هشام عبود كاتب وصحفي جزائري، من مواليد منتصف خمسينيات القرن الماضي بمدينة أم البواقي بالأوراس، من أصول شاوية أمازيغية، درس بالجامعة الجزائرية، تخرج من معهد العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر أوخر سبعينيات القرن الماضي. بموازاة مع دراسته مارس مهنة الصحافة وهو في سن 19 سنة. اشتغل في عدّة صحف باللغتين العربية والفرنسية. وكانت بدايته في مجلة «الشباب والحركة» باللغة الفرنسية، وهي نشرة خاصة بالثقافة والرياضة قبل أن ينتقل إلى يومية «الجمهورية» ثم إلى الأسبوعية الرياضية «الهدف» سنة 1977، والتحق سنة 1979 بالمؤسسة العسكرية في منصب رئيس تحرير الطبعة الفرنسية لمجلة «الجيش» إلى غاية سنة 1986.
بعدما تمّ منع صدور يوميّة الأصيل بتارخ 3 نونبر 1993 والتي أسسها هشام عبود في مدينة قسنطينة كأول يومية مستقلة بشرق الجزائر في دجنبر 1992، قام بإصدار يومية «الحر» في مارس 1994، ولم تعمر هذه الجريدة طويلا إذ أغلقتها السلطات الجزائرية في شهر غشت من نفس السنة. أصدر بعدها أسبوعية تحمل نفس الاسم، منعتها السلطات الجزائرية، وقامت بمتابعة هشام عبود بتهمة «المساس بأمن الدولة» كما تعرٌض لعدة ملاحقات قضائية بسبب كتاباته الصحفية.
أمام تعدد الأحكام القضائية ضده، التي بلغ عددها الأربعة، اضطر إلى مغادرة البلاد في 17 فبراير 1997 بالرغم من منعه مغادرة الجزائر. طلب اللجوء السياسي في فرنسا، حيث استقر بها، ليواصل مشواره الصحفي وينشر سنة 2002 كتابا تحت عنوان «مافيا الجنرالات». هذا المؤلف عبارة عن ثمرة لقاءات مع شخصيات عسكرية متخصصة، ولاقى الكتاب شهرة كبيرة.
للمزيد من التفاصيل حول حياة هشام عبود ومواقفه من النظام الجزائري ومن عدد من القضايا والملفات كقضية الصحراء والصحافة والأمازيغية في نص هذا الحوار الذي سنقوم بنشره على حلقات:
ما هو المسار العلمي والأكاديمي لهشام عبود؟
أشكركم على الاستضافة، لقد ترعرعت في حي شعبي يسمى «باب الواد» بالجزائر العاصمة، وأصلي من مدينة أم البواقي بالأوراس، من أصول شاوية أمازيغية، درست بالجامعة الجزائرية، تخرجت من معهد العلوم السياسية والإعلام سنة 1978، وأثناء دراستي كنت أمارس مهنة الصحافة، أي في عمر 19 سنة.
قضيت أربع سنوات بالجامعة، ما جعلني أتعرف على أنواع كثيرة من الجرائد، واشتغلت بالصحف اليومية والأسبوعية والنصف شهرية والشهرية، واطلعت على خصائص كل واحدة منها على حدة، وبعد تخرجي التحقت بالجيش الوطني الشعبي، لأنه كان لي عقد معهم منذ أن حصلت على البكالوريا، نظرا للسياسة المتبعة آنذاك بالجزائر بعد فترة الاستقلال، وحاجة البلد لدم جديد واستقطاب شباب جدد للجيش، ودمجهم حسب التخصصات، تماشيا مع المبدأ القائل آنذاك، إن الجيش يجب أن يكون منفتحا على الواقع الوطني.
وما ميز الجيش في تلك الفترة هو أنه كان يقوم بمشاريع تنموية، بحيث قام الجيش الجزائري ببناء الطريق الصحراوي من الجزائر العاصمة إلى الحدود النيجيرية والحدود المالية، كما ساهم في تنمية عدة قرى فلاحية والتي جعلها تتوفر على كل مستلزمات العيش، وبلغت حينها حوالي 400 قرية، وكان في البرنامج 1000 قرية، لكن مع وفاة الرئيس بومدين توقفت كل تلك البرامج ومنها البرامج الإنمائية، كما قام الجيش الوطني ببناء السد الأخضر، الذي كانت غايته وقف زحف الرمال نحو الشمال، بمعنى أن الجيش كان يساهم في كل أوراش البناء الوطني، ما جعل شباب الجامعة يتحمس للالتحاق به، وكنت من ضمنهم.
ما علاقة هشام عبود بالصحافة؟
لما تخرجت من الجامعة شاركت في دورة تكوينية بمدرسة «بريدة»، دامت تسعة أشهر، وبعدها توجهت نحو مجال الإعلام، واشتغلت بمجلة الجيش التي كانت باللغتين العربية والفرنسية، وبعد شهر من التحاقي بها وبالضبط سنة 1979، كنا بصدد تحضير عدد خاص بالذكرى 25 لفاتح نونبر 1954، وكانت لدي أفكار، وقمت بمبادرات جعلت المسؤولين يعرضون علي أن أكون رئيس تحرير المجلة باللغة الفرنسية، وكنت آنذاك أصغر مسؤول إعلامي بالجزائر، حيث كان سني لا يتجاوز 24 سنة، وبلغت هذا المنصب نظرا لتجربتي التي راكمتها خلال أربع سنوات اشتغلت خلالها بالصحافة المدنية كما سبق وأن ذكرت، ولما كنت رئيس تحرير مجلة الجيش التي كانت مجلة سياسية، قمنا من خلالها بتحقيقات ربورتاجات، وكانت تضم أركان ثقافية، رياضية، كنا نكتب في كل المجالات، وكان كل الصحافين الجزائريين يؤدون الخدمة الوطنية عن طريق هذه المجلة، التي كانت تخصص 6 أشهر للتدريب العسكري و18 شهر يعمل فيها بمجال تخصصه، بعد فترة وبالضبط سنة 1986، بدأ انحراف التوجه السياسي بالجزائر، وبدأت مشاكل تتضارب مع القيادة العسكرية بعد أن كانت المجلة تتميز بهامش كبير لحرية التعبير أكثر مما كان في الصحف المدنية، وأسماء كبار الصحافة بالجزائر أدت خدمتها العسكرية بمجلة الجيش، وسنة 1986 بدأت الضغوطات تمارس علي أنا شخصيا، وبعد شهرين قررت التوقف، لم أستطع أن أكون رئيس تحرير وأتلقى أوامر، وأكون مجبرا على اطلاعهم بالفهرس وعلى ما سنقوم بكتابته، ولم أقبل بلعب دور الواسطة، وكان هناك ضباط خريجي الجامعة آنذاك من ضمنهم النقيب رضوان الذي كان قد أنهى مساره بالجيش، ومدير الديوان الجنرال توفيق الذي كان قد بلغ فترة التقاعد والنقيب شفيق مصباح الذي كان يشتغل إلى جانب توفيق في ديوان الجنرال «بالوصيف» الذي كان أمين عام بوزارة الدفاع الوطني، وغادر الجيش برتبة نقيب لأنه لم يقبل الممارسات التي كانت بالجيش آنذاك، وحاليا هو مستشار عبد المجيد تبون، للأسف ضرب التاريخ الذي راكمه عرض الحائط، وكان لدي احترام كبير له، وهؤلاء كان قد كلفوا لمراقبة المجلة ومراقبتي، الأمر الذي لم نتقبله ووصلنا لحل من خلال تحويل المجلة إلى مجلة عسكرية بحثة، تتطرق فقط للقضايا العسكرية، وتتوقف عن الصدور في الأكشاك، هنا قررت أن أنسحب من الجيش سنة 1986 لأني دخلته كصحفي لا لغاية أخرى، وبقيت سنتين دون عمل، إلى أن ألح علي كل من مدير الأمن العسكري الجنرال لكحل عياض رجل أحترمه وأعتبره أب روحي والرائد الحاج الطهر عبد السلام هو من منطقتي الأوراس ومجاهد شارك في التحرير، لأنضم لمديرية الأمن المركزي، أي جهاز المخابرات، بما أني مزدوج اللغة كلفت بملف الشرق الأوسط، وبقيت أشتغل حول هذا الملف إلى غاية 1990، ولما اشتغلت بمنصب نائب المدير المكلف بالتحليل والتقييم، ثم عينت بديوان الجنرال الذي عوض لكحل عياض، وشهدت تجاوزات جعلتني أقرر أن أنسحب من جديد، الأمر الذي أخذ وقتا لقبوله، واخيرا تم قبول طلبي سنة 1992، بعد إلحاح وأربع لقاءات متتالية استقبلني فيها الكولونيل توفيق الذي كان مدير الجهاز وحاول إقناعي بالبقاء، وأخبرته أني مقتنع بالقرار الذي اتخذته وأنه بقبول طلبي سيكون قد قدم خدمة للجزائر، وبعدها أسست يومية مستقلة جهوية في الشرق الجزائري، هنا بدأت مشاكلي مع النظام، حيث تم توقيف الجريدة بعد ستة أشهر، وأسست أخرى باللغة الفرنسية Le libre وهي الأخرى تم توقيفها بعد ستة أشهر، وكل تجاربي الصحفية توقفت في بدايتها، ولم تطل أكثر من 11 شهرا، وتكللت بأربع أحكام سجنية تراوحت بين شهرين و4 أشهر إلى أن غادرت الجزائر مرغما بعد أن أرادوا توقيفي، طلبت اللجوء السياسي بفرنسا، وذهبت إلى هذه البلاد لأستمر بنضالي، وأسست صحف أخرى، وكتبت LA MAFIA DES GENERAUX وبعائداته أسست مجلة، وموقع إلكتروني، واستمرت عملية الإغلاق والمنفى الذي ما زلت أعيشه.
ماهي أهم الأحداث التي عرفتها الجزائر وأثرت في شخصيتكم؟
كنت ضابطا خلال فترة «الربيع الأمازيغي» سنة 1989، ورئيس تحرير مجلة الجيش، والأمر الذي نجحت فيه هو أن المجلة لم تكتب ولا مقال ضد «الربيع الأمازيغي» وما حصل في تيزي وزو والجزائر العاصمة، وقبلها خلال فترة الجامعة سنة 1976 طرح نقاش حول الميثاق الوطني الذي طرحت فيه القضية الأمازيغية، والأقلية التي طالبت بالأمازيغية من منطقة القبائل، وكان كل من يشهد نضالي حول القضية يقول لي أنت شاوي وتدافع على الأمازيغية، لأن أعداء الأمازيغ دائما يحاولون وضع الشاوي ضد القبائلي، وأنا أقول كلنا أمازيغ والقبائل تعتبر قاطرة والقاطرة بدون قطار لن تتمكن من النجاح، التاريخ يشهد بأن منطقة الشاوية ناضلت كثيرا من أجل الأمازيغية بقيادة الكاهنة وأكسيل، فلمدة سبعين سنة والحرب دائرة في منطقة الأوراس التي دفعت الثمن غاليا للحفاظ على الهوية، واستهدفتهم حرب إبادة خاصة في منطقة متوسة، وهو الحدث الذي حفظته الذاكرة الجماعية من خلال عدة أشعار، وبعد أن تركت الجيش، كنت مع الحركة الأمازيغية بالأوراس وكان معنا الهادي بوراس من كبار المناضلين، والمخرج التلفزي بلقاس بوحدي، وأسسنا جمعية أوراس الكاهنة ترأسها البشير أغرابي وهو من مثقفي الأوراس ومناضل القضية الأمازيغية، وكانت معنا زبيدة عسو محامية وتعرضت لحصار كبير وأحرقوا منزلها، وكنا نلقبها بالكاهنة، وكان معنا الأستاذ مرداسي وسليم شوهالي، وخلال النقاش مع السلطات حول تدريس اللغة الأمازيغية، للأسف دائما نجد انشقاقات داخل الحركة الأمازيغية، مثلا في منطقة القبائل انقسمت إلى ثلاث، وكل ما رغب طرف بالتفاوض يرفض الطرف الآخر، وبالنسبة لنا في الأوراس، قررنا المشاركة في الحوار وإن لم يكن بنية صافية، لأنهم وضعوا بيننا أناس أعداء للأمازيغية مثل السفير عثمان سعدي المعروف بتوجهه البعثي، من ألذ أعداء الأمازيغية، ولم نرغب بترك الساحة خالية أمامهم، لكن لم نحرز أي نتيجة، وأواكبت هذا الحدث من خلال عملي الإعلامي، الذي سخرته لخدمة القضية الأمازيغية، أعطي مثال جريدة الأصيل التي كان يشتغل بها صحافة شباب أشرح لهم أهمية الصفحة الأولى، وكان من بينهم ياسف طايسة صحافي شاب يصغي لتعليماتي بشكل دقيق وترقى لرئاسة التحرير، خلال يوم من الأيام أخرجت مطربة هاوية شريط أغاني اسمها ماسيليا، واقترحت عليه وضعها في الصفحة الأولى وقال لي ليست لدينا واجهة الجريدة هذه صورة مغنية، هنا أخبرته أن الواجهة تعرف بالثقافة الأمازيغية، وبهذه المطربة التي تغني بالشاوية، ومن هنا عرفنا بمجموعة من الشباب والمغنيين الذين يعرفون بالثقافة الأمازيغية، وأعود لأقول أن أم البواقي كان لها دور النهوض بالأمازيغية، وأنجبت مطرب عالمي جامع صبري للأسف لم يجد الدعم الكافي، كان أستاذ اللغة الفرنسية في ملية، وبعد ترسيم اللغة الأمازيغية ذهب لتدريسها، كان مثقف وجريء ونقاشه يجعل أعداء الأمازيغية يصمتون، وابن عمه صابري أنشأ فرقة مسرحية بالجامعة، ونحن كنا متأكدين أن الموسيقى وكرة القدم كفيلة بالتعريف بالثقافة الأمازيغية، مثلا بالمنطقة نجد أن فرقة الكرة والفنان إيدير بعثوا الهوية الأمازيغية من جديد، وجعل الأمازيغ القبائليين والاوراس يفتخروا، واتحاد الشاوية في ظرف ثلاث سنوات أصبح بطل الجزائر وشارك في عصبة افريقيا، وتابع الفريق رجال مناضلين أمثال عبد المجيد ياحي، وسنة 2015 قمنا بإبرام اتفاقية توأمة مع ريال مدريد، وجعلناها سرا وقمنا بزيارة رئيس مؤسسة ريال مدريد، لنقوم بافتتاح نادي ريال مدريد ومدرسة كروية للشباب تحت اشراف ريال مدريد وبعد أسبوع قمنا بالإفصاح عن المشروع، وبمجرد سماع سلطات الجزائر بالخبر اتصلت بالسفير الجزائري محمد حماش المعروف بصيته «الخبيث» في مدريد، وطلبوا منه أن يتصل برئيس مؤسسة ريال مدريد ويقول له أن هذا نادي صغير لا يستلزم اتفاقية التوأمة، وهو قال أعلم أنه فريق من الدرجة الثانية وذو إمكانيات ضعيفة، لكنه لديه إشعاع، وأعطت السلطات الجزائرية 15 مليون أورو لمؤسسة ريال مدريد لتعدل عن الاتفاقية مع اتحاد الشاوية ويتحول لصالح الاتحادية الجزائرية لكرة القدم.
ما هو موقف هشام عبود من النظام الجزائري وكيف يمكنك تقييم الوضع السياسي الحالي بالجزائر؟
نضالي ضد النظام الجزائري لم يكن وليد اللحظة، فهو ممتد منذ خروجي من الجيش الذي كان احتجاج عن الوضع الذي يخدم «المافيا»، وحين أنشأت جريدة وفي عددها الثالث نشرت مقال تحليلي عن لجنة بوشعيب التي حققت في قتل بوضياف، وبالحجج أثبت تجنب اللجنة للحقيقة، وأكدت أن الأجهزة الاستخباراتية هي من قتلته، وبقيت في صراع إلى أن تم توقيف الجريدة، وغادرت الجزائر كان اليمين زروال رئيس الجمهورية وسبق أن تحدثت عن التلاعبات التي صنعت منه رئيس، بعد عهد بوتفليقة نفس الشيء، بقيت بالمنفى 15 سنة إلى غاية 2011، حيث استغليت «الربيع العربي» ودخلت الجزائر لأجد ثمانية أحكام في انتظاري، حول عدة قضايا مثل كتاب مافيا الجنرالات الذي حكم علي من أجله بسنة سجن نافذة، وزرت المحاكم التي أصدرت الأحكام بمجموعة من المناطق الجزائرية، ووكلت ثلاث محامين، وبقيت في الانتظار إلى غاية يونيو 2013، لأخذ ترخيص تأسيس جريدة وحكموا علي بتأسيس جريدتين واحدة باللغة العربية والثانية باللغة الفرنسية، والغاية منها تضييقي ماديا والبحث عن شريك يمولني ويوجه الخط التحريري، الأمر الذي لم ألجأ إليه، وأسست الجريدة بـ 100,000 أورو في البداية، بدأت تنتعش إلى أن تم إغلاقها، الأحكام التي نطقت بها المحكمة الجزائرية ضدي أوسمة شرف بالنسبة لي، حكموا علي بعشر سنوات حبس في تبسة وسبع في محكمة الشراقة بالجزائر العاصمة.
وعلاقة بالجزائر فلأول مرة في تاريخ البشرية أرى دولة تصدر في الجريدة الرسمية قائمة تضم أسماء سياسيين وصحافيين وتنعتهم بالإرهابيين، في حين أن الإرهابيون بالبلد والمعروفين ويحملون سلاح لم يحملوا لقب إرهابي، وأنا أحمل لقب إرهابي مع فرحات مهني وأخرون، مع العلم انني لست معارضا للنظام، لأني لا أنتمي لحزب وليس لدي برنامج سياسي وليس لدي طموح بلوغ الحكم، فقط حرية تعبيري وجرائدي تزعج الحكومة وأشباه المعارضين، أنا ليس لدي ميول لأي ميول.
ماذا تقول بخصوص الحكم عليكم بسبع سنوات غيابيا سنة 2021، وما هي التهمة بالتحديد؟
التهمة هي أني أعلنت عن وثائق تثبت أن الجنرال خالد نزار خلق شركات وهمية ويهرب الأموال ويشتري عقارات في الخارج، ونفس الشيء بالنسبة لزوجته وابنه وزوجة ابنه، عائلة من المجرمين، وسبق أن تعرض لتفتيش من قبل جهاز المخابرات، وصدرت في حقه مذكرة توقيف دولية بتهمة تبييض الأموال، وأوقفوا سيارة ابنه من نوع بورش تحمل مبلغ 165 ألف أورو، وبقدرة قادر يعود نزار بطائرة رئاسية ويحصل على تحايا الشعب، ويبرأ الكل، بينما الذي نشر وثائق تثبت ذلك يحكم بسبع سنوات، هذا شرف لي، ثم أحضروا شخص يقول أنا إرهابي تائب سبق أن أسس مجموعة تضم هشام عبود، وأنا لم يسبق لي أن خالطت هذه الأشكال، وإن أردت أن أصبح إرهابيا فسأخلق مجموعة خاصة بي، مع العلم أن هذا كان تخصصي من قبل حيث كنت مكلفا بملف الإرهاب الدولي عندما كنت في الجهاز الأمني، ولدي دراية بكل تقنياته، لكني أنا مسالم وأناضل بالعمل الصحفي، وهناك تهمة الهجرة السرية ايضا، التي بسببها صدرت في حقي مذكرة توقيف دولية مابين 2014 و2015، وحين دخلت المغرب أوقفتني الشرطة بمطار الدار البيضاء، وتساءلت حينها لماذا لم توقفني الشرطة الفرنسية، ولكن بعد أن راسلوا الانتربول بليون الفرنسية أفرجوا عني بعد ساعتين، وفي سنة 2018 نفس الشيء دخلت المغرب عبر الناظور، قاموا بتوقيفي بسبب تصريحات صحفية والهجرة السرية وأنا لست مجنس ولدي جواز جزائري وبطاقة إقامة، ويتهمونني بأن بطاقة إقامتي مزورة وسبق أن أخبروا عني الشرطة الإسبانية بذلك وتعرضت لتفتيش بسبب ذلك.
وما أود قوله أنني ففي المغرب لا أشعر بالغربة، لأنه بلد يجعلني أشعر بأنني في الجزائر، نفس العادات نفس التقاليد، ولدي أصدقاء.
حدثنا عن كتابكم مافيا الجنرالات خباياه ومحتواه..
مافيا الجنرالات كتاب يحكي تاريخ الجزائر المعاصر ويروي أصعب المراحل التي مرت بها الجزائر طيلة عشرية التسعينيات. عشرية شاهدة على حرب أهلية خططت لها وأنجزتها عصابة متكونة من 11 جنرال يشتغلون في دهاليز السلطة بعيدين عن الأضواء. كما أنه ثمرة لقاءات مع شخصيات متخصصة، وليس كلام فارغ أو أحاديث مقهى، وبداية تحضيره كانت منذ خروجي من الجيش، وأول من كلمته في الموضوع هو الكولونيل قاصدي مرباح، وشرح لي بعض الأمور، مثل كيف وصل الجنرال توفيق إلى منصبه، لأنه كان يأخذ الأوامر من مرباح الذي كان مديرا للأمن العسكري، واستفدت من خبرات كبار الشخصيات الذين تقاسمت معهم فترات العمل لأصيغ الكتاب، أي أن الكتاب يحمل تجارب، فمثلا حين نتحدث عن أحداث أكتوبر 1988، أخذت المصدر من أناس عاشوا الأحداث بمهنية، وقبل أن يتولى بوتفليقة الحكم صادفته عند الفقيه البصري الذي كان يعيش بالجزائر، وتحدثت معه أكثر من ثلاث ساعات، وأخذت منه معلومات أفادتني كثيرا في الكتاب، وترجمة الكتاب موجودة لكن لم ينشر بعد.
سمعنا أنك تحضر كتاب حول حياة الرئيس الراحل بوتفليقة هل سيتم طبعه؟
هو ليس كتاب حول الرئيس الراحل بوتفليقة، وإنما كتاب حول النظام الجزائري خلال مرحلة بوتفليقة، والكتاب أردت نشره سنة 2014/2015 بمطبعة فرنسية دفعت لها 25 ألف أورو كتسبيق على حقوق التأليف، وفي كل مرة تطلب مني إحداث تغييرات على محتوى الكتاب، فطلبت منها التوقف عن الطبع، لأني لم أرغب بتغيير أي شيء إلا إن كان هناك ما يمس بدار النشر قانونيا، حيث سبق وأن جاءت محامية دار النشر التي قامت بطبع كتاب مافيا الجنرالات، وناقشت معي بعض مما جاء به الكتاب، وفي الأخير نشروا الكتاب، وبالنسبة للكتاب الذي يتحدث عن النظام الجزائري لم ينشر، ويجب أن تمر عشر سنوات لأتمكن من نشره، وأنا الآن بصدد تحرير كتاب حول «جزائر السارقين والعرايا»، وأشرح منذ البداية أن صدمة الواقع أكثر من قوة العنوان، فهناك وزيرين وحكومة بأكملها في السجن، ومدراء مركزيين ومدراء شركات أكثر من أربعين جنرال في السجن بتهمة السرقة، وبالنسبة للعراء فهي عدم احترام القانون، فهناك جنرال محكوم ب 15 سنة سجن بعد شهرين يخرج ببراءة، وأدلة عدم احترام القانون ثابتة، وعندما يطالب الشعب بدولة مدنية تمتثل للقانون ينعت بالإرهابي، لأن الدولة العسكرية تناسبهم، وتصدر الأوامر بما يخدم مصالحهم، أي أن الكتاب يبث واقع مر تعيشه الجزائر التي لم تبقى منها أي صفة من صفات دولة، لأن الدولة مؤسسات، البرلمان والمجالس المحلية والدستور الذي قاطع استفتاؤه الشعب، وبتزوير من حكومة تبون تم تحقيق نسبة 24 بالمائة أي أنه ليس شرعي، وبالنسبة لرئاسة الجمهورية انتخابات دجنبر 2019 قاطعها الشعب، فبتيزي وزو وبجاية حققت صفر مشاركة، وبالتزوير بلغت 34 بالمائة، والأمر يستوجب تصويت 51 بالمائة على الأقل، والتالي مؤسسة الجمهورية غير موجودة ونفس الشيء بالنسبة للبرلمان.
يمكن القول أن الحكومة الجزائرية الحالية لديها مشاكل مع المغرب، خاصة بعد استقبال اسبانيا لابراهيم غالي ما هي قراءتكم لهذه الأزمة؟
ليست هناك أزمة سياسية بين الجزائر والمغرب، والعصابة الحاكمة حاليا بالجزائر لا مشكلة لها مع المغرب، بل لديها مشكل واحد وعدو واحد هو الشعب الجزائري الذي رفض إعطاؤها الشرعية، وليغطي على هذا النقص يفتعل مشاكل دولية، فمع تونس مؤخرا افتعلت مشاكل عدة، في الوقت الذي لا تستطيع فعل نفس الأمر مع ليبيا أو النيجر أو مالي مخافة الهجوم، وفي كل مناسبة توجه اتهامات للمغرب بخصوص دعمه للمعارضة والإرهابيين كما تسميهم الحكومة الحالية. أما بالنسبة لي فلو كان المغرب يقبل اللجوء السياسي سأكون أول من يطالب به، أفضل أن أكون لاجئ في المغرب الذي ساعدنا على نيل الاستقلال، على أن أكون لاجئ في فرنسا عدو الأمس الذي قتل في أجدادي.
بالنسبة للتهمة التي توجهها الجزائر حول تمويل المغرب للرشاد والماك فأنا لم أعلم بوجود أحد منهم في المغرب، رشاد جماعة في سويسرا والثانية في فرنسا، وليسوا كثر، ولماذا لا يقطعون علاقاتهم بفرنسا التي تنشط بها هذه الجماعات بمسيرات كبرى وبسويسرا أيضا؟ وأنا حاليا كل أنشطتي النضالية أقوم بها في فرنسا، ومحاولة اغتيالي واختطافي يبحث فيها القضاء الفرنسي والبلجيكي، المغرب لا علاقة له بالماك لأن المغرب استقبل فرحات مرة واحدة لأسبوع باستدعاء من جمعية أمازيغية في أكادير بتأشيرة لاجئ، الجزائر لا تحتج على استقبال كندا لفرحات بينما تلوم المغرب، وفرحات بنفسه يستغرب من موقفها، والجزائر تعارض إسبانيا بحجة تأييد الحكم الذاتي المغربي وسيادته على الصحراء، وفي نفس الوقت تقول أنا لا علاقة لي بقضية الصحراء، وتهدد بقطع العلاقات التجارية لهذا السبب؟، وفي نفس الوقت نجد أمريكا لا تدعم الحكم الذاتي فقط بل تقول بأن الصحراء مغربية ومع ذلك لم تشهر الجزائر أي موقف ضدها أو تقطع علاقاتها التجارية معها، وفي آخر شهر يونيو حضرت أمريكا مناورات عسكرية مع الحلف الأطلسي والمغرب وكندا وتونس والسينغال على الحدود الجزائرية أمام تيندوف، والطائرات العسكرية تمر في الخطوط الجوية الجزائرية، ولم تنطق ولو بكلمة، وهذا أسميه جبن ورخص، ولماذا لم تدعوا الجزائر؟ لأن الحكومة الحالية في الجزائر وضعت الجزائر في قوقعة وجعلته ينغلق على نفسه.
ما رأيكم في انعكاسات الربيع الديمقراطي على تونس وليبيا، هل كانت إيجابية أم سلبية؟
نتساءل أيضا عن أحوال مصر وسوريا وكذا الجزائر منذ خريف 1988 والتي أدت إلى حرب أهلية، في بعض الأحيان ٍارى أن الشعوب شمال افريقيا والشرق اوسطية عندها قابلية لشيء واحد للديكتاتورية، وإلا كيف يمكن تفسير ما يحدث في هذه المناطق، ونقولها بكل موضوعية سوريا دمار وخراب، مصر نفس الأمر والمصريين يصفقون للعسكري السيسي، ليبيا أسوء حال، وتونس التي استبشرنا خيرا بعد ثورة الياسمين وقلنا بادرة خير ودعوة للحرية، وفي النهاية لم يتحقق شيء، وهذا كله يستفيد منه نظام «العرايا»، وليس النظام العسكري، لأن الجزائر في نظام العسكر السالف كانت دولة غنية، والضباط عبدوا الطرقات والسد الأخضر وبنوا الجزائر، والآن إن رغبت في التغيير يتم اتهامك بمجموعة من التهم كالإرهاب والماسونية الخ..، ولحد الآن لم تكن ثورة ضد الديكتاتورية، والجزائر تحب الديكتاتورية، وتونس ومهما كانت عيوب بورقيبة بتسلطه وجبروته إلا أنه خلق انسان تونسي متحرر مثقف.
حاورته: رشيدة إمرزيك