الهشاشة نحن..

الغازي لكبير

الهشاشة نحن ونحن الهشاشة. هشاشة في الفكر و في العمل. هشاشة في التخطيط وفي التدبير. هشاشة في التعمير وفي الاقتصاد وفي السياسة وهشاشة في الإدارة وفي المجتمع. كل شيء ينتمي لنا أو يوجد فينا هش.

نحن الهشاشة، و الهشاشة نحن. تهوي قناطرنا تحت هبوب الرياح وتسقط منازلنا و بناياتنا تحت سيلان المياه، و تنهار مشاريعنا بمجرد التطبيق وتسقط أحلامنا في غياهب الأجباب و تخيب آمالنا في جميع الأحوال.

لقد بلغنا الحضيض!
منذ سنوات وأموال الشعب تُهدر، تُسرف بدون حسيب أو رقيب، بينما مستشفياتنا تنعدم فيها جميع الأدوية، ومدارسنا لا توجد فيها أبسط الأجهزة و تتغنى الحكومات بالمنجزات. منذ سنوات و الزمن يضيع، و تضيع معه الأجيال. كل زمننا يُمْلأ بالعبث و المجانة و الهزل و تدعي الحكومات الانماء و التقدم. منذ سنوات و قيمنا تنهار و سلوك “المواطن” يفسد و يتدهور و تترنم الحكومات بالصلاح و الفلاح.

لقد ردؤ حالنا و ساء!
فقدنا كل شيء يمت بالصلة لنا، تاريخنا يرويه غيرنا، حضارتنا نُسِبت لغيرنا، لغتنا ليست لنا، كرامتنا وخيرات بلادنا و فلذات أكبادنا، كل شيء سُلِب منا. شبابنا يغرق باستمرار في البحر ويموت كل شتاء بالبرد في البر أو تباغته و تجرفه فيضانات النهر وتستمر الحكومات في التبجح بالمنتديات وتعداد اللقاءات و الحديث عن دور الشباب في المجتمعات.
لقد فشلنا في كل شيء و ظهر عيبنا و اتضح أمرنا. أخفق و فشل تعليمنا، تراجع و ضعف اقتصادنا، وتخاذلت و تعبت إدارتنا. انحرفت و تغطرست و ضلت سبيلها سياستنا وهوى إلى القعر مجتمعنا. وتطالبنا الحكومات أن نثق في خداعها وتضليلها.

أصبحنا شكلا بدون مضمون. نتظاهر بما لسنا عليه، نقول ما لا نؤمن به، نسعى إلى ما لا نحتاج إليه، فقط من أجل أن نموه الآخر ونُلمّع أو بالأصح أن نميع صورتنا لديه. نحن مرضى و مرضنا لا يُعالَج في المصحات أو المستشفيات، بل داخل الأسرة و في المدرسة.

لم نعد نستشعر الخطر أو نحس بالمخاطر، رُوّضنا كما تُروض القردة و دُرّبنا و تعودنا على سلوك بشع و فاسد. نتفرج على فتاة تحترق، و نصور شباب تجرفه الفيضانات، بينما الحيوانات في الغابة في مثل هذه الحالات، تنزعج و تشعر بالضيق و تقلق و تضطرب.

أي رسالة نريد ايصالها؟ أي صورة نريد إعطاءها لنا عنا و لغيرنا؟ أصبح الإنسان رخيصا، أضحى وسيلة لا غاية، بدون كرامة و لا شرف، لا قيم لديه و لا مبادئ.
وهل مازلنا نحتفظ بمقومات بني البشر؟

كيف يمكن لمن ضاعت منه الإنسانية أن يسمى إنسانا؟
وجودنا لم يعد له معنى. أصبحنا خارج السياق، لا نتفاعل مع الواقع بالشكل اللازم، أضعنا الحاضر وتأخرنا وخسرنا جزءا كبيرا من المستقبل. وٍجهتنا مجهولة المعالم، نتخبط في ما يشبه السير و نحيا في ما يشبه العيش لكن السفح ليس بطويل.
استنفذنا جميع الوقت.

أغبالو في 30-08-2019

شاهد أيضاً

تقرير رسمي.. “المجلس الوطني لحقوق الإنسان”: تدريس الأمازيغية يسير بوتيرة بطيئة والحيز الزمني في الإعلام “ضيق”

أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن “هناك تحديات مرتبطة بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية، والتأخر في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *