اختار الأستاذ والمحامي، مصطفى المنوزي وهو من عائلة معروفة بمنطقة تافراوت، عائلة مقاومة للاستعمار الفرنسي ومناضلة في سنوات الجمر والرصاص بالمغرب، أن يكتب يوميات “الحبس الاختياري”.
مؤسس “المنتدي المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف”رئيس “المركز المغربي للديموقراطية والأمن” وأمين عام شبكة “أمان لتأهيل ضحايا التعذيب والدفاع عن حقوق الإنسان”، ورئيس “أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي” وعدد من التنظيمات الحقوقية والجمعوية، اختار أن يتعامل مع حالة “الطوارئ الصحية” التي أعلنت بالمغرب لمواجهة تفشي وباء فيروس “كورونا” المستجد، بتدوين يومياته في “الحجر الصحي” على شكل حلقات متتالية.
(الحلقة الثانية)
أثار انتباهي يوم أمس ، وأنا أشاهد فيديو للقوات العمومية وهي تناشد المواطنين بإخلاء الشوارع ، أن بعضهم عوض استيعاب النداء الموجه عبر مكبرات الصوت والاستجابة للمطلوب ، يحاول الإقتراب ، حبا في الاستطلاع او محاولة للتأكد من مدى جدية العملية التحسيسية والأمنية في نفس الوقت ، فلاحت أمامي عدة صور كلها من الماضي ، أولها قطعة من تلاوة أحمد بوكماخ تحت عنوان ” الطفل الأمي ” … وأغلبنا يتذكر أن عمود النور طلي وجعلت عليه لوحة لكي لا يتلطخ المارون ، واقترب الطفل الأمي من اللوحة فجرى ما جرى ….
وأما الخاطرة الثانية هي واقعة المسرح البلدي بالدار البيضاء التي احتضنت مرافقه ، خلال بداية الثمانينيات آخر تظاهرة فنية ، قبل أن يصدر الصدر الأعظم قراره الأمني بهدم المعلمة ، عندما كان سيحضر محمود درويش واعتذر ، وحضر فقط الشاعر أحمد دحبور ، وغصت قاعة المسرح عن آخرها ، وظل الشبان خارج المسرح بالعشرات ، وتدخلت قوات ” السيمي 4 ” لتفريق الجماهير ، واستعملت قنابل الأكريموجين ، ويبدو أن صلاحية الذخيرة قد انقضت ، لأنه لوحظ أنه عوض أن تسيل تلك ” القنابل ” الدموع ، كانت تسيل ” الخنونة ” ، والتي بسببها ظل بعض براعم الشبيبة الاتحادية مرضى لمدة اكثر من اسبوعين ، ومن بينهم شقيقي العربي المايسترو .
أما الإحالة الثالثة ، بمثابة إيحاء ، فهي أن التمرين على فض التجمهر بكل مرونة وهدوء و سلمية سيقتضي مزيدا من الوعي بأن المنع من التجول مجرد إجراء استثنائي ، خلفيته أمنية بالمعنى الإيجابي ، لأن المطلوب هو تكريس حفظ النظام العام المؤسس لمقتضيات الأمن الصحي المؤطر بالحكامة الأمنية ؛ وعبر التدرج الفوري ينبغي تعزيز وتسليح رجال القوة العمومية بكل وسائل الوقاية من العدوى ونزعة ” العدوان ” .