المنوزي يكتب: يوميات الحبس الاختياري (الحلقة 72)

مصطفى المنوزي

عندما خطب الراحل الحسن الثاني على إثر انتفاضة يناير 1984، ركز في تحميل المسؤولية السياسية لأشباح، أي لتنظيمات سياسية لا وجود لها على أرض الواقع، وكأن بمحرر الخطاب يروم نسبة ما يجري من احتجاج وتمرد مدني على سياسة التفقير والتحقير والقمع والتشريد لجهات مجهولة مدعومة من جهات أجنبية، حددها العقل الأمني في الصهيونية والشيوعية والمد الشيعي، في حين أن من فصلوا عليهم ثوب الخطاب لا علاقة لهم بالجهات الشبح المشار إليها، بدليل أن أغلب من اعتقلوا ينتمون إلى قدماء الحركة الإتحادية التاريخية، وخصوصا من انشقوا أو في طريقهم إلى الإنشقاق عن الحزب الأم الإتحاد الإشتراكي (الاتحاد الوطني سابقا ) للقوات الشعبية.

والمقصود والمستهدف بالأساس قياديو ومناضلو الإتحاد الوطني لطلبة المغرب من بين المناضلين المحسوبين على منظمة العمل الديموقراطي الشعبي ويسار الاتحاد المعروفون، في الجامعة المغربية بانضوائهم تحت فصيل رفاق الشهداء؛ وحوكموا بسنوات تتجاوز السنة، فأغلب المفرج عنهم لم يعانقوا الحرية سوى بعد صيف أوخريف او شتاء سنة 1985، ليظل السؤال المحير والمنتج لأجوبة مفترضة تلائم منطقيا التساؤل والحيرة المرافقة له.

فالجواب المحتمل مرتبط أساسا وعضويا بالوقائع التي جرت بين يناير 1984 ويناير 1986. وهكذا يمكن ان نذكر بعضنا البعض بما حدث لعلنا نصيغ ملامح أجوبة شراكة؛ من جهتنا لابد أن نتذكر أنه في بحر فبراير 1984 تم إعفاء الهاشمي الفيلالي الإستقلالي التعادلي من مهام وزير الأوقاف، وتعيين محله المحامي المدغري العلوي، مع تحيين وتغيير النظام المتعلق بتنظيم صلاحيات ومهام وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، وهذه المرة بمقتضى ظهير ، مما يكرس الوزارة سيادية.

ونظرا لكفاءة الوزير ورضا المؤسسة الملك عنه، منذ صارت الوزارة تؤطر وتدبر الحقل الديني خدمة لها باسم تحقيق الأمن الروحي؛ فقد ظلت هذه الكارزما إلى حدود أكتوبر 2002 ، حيث حل محله أحمد التوفيق الجامعي المتصوف في ظل حكومة إدريس جطو. وثاني أبرز حدث هو انعقاد المؤتمر الوطني للاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية في صيف 1984، تحت شعار “أزمة المجتمع ام أزمة الدولة.

وثالث حدث هو الانتخابات التشريعية والتي حصل فيها الاتحاد على 34 مقعد، بعد أن صارت المقاعد “تهمنا” حسب موقف القيادة، في حين طعن حزب الإستقلال مسطريا وسياسيا في العملية الانتخابات، واعتبرت قيادته أن مقاعده هربت لفائدة الحليف الكتلوي . وفي خطاب افتتاح البرلمان، يوم 12 اكتوبر أشار الملك الراحل الحسن الثاني إلى أهمية مطلب عودة مصر إلى حظيرة جامعة الدول العربية بعد أن عادت إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، مرتكزا على جدوى اتفاقية الاتحاد العربي الإفريقي المغربية الليبية، ودعا من خلال البرلمان إلى عقد مؤتمر القمة العربي لهذه الغاية.

وكل هذا وقع في ظل حكومة كريم العمراني والذي كان قد عين وزيرا اول في نونبر 1983 و أعيد تعيينه في 11 أبريل 1985، باعتباره رأسماليا كبيرا ومهندسا لسياسة التقويم الهيكلي.

وكان من بين الأحداث الوطنية أيضا إعتقال مجموعة من المناضلين الشبان من اليسار الجديد، حوكموا على ثلاث دفعات بدعوى علاقتهم مع قدماء الحركة الماركسية اللينينة، بأحكام قاسية، سيشكل بعضهم لاحقا تنظيم “النهج الديموقراطي”.
يتبع

اقرأ أيضا

قراءة وتحليل لقرار مجلس الأمن رقم 2756 حول الصحراء المغربية

قبل أن نبدأ في التفصيل وشرح مقتضيات القرار 2756، يبقى جليا بنا أن نقف على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *