إن كان هناك مجتمع يحترم المرأة ويمنحها المكانة الاعتبارية فهو مجتمع البيضان، فلسفة راسخة في عمق تقاليده وأعرافه وسلوكاته، ليست وليدة اللحظة او حالة طارئة، بل هي متأصلة في كنه وجذور الثقافة الاجتماعية لأهل الصحراء المغربية.
ما وقع بباريس من إعتداء على سيدة يعد حدثا معزولا لا يمثل إلا صاحبه الأرعن ومن معه من عملاء المخابرات العسكرية الجزائرية ، شباب هائج مخدر ، انسلخ من قيم الكرامة والنخوة والمروءة بإقدامه على مهاجمة نساء واستهدافهم لمواطنين مغاربة عزل في قلب عاصمة بلاد الأنوار، بلاد الحرية والمساواة .
سقطت الرجولة من على شرفه وانغمس في وحل العار والخجل هذا الذكر المدعوم وغيره بأفكار التطرف والانفصال، وسقط القناع عن دبلوماسية فاشلة لجمهورية الوهم وصنيعتها . فلا غرو ان الرأيا اتظحت للعالم ومن أحد عواصمه الغربية وأمام قنواته وإعلامه، عن سعار من تجرعوا ولازالوا يتجرعون مرارة الفشل ، بالاعتداء بالاسلحة البيضاء على متظاهرين سلميين ، حركتهم غيرتهم على صحرائهم المغربية التي ضحى من أجلها اجدادهم واباؤهم بارواحهم الطاهرة .
مهاجرين مغاربة ، إستقرت بهم الرحال في بلاد موليير ، فكانوا مثالا لغيرهم في اندماجهم وخدمتهم لبلد إستقبالهم دون أن تؤتر الهجرة و بعد المسافاة في حبهم وإخلاصهم لوطنهم وقضاياه العادلة .
الناظر لتاريخ ثقافة البيضان يجزم أن هذا الشخص لا يمثل إلا نفسه ، يساءلنا الحال عن مدى صحته العقلية والنفسية وبيئة ترعرعه، وفترة مراهقته، والحال أن الإجابة قد تكون جلية وواضحة كيف أن فكر الإنفصال والتشرذم أخرج الشخص وغيره من المعتدين عن إنسانيته وأعرافه وتقاليده هذا إن كان فعلا صحراويا أصيلا من بلاد البيضان ؟…
قد تكون جلية أكثر إذا نظرنا الى من غسل دماغه ، وكثير ممن هم مغرر بهم ، بالتطرف تحت قيادة ميلشيا تمتهن الاسترزاق والمتاجرة بالبشر ،والإرتزاق بمعاناة مواطنين مغرر بهم فيهم أهلنا وذوينا، تصدح أصواتهم من داخل مخيمات القهر والعار كل يوم من أجل العودة لوطنهم الأم المغرب والعيش بكرامة ورغد إسوة باهليهم في اقاليم الصحراء.
لن ننسى كلمة الحق التي هزت ظمير العالم لما يقع لأهالينا وابناء عمومتنا والتي جاءت على لسان الملك العظيم محمد السادس ،ملك احب شعبه وأهله من البوغاز الى الصحراء وعشقهم أينما حلوا وإرتحلوا، حينما قال في أحد خطبه نصره الله :
” إن التاريخ سيحكم على الذين جعلوا من أبناء الصحراء الأحرار الكرام متسولين للمساعدات الإنسانية .كما سيسجل عنهم أنهم إستغلوا مأساة مجموعة من نساء وأطفال الصحراء وحولوهم الى غنيمة حرب .ورصيد للإتجار اللامشروع ووسيلة للصراع الديبلوماسي ” .
تكشفت وترهلت خطابات الزعامة لقيادة مهترئة ،قطعت أوصال الوهم الذي باعته للصحراويين المغرر بهم، انكشفت اساليبهم الرخيصة وباتت عمالتهم لجنرالات الجزائر بادية للعيان والصغير قبل الكبير ، وهو ما أجج حركات تمرد لشباب من داخل المخيمات، وأضعف خطابات الحماسة التي تآكلت على مدى خمس وأربعين سنة، لا الوهم أصبح حقيقة ولا المحتجزين تخلصوا من الأسر الايديولوجي قبل الجسدي لميليشا صنيعة الجزائر.
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.