحركة الحقوقية وانتظارات الضحايا ؛ وبعده تقدم الراحل إدريس بنزكري بعرض حول إستراتيجية العدالة الانتقالية.
و” انتخب ” هذا الأخير ضمن لجنة تحضيرية من 6 أعضاء للتحضير للمؤتمر التأسيسي لمنتدى الحقيقة والإنصاف ؛ وبين محطة أكتوبر ونهاية نونبر ، جرى نقاش كثيف وسال مداد كثير ، من تقارير حزبية وأمنية ، فظاهريا كان يبدو ان ترددا هناك وحذر هنا يطوق الإرادات ؛ وإذا كانت قيادة الاتحاد الإشتراكي قد حسمت عدم المشاركة رسميا في التأسيس المؤسساتي ؛ فإن بقية الأحزاب والهيئات السياسية ( التقدمية والديموقراطية واليسارية ) فوضت لمنتسبيها من قدماء ضحايا سنوات الرصاص حرية الانخراط ، ما عدا حزبي الطليعة والنهج ( قبل الاعتراف به قانونية سنة 2004) فقد تفاوضا معا حول التأمين السياسي لهذه العملية “الحقوقية ” ، وتوافقا على صيغة تنظيمية تضمن البناء المتدرج للثقة.
وكان التوافق على الرئيس أولا عنصرا حاسما ، فقد زكاه رفاق الأمس ، وتنازل ضمنيا قدماء الاتحاديين عن إقتراح الرئيس من بين مناضلي حركة عائلات المختطفين . وكما سبقت الإشارة تأسس المنتدى يوم 28 نونبر 1999 ، انتخب أولا المكتب التنفيذي ثم تم التوافق على تشكيل فسيفساء المجلس الوطني ، ومن بين الاتحاديين البارزين الذين تم ” انتخابهم ” المحامي توفيق الإدريسي أحد معتقلي قضية مجموعة الغيغائي ( الراحل الحبيب الفرقاني ) الذي حوكموا ضمن محاكمة مراكش الكبرى سنة 1971، والفقيد بوجمعة بجاجا ومحمد إقبال ، ومحمد كرم المحامي وعضو المنظمة المغربية لحقوق الإنسان .
وقد المنتدى يشتغل متعثرا ، ولم يحصل على وصل بإيداع الملف التاسيس إلا بعد سنة تقريبا ، مع الإشارة إلى أن المنتدى اختار منزل خديجة الرويسي عنوانا لمقره الإجتماعي ، وكان دورات المجلس الوطني تنعقد مرات في مقر اليسار الإشتراكي الموحد (آنذاك ) ، ومرات أخرى في قاعة أنوال التابعة لجماعة المعاريف ، قبل أن تتحول الى مقاطعة جماعية .
وخلال هذه الفترة سوف تتأسس نواة علاقات خاصة حول الرئيس ، وهي التي ستتيح فرصة لتجسير العلاقة مع ” الدولة ” عبر قناة الشؤون الداخلية بوزارة الداخلية ، خاصة بعد فعاليات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان 2001 ببوزنيقة ، والتي انبثقت عنها هيأة المتابعة مشكلة من المنتدى والجمعية والمنظمة ، هذه الهيأة التي توافقت مع لجنة حكومية مشكلة من وزارة الداخلية والصحة والمالية ، وتمت صياغة ” اتفاق إطار ” وقع عليه بالأحرف الأولى ، لم يكتب له التوقيع النهائي ، خاصة وأن الراحل ادريس بنزكري وفريقه ، ما عدا خديجة الرويسي وعبد الكريم المنوزي ، انسحبوا من المنتدى غداة المؤتمر الأول للمنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف.
وعشية انعقاد أول مجلس وطني الذي سينتخب 11 عضوا من المكتب التنفيذي مع الإحتفاظ للمنسحبين بأربعة مقاعد عند عودتهم ، غير أنه بعد فشل المفاوضات وعدم بلوغ تسوية ، اجتمع المكتب التنفيذي المكون من محمد حجار ومحمد حسين وعبد الباقي اليوسفي وحسان كمون وبالمجدوب وعزيز لوديي وخديجة الرويسي ومحمد الصبار ولحسن موثيق ومحمد المتوكل . وبعد أشهر تقرر إلحاقي بالمكتب التنفيذي رفقة أحمد الحاو .
وبهذه الصفة حضرت لقاء فريدا مع مصلحة الشؤون الداخلية ، ترأسها لأول مرة ياسين المنصوري المعين حديثا والآتي من وكالة المغرب الغربي للانباء ، وكان حاضرا معي عن المنظمة الفقيدان عبد الرحيم المعداني وعبد الله الولادي وخديجة الرويسي ومحمد الصبار . وتحضرني واقعة ايتغرب لها الحاضرون ، حينما انتهينا من التعرف على البعض وقدم كل واحد منا نبذة موجزة عن ملف الاختفاء القسري ، من زاوية نظره ، تدخل رئيس الشؤون الداخلية وقال بأنه لن يعقب على تدخلاتنا وانما سيعود بعد أيام لكي يستدعينا بحكم انه لا يعرف شيئا عن الملف ، فقلت له ببداهة ” فأنا أيضا لأول مرة انضم إلى اللجنة هاته ، وقبل المجيء وضعني زملائي في الصورة ، وكذلك انتم ، لاشك أن زملاءك ( كان الشرقي الضريس من بين الحاضرين ) قد نوروك بالمعطيات ” ضحك الجميع فقال ياسين ” إلى حد ما ” ودعانا لشرب الشاي .
فلم نعد الإجتماع ، فقد عين الملك عمر عزيمان رئيسا و ادريس بنزكري أمينا عاما للمجلس الإستشاري لحقوق الإنسان يوم تاسع دجنبر 2002 .أي شهران من إعفاء عبد الرحمان اليوسفي . وبعد سنة وشهر ، اي في السابع من يناير 2004 عين الملك محمد السادس أعضاء هيئة الإنصاف والمصالحة ، وتتكون هذه الهيئة التي يترأسها إدريس بنزكري من ثمانية أعضاء من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان هم السادة محمد مصطفى الريسوني و عبد العزيز بنزاكور و أحمد شوقي بنيوب ومحمد البردوزي والسيدة لطيفة اجبابدي ومبارك بودرقة ومحجوب الهيبة و مصطفى اليزناسني ، كما ضمت هيئة الإنصاف والمصالحة ثمانية أعضاء من خارج المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان هم السادة عبد اللطيف المنوني وماء العينين ماء العينين و إبراهيم بوطالب ومحمد النشناش وعبد العزيز بناني وصلاح الوديع وإدريس اليزمي وعبد الحي المودن .