الناشطة الكوردية شيرين جمال لـ”العالم الأمازيغي”:الكورد والأمازيغ تعرضوا للغزو والإبادة الثقافية

قالت الفاعلة والعضو المتطوع في “مؤسسة بارزاني الخيرية”، شيرين جمال محمد، إن التشابه بين كل من الشعب الكوردي والشعب الأمازيغي، “كبير إلى حد بعيد، فكلاهما شعب أصلي وعريق في منطقته، وكل منهما له مقومات وجوده التي لا غنى له عنها حتى يكون، والتي تختلف كلياً عن مقومات الشعوب الخاضعين لها كالعرب والفرس والترك.”

وأشارت في حوار مع “العالم الأمازيغي” إلى أن “كليهما تعرض للغزو وللإبادة الثقافية، بل ولمحاولات إبادته عرقيا ووجوديا،غير أنهما لم يرضخا للأمر الواقع، واقع التجزئة والتشتت، وواقع سياسات التعريب والتتريك والتفريس، بل قاوما وبكل الوسائل التي أتيحت لهما لاسترداد حقوقهما المهضومة من قبل الثقافات المهيمنة أو الأنظمة الحاكمة، كما خاضا ولا يزالان نضالاً مستميتاً من أجل حمل تلك الأنظمة على الاعتراف بحقوقهما القومية والسياسية واللغوية والثقافية..”.

حاورها/ منتصر إثري

نبدأ بالسؤال الكلاسيكي من تكون السيدة شيرين؟     

شيرين جمال محمد، هي امرأة كوردية من جنوب كوردستان، من مواليد 23 سبتمبر في مدينة السليمانية حيث عاشت وترعرعت وأكملت دراستها الإعدادية. انتقلت ما بين السنوات 1985-1987 إلى مدينة أربيل ودرست في معهد الصحة العالي هناك لتعمل، بعد التخرج، في مجال تخصصها (كمصورة شعاعية) في عدة مستشفيات في مدينة أربيل والسليمانية، في التسعينيات من القرن الماضي هاجرت إلى ألمانيا وعاشت هناك لمدة 16 سنة، بعدها عاد بها حنينها للوطن إلى بلدها كوردستان في سنة 2010. والآن تسكن في مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان.بدأت الدراسة في مجال آخر هو الإدارة والأعمال وحصلت على شهادة البكالوريوس بدرجة امتياز، الشيء الذي شجعها على التفكيرفي التحضير للحصول على شهادة الماجستير في نفس تخصصها، وهي الآن على وشك الانتهاء من كتابة رسالتها في مجال الايزو 26000 .

في سنة 2016 بدأ اهتمامها بالأعمال الخيرية حيث شرعت، كمتطوعة في ”مؤسسة بارزاني الخيرية” في مساعدة النازحين الهاربين من بطش وعدوانية تنظيم داعش الإرهابي الذي احتل مناطقهم وتسبب في نزوح أعداد كبيرة منهم إلى مناطق إقليم كوردستان، سواء النازحين من مناطق شنكال وبعشيقة (وهم الإيزيديون والمسيحيون) أو النازحين من مدينة الموصل وضواحيها ومدن أخرى من وسط وجنوب العراق والتي كانت محتلة هي الأخرى من قبل تنظيم داعش الإرهابي.

*هل لنا أن نتعرف منكم على ”مؤسسة بارزاني الخيرية” وأهدافها؟

”مؤسسة بارزاني الخيرية” هي مؤسسة غير حكومية وغير سياسية وغير ربحية،مؤسسة إنسانية خيرية بالدرجة الأولى تأسست عام 2005 في مدينة أربيل بجنوب كوردستان (إقليم كوردستان العراق).

للمؤسسة دور كبير في مجالات عدیدة منها مساعدة النازحین واللاجئین والمعوزین في إقلیم کوردستان، كما تهتم المؤسسة بالجانب التربوي ومجال التربیة (بالأخص تعلیم وتربیة الأطفال) وتحسین الوضع الصحي وتوفیر المستلزمات والاحتیاجات الضروریة لذوي الاحتیاجات الخاصة والمعاقین.

وأما في الآونة الأخيرة فقد توسعت نشاطات المؤسسة خارج إقليم كوردستان لتشمل المحافظات العراقية.

ومن أهم أهداف المؤسسة ما يلي:

ـ تقديم خدمات خيرية خاصة بالمجالات الاجتماعية والثقافية، وذلك بهدف تحسين المستوى المعيشي لسائر أبناء المجتمع الكوردستاني والإنساني بشكل عام.

ـ مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير فرص مواتية للاستفادة من طاقاتهم وإمكانياتهم الذاتية في المجالات المختلفة.

ـ مساعدة المسنين والعوائل المعوزة وضحايا الأحداث والحروب والمجاعة، وقد هيأت المؤسسة لإنجاز هذا الهدف فرق طوارئ خاصة بهذا الجانب.

ـ مساعدة البيشمركة القدامى وعوائل الشهداء والمؤنفلين.

ـ مساعدة الطلبة والشباب المعوزين وتوفير حاجاتهم الضرورية بغية تفعيل دورهم داخل المجتمع، إلى جانب توفير مساعدات أخرى لإنجاز عملية الزواج وتسهيليها عليهم.

ـ إحياء تراث القائد الراحل الملا مصطفى البارزاني وتخليد أمجاده، وذلك من خلال تأسيس معهد دولي تابع لكوردستان لأرشفة التراث الإنساني لهذا القائد العظيم والقيام بجمع المعلومات الخفية عن الكفاح القومي وتأسيس متحف عصري خاص بها.

كما تعمل المؤسسة على إحياء المناطق القديمة التي شغلها واستخدمها البارزاني الخالد، إلى جانب تسجيل مساعي البارزاني الإنسانية والخيرية على كافة الصعد وأرشفتها.

ـ التضامن مع المؤسسات والجمعيات الخيرية الأجنبية والمحلية بهدف تفعيل أنشطة المؤسسة في كافة المجالات المؤشر إليها آنفا.

ـ الاهتمام بالمشاريع التنموية والاستثمارية سيما تلك التي تتعلق بالجانب الإنتاجي للمعوزين بهدف تعويدهم الاعتماد على أنفسهم.

“لمؤسسة بارزاني الخيرية دور كبير في إغاثة النازحين واللاجئين بعد اجتياح تنظيم داعش الإرهابي لمناطق واسعة في العراق وتوجه الآلاف من النازحين واللاجئين إلى إقليم كوردستان”

*هل يقتصر دور المؤسسة على المجالات الخيرية أم يتخطاها إلى مجالات أخرى؟

لا يقتصر دور المؤسسة على المجالات الخيرية، بل تقوم المؤسسة بأعمال لوجستية ومشاريع تنموية وأخرى استثمارية، كما بالأعمال الإدارية كإدارة المخيمات.

*ماهي الصعوبات والعراقيل التي تواجهكم؟

من أهم الصعوبات التي نواجهها هي زيادة أعداد النازحين المستمرة إلى الإقليم وذلك بسبب ضعف الدعم المالي المقدم من قبل المنظمات الدولية لإعادة إحياء المناطق المحررة وخصوصا القطاعين الصحي والتعليمي .

*كيف تشتغلون في المناطق التي تعرف التوترات والمواجهات المسلحة؟

في هذه المناطق نعمل بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية لضمان قيامنا بالمهام المنوطة بالمؤسسة على أكمل وجه، بالإضافة إلى ذلك فإن المؤسسة تمتلك كوادر جيدة لديها روح عالية لإيصال المساعدات إلى الأماكن الأكثر حاجة. وهذا لأنهم يسيرون على نهج القائد مصطفى بارزاني الخالد.

*قدمتم في السنتين الماضيتين مساعدات كثيرة للنازحين في مناطق المواجهات المسلحة؟ حدثونا عن هذه التجربة؟ 

كان للمؤسسة دور كبير في إغاثة النازحين واللاجئين بعد اجتياح تنظيم داعش الإرهابي لمناطق واسعة في العراق وتوجه الآلاف من النازحين واللاجئين إلى إقليم كوردستان،وكذا بعد اجتياح هذا التنظيم لمناطق أخرى داخل سوريا خاصة كوردستان الغربية التي لم تتردد المؤسسة في إيصال مساعداتها إلى المتضررين بها من هكذا اجتياح واعتداء.

كما حاولت المؤسسة، بالتعاون مع المنظمات الدولية وعبر عملها في مخيمات النازحين واللاجئين، ملء الفراغ الذي تركه غياب أي دور حقيقي للعراق في مساعدة المنكوبين خلال الأعوام الأربعة الماضية.

*كيف تمكنتم من الوصول إلى النازحين في بعض المناطق التي تسيطر عليها داعش؟

طبعا إن ”مؤسسة بارزاني الخيرية” كبقية المنظمات المحلية والعالمية تقوم بدورها في المناطق التي تطلب المساعدة، ونحن نلبي  طلب المحتاجين في كل زمان ومكان. يتم التنسيق في هذه الحالات مع السلطات المحلية لإنجاح عمليات تقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين والمعوزين.

*من أين تستمد المؤسسة مختلف الإعانات لتنفيذ برامجها وخططها في تقديم الدعم للمحتاجين والنازحين؟ 

تعتمد ”مؤسسة بارزاني الخيرية” على المنظمات الدولية والدول المانحة والشركات الضخمة في الإقليم، وكذلك على تبرعات المحسنين والخيريين من داخل الإقليم أو من خارجه.

* ما الدور الذي يمكن أن تؤديه المؤسسة لخدمة القضية الكوردية في المنطقة والعالم؟

الدور الرئيسى الذي تؤديه المؤسسة وتسير قدما لنشره وأدائه في كل بقعة من بقاع العالم هو السير على نهج القائد الراحل الملا مصطفى بارزانى وتنفيذ مقولته (فخر للإنسان أن يكون في خدمة شعبه) وذلك ضمن البرامج الإنسانية التي تقوم بها باستمرار.

*كفاعلة كوردية كيف تنظرين إلى مسألة الفيدرالية وحق تقرير المصير وقضايا الديمقراطية وحقوق الانسان؟

الفيدرالية،كما هو معروف، هي نظام حكم تتبناه البلدان المتعددة الأعراق والثقافات والقوميات، ”نظام حكم تكون السلطات فيه مقسمة بين حكومة مركزية وحكومات أصغر كالأقاليم أو الولايات”

إنه نظام ناجح في ضمان الحقوق والحريات كما في تدبير مشاكل الاختلاف والتعدد، ولكن لتطبيقه يختلف من دولة لأخرى، ففي البلدان الديمقراطية المتقدمة أثبت النظام الفيدرالي نجاحه، ولكن في دولة يسودها نظام حكم شوفيني مركزي لا يعترف بأبسط حقوق الآخرين لم ولن يكون نظاما ناجحا.

ولعل خير مثال على ذلك هو إقليم كوردستان الذي كان من المفترض أن يستفيد من نظام حكم فيدرالي، لكن الحكومة المركزية في بغداد لمتحترم أي حق من حقوقه التي يضمنها هذا النظام سواء كما هو معروف دوليا، أو كما هو منصوص عليه في الدستور العراقي.

بالنسبة للحق في تقرير المصير، فأعتقد أن من حق أي شعب له مقومات وجوده الذي تميزه عن غيره، أن يتمتع بحق تقرير مصيره، خصوصا الشعوب المضطهَدة بسبب العرق أو القومية أو الدين وغيرها، ونحن الكورد أحد هذه الشعوب إذ لنا خصوصياتنا التي تميزنا عن غيرنا، بل والتي تمنحنا كل الحق في أن نقرر مصيرنا ونطالب باستقلالنا، غير أن دول الجوار ترفض حقنا في كل وجود حر كريم لتجبرنا على العيش معها على حساب تلك الخصوصيات والمقومات، والتاريخ شاهد على حجم المعاناة والظلم الذي عانيناه من قبل الأنظمة الحاكمة في هذه الدول بهذا الصدد وعلى مر السنين.

ـ وأما عن الديمقراطية فما دامت الديمقراطية هي ”شكل من أشكال الحكم، قائم على التداول السلمي للسلطة وحكم الأكثرية الذي يشارك فيه جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة إما مباشرة أو من خلال ممثلين”، حكم تكون فيه السلطة للشعب، أي أن الشعب هو من يقرر مصيره السياسي ويختار الحكومات، فأرى أنها أفضل نظام لضمان مختلف الحقوق والحريات.

“الشعبان الكوردي والأمازيغي تعرضا للغزو وللإبادة الثقافية، بل ولمحاولات إبادته عرقيا ووجوديا”

*ماذا تعرفين عن القضية الأمازيغية؟ وما أوجه التشابه بينها وبين القضية الكوردية؟

أود بدءً أن أعترف لكم بأن معرفتي بالقضية الأمازيغية بدأت مع تعرفي على الكاتبة السيدة ملكة مزان، إذ جعلني حبي واحترامي لهكذا سيدة مناضلة أشعر بضرورة الاهتمام بالقضية الأمازيغية فصرت أقرأ عنها وعن الشعب الأمازيغي،وكان أن اكتشفت أن القضية هي قضية عادلة لشعب من أقدم شعوب شمال إفريقيا،شعب كان وما يزال يتواجد على مساحة شاسعة تمتد من واحة سيوا على مشارف مصر شرقا حتى المحيط الأطلسي غربا، وعلى امتداد الصحراء الكبرى والساحل الإفريقي حتى مالي والنيجر جنوبا.

بالنسبة للجزء الثاني من السؤال المتعلق بأوجه التشابه بين القضيتين الأمازيغية والكوردية فقد لاحظت على مدى قراءاتي أن التشابه بين كل من شعبي الكوردي وشعبكم الأمازيغي كبير إلى حد بعيد، فكلاهما شعب أصلي وعريق في منطقته، وكل منهما له مقومات وجوده التي لا غنى له عنها حتى يكون، والتي تختلف كلياً عن مقومات الشعوب الخاضعين لها كالعرب والفرس والترك.

مقومات لعل من أهمها لغته الأم، تلك اللغة التي تختلف اختلافا كليا عن الباقي اللغات الموجودة في المنطقة وخصوصا اللغة العربية والفارسية والتركية.

كما أن كليهما تعرض للغزو وللإبادة الثقافية، بل ولمحاولات لإبادته عرقيا ووجوديا،غير أنهما لم يرضخا للأمر الواقع، واقع التجزئة والتشتت، وواقع سياسات التعريب والتتريك والتفريس، بل قاوما وبكل الوسائل التي أتيحت لهما لاسترداد حقوقهما المهضومة من قبل الثقافات المهيمنة أو الأنظمة الحاكمة، كما خاضا ولا يزالان نضالاً مستميتاً من أجل حمل تلك الأنظمة على الاعتراف بحقوقهما القومية والسياسية واللغوية والثقافية.

*رأيك بكلمة في حق كل من:؟

مسعود البارزاني: قائد حكيم مخلص لشعبه ولوطنه.

المرأة الكوردية: سيدة المواقف الوطنية البطولية.

الدولة الكوردية: حلم مشروع لكافة الشعب الكوردي، بل مطلب إقليمي ودولي نتمنى أن نراه يتحقق قريبا، بل يسعدنا جميعا أنه مطلب سيتحقق عاجلا أم آجلا.

اقرأ أيضا

جزائريون ومغاربة يتبرؤون من مخططات النظام الجزائري ويُشيدون بدور المغرب في تحرير الجزائر

أثنى متداخلون مغاربة وجزائريين على دور المقاومة المغربية في احتضان الثورة الجزائرية ودعمها بالمال والسلاح، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *