المنوزي يكتب: يوميات الحبس الاختياري (الحلقة العاشرة)

اختار الأستاذ والمحامي، مصطفى المنوزي وهو من عائلة معروفة بمنطقة تافراوت، عائلة مقاومة للاستعمار الفرنسي ومناضلة في سنوات الجمر والرصاص بالمغرب، أن يكتب يوميات “الحبس الاختياري”.

مؤسس “المنتدي المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف”رئيس “المركز المغربي للديموقراطية والأمن” وأمين عام شبكة “أمان لتأهيل ضحايا التعذيب والدفاع عن حقوق الإنسان”، ورئيس “أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي” وعدد من التنظيمات الحقوقية والجمعوية، اختار أن يتعامل مع حالة “الطوارئ الصحية” التي أعلنت بالمغرب لمواجهة تفشي وباء فيروس “كورونا” المستجد، بتدوين يومياته في “الحجر الصحي” على شكل حلقات متتالية.

(الحلقة العاشرة)

منذ ثلاث سنوات على الأقل ، كنت قد انهيت تقريبا صياغة سيرتي الذاتية ، وقررت نشرها لولا أن بعض المعطيات ، ذات طابع سياسي وأمني ، جعلتني أتردد في إخراج المنتوج ، ومن أهم الخلاصات ذات العلاقة بالاعتراف وبالإنصاف وبالاصطفاف والانعطاف ، عبر سلسلة من الوقائع مهيكلة لبدايات تأسيسية أو مهيئة لنهايات مصيرية .

وكان السؤال المهيمن على ارادة الكتابة هو نقطة البداية وغاية النهاية، وتبين في آخر المطاف بأن الأمر يتعلق بعديد من البدايات والمقدمات تسير وتستهدف كنتائج كثيرا من أشباه النهايات، فكانت المهمة والعبرة هي بلوغ صيغة مناسبة لترتيب النهايات، باعتبار ان ما جرى من وقائع اجتماعية وسياسية وثقافية واقتصادي مجرد حالات متراكمة في الزمن الاجتماعي، تؤثث تفاصيلها ثنائية جدلية ، في سياق صراع وهدنة ، حرب وسلام ؛ تتجلى معالمها الروحية في عشق عميق للحياة وملامحها المادية خوف متواتر وشديد من الموت . إن الأمر لا يرتبط بالانشغال بالمعيش اليومي ، ولا يتعلق فقط بموت الفرد وحده ، ولا حتى بالموت الجماعي ، ولكنه يرتبط بمصير وطن يتشكل من كافة المواطنين كمعطى وجودي ، وكعنصر مهيكل دونه يتقوض الأساس البيولوجي للوطن .

فالوطن ، جغرافيا وتاريخ ، يعد معطى مطلقا ، و يقابل الموت كحقيقة مطلقة لدى كل مواطن مواطن على حدة ، وبذلك فالموت بالنسبة للوطن ليس حقيقة مطلقة ، اللهم إلا اذا صار فناء ، وهو قرار لا يتأتى تفعيله إلا بالقوة القاهرة أو تراخي ارادة المواطنين وعدم إجماع إرادتهم على تمسكهم بالحق في الحياة .

ولعل التمييز بين خيار المقاومة ، مقاومة الموت ، وببن خيار التحرير ، تحرير الوطن من مخاطر انقراضه ؛ ليؤكد هذه الفرضية ويبرهن على نسبية تحققها . فبقاء الوطن رهين بتحريره كافة ، وربح رهان الاستمرارية والوجود ، وأما خيار المقاومة فهو رهين بمدى توفر عناصر الصمود الذاتية فقط ، على عكس ارادة التحرير التي تقتضي تماهي وتوافر عناصر الصمود الذاتي والموضوعي ( السياسي ) معا.

فهل يتأتى هذا الأخير دون ارادة وطنية شاملة تحت تأطير الدولة (كعقل وفكرة مطلقة) أو ممثلي الشعب ( كتعاقد اجتماعي ) . فهل نحن ، حقا ، في لحظة مأسسة خالصة لكينونة الوطن بمواطنيه كمستقر للوعد بالخلود الحيوي ضد الفناء المطلق ، أم نحن بصدد التلذذ بنزوة او غريزة تؤسس لأسطرة عبور ، مقدس أو مدنس ، إلى ما بعد ” دنيا ” الوطن ؟

شاهد أيضاً

«مهند القاطع» عروبة الأمازيغ / الكُرد… قدر أم خيار ؟!

يتسائل مهند القاطع، ثم يجيب على نفسه في مكان أخر ( الهوية لأي شعب ليست …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *