ايديا تحرك جمود سجلماسة

بقلم: احمد الدغرني

كان لابد في الريف من طحن محسن فكري (30 اكتوبر 2016) لكي يتحرك الجمود السياسي في تلك المنطقة التي تنتمي الى جنوب البحر الأبيض المتوسط،ويتحرك المخزن وينزل بثقله لكي لا تحرقه نار الحراك الشعبي.

وأصبح ضروريا لكي تتحرك أيضا سجلماسة وتافيلالت وتنفض جمودها السياسي أن تموت  الطفلة “ايديا” في بلاد سجلماسة أو تافيلالت بعد سبعة شهور من طحن محسن بالحسيمة،لأنها لم تجد مستشفى يستقبلها،ويعالجها،ويتحرك المخزن بكل وسائله لكي يبعد عن أجهزته ذنب موت الطفلة ايديا لكي لا يحسب عليه…

من هاتين الحالتين يمكن التساؤل هل  الناس في هذه البلاد يحركهم الموت السياسي ولا تحركهم الحياة السياسية؟

سميناه بالموت السياسي لأنه يطرح موضوع السياسة العمومية إما في الصيد البحري (محسن فكري) أو في سياسة وزارة الصحة (ايديا)مثلا

وقد سبق أن كتبت ونشرت مقالات عن حراك الريف، والآن سأحاول أن أكتب عن إيديا وحراك بلدها، لأعتبر منهجيا أن الكتابة عنها لا تنفصل عن بلادها، ولا تنفصل عن حراك ويقظة الشعب،واؤكد الترابط بين ايديا ومحسن وبين كل أمثالهما من الأطفال والشباب والرجال والنساء…..

وأطرح بادئ الأمر مشكلة سياسية عويصة تتعلق باسم المنطقة التي أقترح لها حاليا  في هذا المقال أن تسمى”بلاد ايديا”تخليدا لذكرى هذه الطفلة في التاريخ المقبل والحاضر ،الى جانب عدي اوبيهي،وكل من حاول بناء نظام حكم في كل تلك المنطقة…

وأن أثير مشكلة الإسم بادئا بتوضيح الأسماء السياسة المستعملة لدى النخب الحاكمة، والنخب الثقافية والسياسية والإعلامية… لأذكر أن أحدث اسم سياسي هو”الجنوب الشرقي”Sud-est”وهو اسم اذا حاولنا فهمه،سنجد أنه مغلف بهموم الوحدة الترابية للمغرب الذي رسمته فرنسا بعد أن احتلته سنة1912 ،وملئ بذكريات معارك الحروب التي خلفت للأجيال الحاضرة فراغا سياسيا،ومعارك بطولية بدون نتيجة تتجلى في بناء مشروع سياسي…

والخلفية السياسية لهذا الاسم هي أن يكون هو جنوب شرق المغرب المخزني الذي يحاول أن يرسم  حدوده مع الجزائر بمشقة كبيرة، يصعب معها تسمية المواقع الجغرافية والتاريخية بأسمائها الحقيقية

،واستعمل الشباب الأمازيغي اسم” Asammer”نقلوه عن  مصطلح قديم، له علاقة بحرارة الشمس وضوئها،والخلفية السياسية لهذا الاسم هي محاولة تمييز المنطقة باسم قديم لم تطلقه السلطات الاستعمارية الفرنسية ،ولا المخزن المغربي،وإنما أحياه النشطاء

وهناك اسم قديم آخر هو “سجلماسة “وهو تحريف لكلمة امازيغية هي Sglmasslالتي لها علاقة بكلمة لثام الذي يعرف في الأمازيغية ب”Aglmus” ومنه اشتقت كلمة “الملثمون” التي يعرف بها حكام دولة المرابطين، وينتشر حاليا لدى الطوارق وكثير من سكان الصحراء الإفريقية

وهناك اسم آخر هو “تافيلالت”اقتطعت منه فرنسا مساحة شاسعة لتضمها الى مستعمرتها الجزائر، عندما كانت تخطط لضم المنطقة الى ممتلكاتها الإفريقية

لا يحب أحد ممن يحكمون الجزائر الحالية(1961) ومغرب سنة 19566 أن يسألهم الناس عن تافيلالت ،وسجلماسة، واسامر…ولا كيف تسمي الجزائر هذه المنطقة؟وكيف يسميها المخزن المغربي ؟

وكيف تسميها القبائل التي سكنتها عبر التاريخ ،علما أنها منطقة لايمكن حل مشاكلها من جهة المخزن المغربي وحده، بل لابد من فتح الأعين على الجزائر، وثروات المعادن من ذهب وفضة، وغاز وبترول….وأدمغة بشرية تزدهر في أبحاث. العلوم والتكنولوجيا الحديثة،بقدر ما تزدهر عقلية ومكر الحكام الذين يحاولون جعل الشباب يجهل التاريخ،ويعيش بدون ذاكرة سياسية تجعل عقولهم تدور حول تسميات مختلقة مثل الرصاني، والراشدية…جهة درعة تافيلالت ،والزاوية الناصرية…وضريح علي الشريف ،وكراندو،ومولاي بوعزة، وسيدي بويعقوب، وخرائب مدينة ،سجلماسة المهجورة…

في الريف اكتسبت المنطقة اسما تاريخيا لم يستطع مشوهوا التاريخ أن يبدلوه، ولذلك وجد محسن فكري جوا سياسيا وتاريخيا يحتضنه،وجد مشروع جمهورية الريف يتحدث عنه الناس بوضوح بقطع النظر عن كل ما جرى في الماضي،ولم تجد ايديا مشروعا سياسيا يحتضنها ، فتوزعت قضيتها بين كل من شاء أن يستغلها… وليس لديهامن بقايا التاريخ مشروع سياسي بقي على عاتق شباب المنطقة التي خرج منها حكم العلويين للمغرب…

الترابط المنهجي بين ايديا ومحسن يعيد الذاكرة الى مرتكزات الوحدة الجديدة  لدى شعب محسن، وشعب ايديا، تحت الراية الأمازيغية، وهي التي حملها الناس في بلاد ايديا كما حملوها في بلاد محسن.

بقية من يموت من الشعب موتا غير سياسي لا يذكره أحد،ولا يزيد ولا ينقص من التهميش، والجوع والمرض ،والإهمال، والنسيان،وهنيأ لمن مات مثل محسن، وايديا ومن حفظ ذكرهما وفهم الإشارات التي بعثت من قبورهما الى الأحياء.

اقرأ أيضا

نص سردي من زمن الطفولة

عندما كنا نزمجر في الوادي، ونقرأ دع اللقالق ترحل، وأترك النمل يدخل بيته. ولم نكن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *