اﻏﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﻌﻘﻞ الأمازيغي

بقلم: فريد العتيقي* 
ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺎ، ﻟﻢ ﺗﻌﺮﻑ المجتمعات الأمازيغية الانغلاق ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ أﻭ ﺍﻟﺘﺸﺪﺩ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻣﻨﻔﺘﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺑﺠﻮﺍﺭﻫﺎ (الفنيقيون،الفراعنة،الرومان..)، ﻭﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ (اليهودية، المسيحية، الإسلامية..) ﺑﺤﻜﻢ ﺗﻮﺍﺟﺪﻫﺎ ﺿﻤﻦ ﺟﻐﺮﺍﻓﻴﺎ ﺗﻮﺍﺻﻠﻴﺔ إلى ﺃﻥ ﺟﺎﺀ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﺤﻤﻮﻟﺘﻪ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺗﺮﺍﺛﻪ ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ ﻭﺗﻴﺎﺭﺍﺗﻪ ﺍﻟﻤﺆﺩﻟﺠﺔ ﻓﻀﺮﺏ ﺻﻤﻴﻢ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ الأمازيغية، فإنتكس الشعب الأمازيغي إلى ﺍﻟﻮﺭﺍﺀ ،ﻭﺣﺪﺙ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻣﻦ ﺗﺮﺍﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺑﻔﻌﻞ ﺗﻀﺎﻓﺮ ﻋﺪﺓ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ إلى يومنا هذا.
ﻓﺈﻋﺎﻗﺔ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻻ ﺗﺘﻢ ﺇﻻ ﺑﻔﻌﻞ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ، ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺸﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺞ ﻭﺍﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻭﺑﻘﺎﺀ ﻧﻤﻂ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ. ﻭﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ ﻳﺸﻜﻞ ﺗﺴﻴﻴﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺣﺪ ﺃﻛﺒﺮ ﻭﺃﻫﻢ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺄﺧﺮ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ الأمازيغية، ﻟﻤﺎ ﻳﺨﻠﻘﻪ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﺑﻂ ﻣﺬﻫﺒﻴﺔ ﻭﻭﻻﺀﺍﺕ ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻫﻮﻳﺔ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﺔ، ﻭﻟﻤﺎ ﻳﺼﻨﻌﻪ ﻣﻦ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ﺟﺎﻣﺪﺓ ﻟﻬﺎ ﺃﺣﻜﺎﻣﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺒﻘﺔ ﻟﺘﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺸﺄ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺳﻴﺌﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﻃﺒﺎﻉ ﻭﺳﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻄﺮﻑ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ.. ﻓﺎﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ ﻻ ﻳﻌﺪ ﻋﺎﻣﻼ ﺭﺟﻌﻴﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻪ ﺍﻭ ﻻ ﺗﻼﺋﻤﻪ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻨﻪ ﺃﺩﺍﺓ ﻟﻠﻬﺪﻡ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ. ﻓﻘﺪ ﻻﺣﻆ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﻌﺒﻪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻪ الإيديولوجي، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺰﺍﺋﻒ ﻟﺪﻯ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻠﻬﻢ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ، ﺃﻱ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ إلى ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﻔﺮﻁ ﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﺍﻟﻨﻘﺺ ﻭﺗﺴﻜﻴﻴﻦ ﺍﻵﻻﻡ، وفعلا هذا ما وقع فيه العقل الأمازيغي، ﻓﺎﻟﻴﻮﻡ هذا ما يمكن ملاحظته، حيث لازال يشهد ﻫﺮﻭﺑﺎً ﺩﻳﻨﻴﺎً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻛﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺨﺎﻧﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﺮ  ﺑﻬﺎ ﻭﺗﻔﻮﻕ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻤﻦ ﺍﺧﺘﻄﺖ ﻧﻬﺞ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺴﻴﻴﺮ ﺃﻣﻮﺭﻫﺎ، في الوقت الذي توجد هناك حقيقة غائبة عنه، متمثلة اساسا في أسباب هذه الأزمات.
ﻟﻘﺪ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ. ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﺍﺗﺠﺎﻩ الشعب الأمازيغي عبر التاريخ ﻧﺤﻮ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﻄﻘﻮﺱ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺰﻓﻮﻥ ﻓﻴﻪ الأفراد ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻳﺆﻛﺪ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻌﻜﺴﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ. ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﻫﺮﻭﺏ ﺍﻟﻔﺮﺩ إلى ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﻛﻠﻤﺎ ﻗﻞ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ. ﻭﻫﻨﺎ ﻧﺼﻞ ﺗﻤﺎﻣﺎ إلى ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻻﻏﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﻪ كارل ﻣﺎﺭﻛﺲ ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺰﺍﺋﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻤﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻮﻳﻨﻪ ﻟﺪﻯ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.
ﻟﻘﺪ ﻭﺿﻊ الأمازيغ تاريخيا ﺛﻘﺘﻬﻢ ﺍﻟﻼﻋﻘﻼﻧﻴﺔ ﻓﻲ الدين ﻭﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ رغم تشابتهم بإنسانيتهم،أرضهم، ولغتهم الأم، ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻣﺴﺘﺒﺪﺓ ﻭﺭﺟﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﺎﻛﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺷﺮﻳﻚ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﺣﺎﻟﻴﺎ ﻓﻲ المغرب.. ﻓﻴﻤﺎ ﺃﺻﺒﺢ الإنسان الأمازيغي ﻋﺎﺟﺰﺍ ﻓﻘﻴﺮﺍ ﺧﺎﺋﻔﺎ ﻟﻴﻌﻴﺶ ﻣﺴﺤﻮﻗﺎ ﻳﺴﻤﻊ ﻭﻳﻄﻴﻊ ﻓﻘﻂ.. ﻭﻫﻨﺎ ﺃﺻﺒﺢ ﻟﺰﺍﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻘﻞ الأمازيغي  إلى ﻣﺴﺎﺭﻩ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﻛﻞ الإيديولوجيات وﺍﻟﺪﻋﻮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺩﻭﻝ ﺑﻨﻜﻬﺎﺕ ﺩﻳﻨﻴﺔ أو قومية في تمازغا، وهذا ما يمكن للمكونات والتنظيمات الأمازيغية أن تقدمه للقضية، ﻓﻬﺬﺍ الأمر ﻟﻢ ﻳﻨﺠﺢ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺎ ،ﻭﻟﻦ ﻳﻨﺠﺢ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺍﻟﻴﻮﻡ إلا ﻋﻠﻰ ﺟﺜﺚ ﺍﻷﺑﺮﻳﺎﺀ ﻭﺍﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻟﺘﻜﻮﻥ أو ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﻔﺮﺽ ﺭﺅﻳﺔ ﺃﺣﺎﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﻃﻦ طمست هويته الحقيقية، وتم تزيف تاريخه.
ﻓﻜﻴﻒ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﻏﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﺔ الإدارية ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺗﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺃﺗﻰ ﻟﺘﺤﺴﻴﻦ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺗﻘﻮﻳﻢ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻔﺮﺽ ﻧﻤﻂ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻭﺑﻨﻰ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ. ﺇﻥ ﺍﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺸﺒﻴﻬﻨﺎ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ ﻫﻮ ان العديد ﻣﻦ أفراد الشعب الأمازيغي ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺻﻮﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻻ ﻭﺟﻮﺩ ﻟﻬﺎ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺃﺫﻫﺎﻧﻬﻢ ﻭﻓﻲ ﺑﻄﻮﻥ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻻﺳﻼﻣﻲ، ﻓﻬﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻴﺌﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﺍﻭ ﻣﻌﺠﺰﺓ ﺳﺘﻬﺒﻂ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺣﻴﻦ ﻳﺴﺘﻨﺴﺨﻮﻥ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﺍﻷﻭﻟﻴﻦ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﺪﻣﻴﺮ ﻟﻄﺎﻗﺎﺕ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ الأمازيغي ﻭﻫﺪﺭ ﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺘﻮﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ، ﻭﻫﺎ ﻧﺤﻦ إلى ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻧﺸﻬﺪ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﻋﺒﺜﻴﺔ ﻻﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺻﻮﺭﺓ ﻭﻣﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ تمازغا أو شمال إفريقيا.
ﺇﻥ ﻧﺠﺎﺡ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻟﻴﺲ ﺭﻫﻨﺎ ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺃﻭ ﺟﻌﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻣﺼﺪﺭﺍ ﺍﻭ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻓﻬﺬﺍ ﻻ ﻳﻘﺪﻡ ﻭﻻ ﻳﺆﺧﺮ ﻓﻲ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﻭﺗﺜﻘﻴﻒ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ، ﻓﺘﺠﺎﺭﺏ الإسلام ﻳﻨﻘﺼﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻭﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﺟﺪﺍ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻓﻤﺆﺷﺮﺍﺕ ﻭﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ، ﻧﻔﺘﻘﺪﻫﺎ ﺑﺸﺪﺓ ﺃﻭ ﻫﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﺃﺻﻼ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﻭﺑﻤﻨﻈﻮﻣﺔ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﺗﺪﺍﻭﻝ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺣﻜﻢ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻭﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭﺍﻟﻄﻔﻞ ﻭﻧﻤﻂ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺩﻭﺭ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﻣﻨﺎﻫﺠﻪ،وفعلا  من يدفع عن تطبيق الشريعة الإسلامية اليوم يفتقر إلى  برنامج سياسي ينتظم مفردات المجتمع بما فيها الشريعة في منظومة لا تتناقض مع الاسلام الصحيح (مصلحة المجتمع)، ولا تتصادم مع  متغيرات الواقع المعاصر (الأجور،التعمير،الأسعار،الديون الخارجية،التنمية،الأقلية،المعارضين السياسين،..)، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺎ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻭﻣﻌﺘﻘﺪﺍﺕ ﺩﻳﻨﻴﺔ، ﺑﻞ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻘﻘﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻭﺇﻧﺠﺎﺯ ﻭﺇﺑﺪﺍﻉ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ.
وعلى سبيل المثال عندما نقول استحالة ازدهار المواطنة في المغرب في ظل اسلمة الدولة، حقيقة ام شعارات ترددها الحركة الثقافية الأمازيغية، يتساءل الكثيرون وأكثرهم من الجماهير الساذجة، لماذا لاتوجد فرصة لأزدهار المواطنة في ظل اسلمة الدولة المغربية؟ في الحقيقة أن أسلمة الدولة هي بمعنى أن هناك معيار آخر غير المعيار المدني أو المعيار الإنساني لقياس الوضع البشري، هناك بشر يتدخلون في حكم البلد ويقولون أصبحنا وسطاء بين الإنسان والسماء، غير أن جوهر الإسلام لا يعرف الكهونت ،ولا رجال الدين، ولا يعطي قداسة لأحد، كما أن جوهره ليس فقط في تطبيق الشريعة، فبالتالي يصبح  تسيس  الدين جزءاً من المعيار العام للحياة الاجتماعية، فإذا كان المجتمع فيه اديان مختلفة وفيه مذاهب مختلفة وأعراق مختلفة، فعند ذاك سيغيب مبدأ المواطنة لأنه تم وضع لغم داخل هذه المنطقة، ففي المغرب من الواضح أن أسلمة الدولة في ظل سلطة كانت فاسدة وناهبة للمال العام ولم تقدم أية انجازات للمجتمع المحلي في الوقت الذي تقدم فيه مساعدات لمجتمعات بعيدة عنا كل البعد، فمن الواضح أنه لا فرصة لإزدهار المواطنة في ظل استخدام الدين في النظام السياسي، وإدعاء كائن بأنه حامي حمى الدين، في الوقت الذي أغلبيتنا من المواطنين مسلمون،وكلنا حماة الإسلام والوطن.
ومن هنا لابد الإشارة إلى أن الحاجة إلى الدين حاجة غير منفية من قبل الحركة الثقافية الأمازيغية، باعتباره وجود ومعرفة بشرية سابقة ساهمت في تطور الوعي والمعرفة بشكلها اليوم العقلاني بعد صراع فلسفي وفكري ضخم ضد الدين والإله خلّف تراثا عظيما.. ولكن السماح له بفرض شروطه وآلياته وقوانينه هو المحظور الوحيد ضد تواجد الدين في الدولة على شكل قانون أو ثقافة إقصائية، أما تواجده كإيمان شخصي فلا أحد يستطيع أن يعارضه باعتباره يدخل ضمن حرية الرأي والإعتقاد.كما يجب الإشارة إلى أن سبب فرض العروبة والقومجية على الفرد والمجتمع الأمازيغيين، واحتلال مساحات من عقليته، وكسر إرادته، هو تهاونه في المطالبة بحرية الرأي والفكر، وإن منظومة الدين والعادات والتقاليد، وصنمية بعض التأويلات الذكورية للدين، هما من شكلا الوعي الباطني في العقل الأمازيغي، حتى أصبح يخشى الحرية، بل يرتعب منها، ولهذا فهو غارق في الدين والحرام كحاجز نفسي يدافع عنه وسط التطورات في التفكير والنقد والمراجعة. ولهذا لا بد من مناقشة التراث الديني علميا ونقديا وأخلاقيا، فهو السبيل الوحيد الذي يخلق من مجتمعاتنا  مجتمعات تؤمن بالتعايش والتعددية واحترام الرأي…ولا بديل للتقدم سوى إستئناف الجهود الفكرية والثقافية لنقد وإعادة تشكيل وعينا وثقافتنا باتجاهات أكثر نقدية وعلمانية وأقل هيمنة وقومية، من خلال التحول إلى شرعية الإنسان والمواطنة مقابل شرعية السلالة والعرق والدين، ف‏حركة التاريخ تسير دائماً باتجاه الحرية، فصعود موجات الإستبداد و العنصرية والكراهية وحكمها اليوم، هي مراحل موضوعية في تاريخنا تتقدم حين تكون الشعوب ضعيفة وتتراجع مع ثورات العقل والفكر والوعي الحضاري، وأختم مقالي هذا  بمقولتي: ان أول دروس انقاذ العقل الأمازيغي هي اسقاط الإيديولوجيات القومية، فاﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﺻﺮﺍﻉ ﺗﻨﺎﻗﻀﻲ ﺑﻴﻦ ﻗﻮﻯ ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻭﻗﻮﻯ ﻛﺮﺳﺖ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﺒﺪﻳﻞ ﻳﻜﻤﻦ ﺑﺸﻌﺎﺭ  (ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ) ﻣﻦ ﺃﺟﻞ  ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ،العلمانية،ﺍﻟﺪﻳﻤﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ التشاركية ﻟﺘﻠﺒﻴﺔ ﻫﺪﻑ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.
*طالب باحث

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *