تهالة دائرة تافراوت إقليم تزنيت
نبدة مختصرة في حق أحد اعمدة تهالة: الهرم أحمد بوعلام
تهالة الاسم الذي كلما ذكر ، انسابت نغمات حروفه الى القلوب ، فيتربع على عروشها، ان سحر الكلمة في الاذن يسبق احيانا معانيها ، و تعني كلمة تهالة في المدلول اللغوي الأمازيغي المنبع المائي الذي لا ينضب و تهالة لم ينضب ماؤها و لن ينضب مجدها و تاريخ ابنائها البررة.
احد هؤلاء الابناء البررة بابا احمد بوعلام الذي راى النور في دوار دوتويلت بتهالة سنة 1930 و هو العام الذي مازالت فيه سوس تحت حكم إنفلاس . ترعرع في كنف أم محبة للحياة اصلها من أملن و يحب الفلاحة كغالبية سكان البادية . لم يبلغ الطفل أحمد الثانية عشر من عمره سنة 1942حتى غادر الى المدينة طلبا للعمل في دهاليز التجارة . و أرسلته الأسرة ليشتد ساعده ، و يقوى على مواجهة الحياة ، و لما لا و المغرب في هذه الفترة يرزخ تحت نير الاستعمار الفرنسي ، الشيء الذي اثر في نفسية و عقلية هذا الطفل و هو يشاهد المستعمر يعيش حياة ترف على حساب تفقير الشعب المغربي . هذه الملاحظة حركت لدى الشاب أحمد بوعلام حس الوطنية في فترة سنة 1945 نهاية الحرب العالمية الثانية ، و هي السنة التي بدأت بالعصيان المدني على المستعمر و صادفت تواجد أحمد بوعلام بالرباط و إحتكاكه بتنسيقية المقاومة و أعضاء جيش التحرير .
هذا الشاب يعلم يقينا سبب تواجده بالرباط و علم أن هناك أب و أم و إخوة و أخوات ينتظرون عودته في كل مناسبة دينية و الاعياد ليحمل معه ما يعين به أسرته على العيش الكريم ، يعود الى المدينة بعد أن يطمئن على دويه ، و يرى شؤون حقوله الفلاحية على ما يرام .
إشتد ساعد الشاب أحمد في الخمسينات و اكتسب تجربة في ميدان التجارة ، و استقل بفتح محله و لم يعد مستخدما ، و اظهر شجاعة نادرة في تسيير تجارته و حقق أرباحه ، و أصبح محله قبلة للراغبين في تعلم التجارة و يقصده اهل البادية للتزود بالمؤونة و العمل و المبيت . هنا اظهر تضامنه القوي مع أهل القرى الضعفاء ، لتهالة و غيرها ، فلا يرد طلب اي واحد .
في هذه الفترة بالدات انخرط في المقاومة وواجه المستعمر بكل ما اوتي من قوة .و كسب ود اعضاء المقاومة . الى ان احتفل في الاخير بان استعاد المغرب حريته و استقلاله سنة 1956 . قام بتأسيس أول مدرسة لتعليم السياقة . هنا فتح المجال لأهل سوس قاطبة ليحصلوا على رخصة السياقة بكل يسر ليشجع البدوين المقهورين آنداك على السياقة و الحصول على السيارة و بذلك ساعد على فتح افاق جديدة و مهنية للسواسة .
استمر هذا العمل المهني و الخيري في نفس الوقت ، الى ان كتب اللقاء مع المرحوم الحاج احمد أدينار . رفيقه لسنوات عديدة من العطاء و العمل . قرر أحمد بوعلام الذهاب مع المرحوم أدينار أحمد إلى فرنسا إلى جانب رجال اخرين من تهالة و هناك عاشوا في بحبوحة من العيش الكريم ، و استعادوا أحسن أيامهم .
أحمد بوعلام بدا يكبر في العمر و قرر العودة الى بلدته تهالة و تعاطى للفلاحة و العمل الجمعوي ، و لكونه محبا لتهالة إنخرط في الانتخابات و حصل على العضوية داخل الجماعة بتهالة و خدم جماعته و فتح بيته للضيوف و ساعد الناس كثيرا .
حبه لفعل الخير جعله محبوبا لدى الجميع،و يقدره الداني و البعيد ، و لا يدخل بيته حتى يفرغ ما في جيبه للمحتاج بل اكثر من ذلك فسيارته كانت عبارة عن سيارة اسعاف وطاكسي بدون مقابل لجميع ساكنة تهالة اغشان .
و لا ننسىى أيضا بابا احمد بوعلام الفنان و الرياضي ، تجده في كل المحافل و مناسبات احواش الى جانب موح انجار و سيدي علي اوالصديق و اخرين كما كان احد اعمدة فريق امحاض تهالة الرياضي .
بابا احمد بوعلام اعطى لتهالة كل ما اعطاه الله من خير دون تردد على عكس البعض الاخرين من تهالة اغشان الذين نسوا مسقط راسهم رغم درجتهم في العلم و شهرتهم و ثرواتهم.
عطاء بابا احمد بو علام لا ينقطع ابدا على بلدته تهالة اغشان و على كل بلده المغرب الحبيب حيث يقول المثل : من اين ذاك الشبل من ذاك الاسد ! .
الاسد عرفتموه اما الشبل فهو ا الابن إدريس بوعلام ، الرئيس المميز و العبقري ، الذي حول قبيله تهالة اغشان الى مدينة حضرية اكتست زيا جديدا يلوح باشراقات جديدة بالافق و بمستقبل غني بالعطاء، ان شاء الله .
نسال الله عز و جعل أن يطيل عمر هذا النابغة بابا احمد بوعلام الذي انجبته تهاله و يشفيه من جميع الاسقام . إنه ولي ذلك و القادر عليه.
و السلام مسك الختام
بقلم الاستاذ مصطفى افرفاز