المعمار الأمازيغي الطراز الجمالي الساحر
يعتبر الفن المعماري الفن الذي يركز على البناء لفضاءات تأوي الإنسان وتلبي حاجاته الأسرية والاجتماعية وغيرها.
وعلاوة على نفعيته ووظائفه المتعددة، وبعيدا عن العشوائية في تكوينه ، فإنه ينبني على العلم والإبداع ،ولأن المعمار فضاء ملازم لحياة الإنسان ظل وسيظل يهتم بجماليته وأناقته ومظهره الذي يحمل خصوصيته مقارنة بمعمارات الآخرين.
وحين نسمع مصطلح الفن المعماري يتبادر إلى أذهاننا فنُّ وعلمُ التصميم للأبنية بشكل دقيق يزواج بين متانته وجماليته.ومن هذا المنطلق ، صار المعمار محتلا للريادة الإبداعية في كثير من البلدان ،سواء عبر الواقع أو عبر الفنون التشكيلية.
ولأن المعمار يكتسي كل هذه الأهمية ، فقد خصصت جوائز قيمة لأحسن المعماريين في العالم ومن هذه الجوائز جائزة الاتحاد الأوروبي للعمارة المعاصرة، وجائزة “بيتركر” ،وجائزة “ألفار ألتو” ، وجائزة “آغا خان للهندسة المعمارية” ،وجائزة “بريميم إمبريال “، وجائزة القوس الفضيّ وغيرها…
وإذا كانت كل دولة تحاول إبراز خصوصياتها الهوياتية إبرازا يشرفها فإن المغاربة حرصوا على جمالية المعمار الذي يمثل ثقافتهم وهويتهم ورؤيتهم للعالم ، وسنقتصر على المعمار المغربي ذي الطابع الأمازيغي ، وعلاقته بالتشكيل.
المعمار الأمزيغي في أعمال تشكيلية
إن القصور و المداشر والقصبات الأمازيغية تجمع بين وظائفها الاجتماعية والحمائية والجمالية لتعزز حضورها في حياة أهلها مما جعلهم يستحضرونها في فنونهم ومنها الفن التشكيلي ،حيث دأب ثلة من المبدعين التشكيليين الشباب وغيرهم على إبراز الملمح الجمالي للقصبة في لوحاتهم التشكيلية عبر مختلف التقنيات والاتجاهات الإبداعية.
لقد جذب المعمار الأمازيغي مبدعين ومبدعات أمازيغيين فعمدوا إلى إخراجها بمواهبهم في رسومات ولوحات تشكيلية وبتقنيات متنوعة ،ولأهميتها التاريخية والثقافية صارت تحتفي بها أعمال إبداعية كثيرة تختلف من فنان إلى آخر مما جعلها مفردة كَثُرَ الاشتغال عليها لتصير سيدة اللوحات التشكيلية في الجنوب المغربي ، ولأنها كذلك فكل فنان يحاول أن يبرز مهارته وحذقه في التفنن من أجلها بأسلوب وتقنيات مختلفة ، وصارت بذلك أيقونة تشكيلية تحمل طرائق وأساليب تعبيرية عن رمزيتها وجمالها الساحر.
وهكذا نجد المعمار الأمايغي المتمثل فيما يسمى ب” القصبات ” يتخذ صورا كثيرة ومتنوعة في أعمال هذا الفنان أو ذاك ، فهناك من يحاول أن يبرزها بصورة انطباعية تحيل على سحرها الأخاذ كما في بعض أعمال التشكيلي الشهير محمد ملال ،وهناك من يحاول أن يرسمها بصورة تبديها كما هي في الواقع كما في بعض أعمال التشكيلي إبراهيم بوزير، وعمر أيت سعيد ، وهناك من يحاول التعبير عبرها عن جمالية التراث الأمازيغي فيجعلها متراكبة مع غيرها من عناصر هذا التراث وفي مقدمتهم محمد بوصابون.
لقد عرف المعمار الامازيغي فنيته ارتباطا بالأمازيغ الذين حاولوا تجسيد رؤيتهم للعالم عبر تصاميم هندسية جميلة مستخدمين في ذلك المواد الطبيعية المتوفرة مما جعل بناياتهم جزءا من الطبيعة وهو الأمر الذي يجعل التشكيليين لا يرسمون المعمار الأمازيغي وحيدا بل يرسمونه رفقة محيطه الجميل مطرزا بمعطيات طبيعية جميلة.
إنه المعمار الأمازيغي الجميل الذي تتضاعف جماليته في اللوحات التشكيلية التي لا تبديه مستقلا عن طبيعة جميلة تحيط به بما تحمله من أشجار متنوعة وغدران وسواقي رقراقة.
مبررات الاهتمام بالمعمار الأمازيغي في الفن التشكيلي
واهتمام الفنانين التشكيليين بالمعمار الأمازيغي له مبررات منها :
ـ جماليته التي تزداد كلما جسدناه في لوحات وبتقنيات وأساليب متنوعة تستجيب له بنيته ومعطياته الخارجية.
ـ استمالة الناس إليه بعيدا عن المعمار الحديث الذي يحاول طمس ملامح الهوية الأمازيغية في أبعادها التراثية والجمالية.
ـ المساهمة في رد الاعتبار وتوجيه الاهتمام بالمعمار الأمازيغي القديم وتجديد بنائه عبر مواد حديثة (اسمنت ، حديد ، جبس ..) والتي لم تتوفر في المعمار القديم مما جعله آيلا للاندثار والزوال.
ـ جعل الأجيال الجديدة يتأملون في الطراز المعماري الذي أنشأه أجدادهم.
إن الفن التشكيلي وهو يحاول الارتباط بالمعمار يحاول الوصول إلى الإحساس الروحي الذي تضفيه مفردات المعمار الأمازيغي متناغمة مع المفردات التراثية الأخرى ،لذا نجد أغلب اللوحات الخاصة بهذا المعمار العريق موثثة بما يكمل خصوصياتها في علاقة مع التراث الأمازيغي بأبعاده الجمالية ، والنفعية عبر الألوان والظلال واللمسات الروحية والشعورية التي من شانها استلهام الماضي من أجل ربطه بالحاضر.
لقد جعل الله الإنسان مفطورا على حبه لمأواه مبدعا في بنائه ،وفي أثاثه التي يستخدمها فيه ،وفي التضاريس المحاطة به ،ولأنه كذلك فقد عمل جاهدا على خدمته بالترميم وبالفنون وفي صدارتها الفنون التشكيلية.
وسيظل المعمار الأمازيغي حاضرا في لوحات تشكيلية وفي أشرطة سينمائية وتلفزية وغيرها احتفاء به ،واهتماما بجماليته الفريدة الساحرة.
لحسن ملواني ، كاتب وتشكيلي من المغرب
لقد بين الفن التشكيلي الذي قمتم بتصميمه بالطراز الأمازيغي هوية المعمار الأمازيغي ونشكيلاته القديمة.
لقد أعجبت كثيرا بفنكم التشكيلي. ووفقكم الله وأتمنى لكم التوفيق والوصول الى المبتغى. وشكراً جزيلاً.