الناقد رشيد أترحوت يصدر عملا نقديا حول “مسالك العلامات: مقاربات في الشعر والفنون والتاريخ السياسي للأمازيغ “

أصدر الباحث والناقد المغربي رشيد أترحوت عملا نقديا حول الثقافة الأمازيغية عنوانه ” مسالك العلامات : مقاربات في الشعر والفنون والتاريخ السياسي للأمازيغ ” عن سلسلة دراسات من منشورات منظمة تاماينوت فرع أيت ملول في إطار مشروعها الثقافي تالا للبحث والإبداع الأدبي.

يبدو، من أول اقتراب، أن موضوع هذا الكتاب حول الخيال المبدع للأمازيغية المعاصرة وعلاماته المتألقة في الشعر و المسرح والعمارة، و حول التاريخ السياسي والاجتماعي لتشكل (الإمارة السياسية) الأمازيغية جنوب المغرب يستعيد إلى حد بعيد بعضا من استيهامات الهوية و تجليا من تجليات الترميز الهوياتي .

ولعل تخصيص السؤال عن هذا الحيز الأدبي والفني والتاريخي الذي يحيل إلى مجال هوية بعينها و جغرافيا لسانية ورمزية محددة، واستدعاء هذه المداخل المتنوعة التي تروم، في فصل أول، قراءة مختلفة لتجارب الشعرية الأمازيغية المعاصرة ، وتهدف ، في فصل ثان ، اقتراح تأمل حديث في سوسيولوجيا العمارة الطينية بالجنوب الشرقي المغربي وسيميائياتها الغنية ، وتبتغي ، في فصل ثالث ، التوقف عند بنيات وآليات صناعة العرض الفرجوي الحي كما تقدمه بعض منجزات الريبرتوار المسرحي الأمازيغي الحديث ، وتقصد في ، الختام ، إلى استعادة إشكالية للعلاقة التاريخية التي أنشأها الأمازيغ في تجربتهم للسلطة وإرادة الهيمنة ( تجربة دار ايليغ نموذجا ) ، كلها محاولات علمية تروم ، من جهة أولى ، المساهمة في اقتراح مداخل لتأويل خصوصيات الانجاز الأمازيغي الحديث ، في مجالات الشعر والفنون حصرا ، وتحليل جمالياته الخاصة و مجازاته المميزة ، كما تقترحها علينا نماذج هذا الانجاز المبهر في تحققات مختلفة تتراوح بين الشعر والمسرح و هندسة العمارة والتاريخ السياسي، و تؤهل ذات القراءة ، من جهة ثانية ، لدرس علمي واصف لمختلف تجليات المنجز الإبداعي الأمازيغي عبر صيرورته التاريخية .

و في إطار هذا المشروع المتواضع الذي يقصد الى تفكير نقدي في (الأمازيغية بوصفها أفقا لحداثة إشكالية) ، لا يخفي هذا الكتاب العام حول النص الأمازيغي المعاصر رغبته النظرية و التحليلية في معاينة نقدية ومنتبهة لخصوصياته الشعرية والدراماتورجية والفنية و تحليل مقترحاته المجازية و استعاراته اللافتة و فهم موقعه العام في خرائط الشعريات المغربية المعاصرة حيث يبدو قدر الشعرية الأمازيغية المعاصرة ، بالإضافة إلى ضرورة استئناف حربها الرمزية الشرسة ضد إرادات الإبادة اللسانية و الأدبية التي تتهددها من طرف سياسات لغوية و ثقافية وسياسية اقصائية ، يلزمها كذلك ، وفي الآن ذاته ، بالقطع مع متخيلات هوياتية مغلقة و نهائية ترفع الأسلاف إلى مصاف العقيدة الأدبية والفنية و لا تتورع بالتالي عن صناعة أصنام حديثة و آلهة عصرية تعيق حرية التخيل و إبداع اللغة نفسها.

ولذلك نرى من اللزوم بمكان الوعي باستناد كل تفكير نقدي حول الحداثة الامازيغية إلى تصور اختلافي للهوية والتفات إبداعي للمتخيل الأمازيغي عينه. وهو ما لا يمكن ان يتحقق دون تحول الوعي الأمازيغي المعاصر إلى وعي مبدع و مجد د و مندمج في الأفق العام للحداثة بوصفها مجاوزة جذرية للفهم الجوهراني أو الماهوي (Essentialiste ) لهوية مغلقة، و ابتعد بالتالي عن النظر إلى هويته بوصفها معطيات ثابتة و جواهر خالدة و متعالية و استعلائية وغير تاريخية ، بل وجب التعاطي معها بالاستناد إلى حدود بنائية و تاريخانية (Constructioniste ) تصير فيها الهوية صيرورة مفتوحة على الآتي وسيرورة بنائية لا تعرف الثبات الراسخ ولا الجمود القار ، كما حددنا ملامح هذا الأفق الإشكالي في الفصول الأربعة من هذا الكتاب .*
___
كلمة تقديمية من كتابة مؤلف العمل.

الإخراج الفني والجمالي للعمل: الفتوغرافي والأنفوكرافي أحمد لاديب

اقرأ أيضا

الأمازيغية والاحصاء العام للسكان بالمغرب.. أربع حقائق

أثناء مباشرة الاحصاء نبه اغلب المتتبعين الى ان المنهجية المتبعة غير مطمئنة النتائج ونبهت الحركة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *