في إطار أنشطة دورتها الثانية لملتقى تامسنا، نظمت الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة ـ أزطا أمازيغ، يوم الجمعة 24 ماي 2019، بالعاصمة الرباط، مائدة مستديرة حول “مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالأراضي الجماعية” التي صادق عليها مجلس الحكومة، وتم عرضها على البرلمان، عرف مشاركة مجموعة من الفاعلين المدنيين والسياسيين وباحثين مهتمين بقضايا الأرض.
وشكل اللقاء فرصة للتداول في مشاريع القوانين بين مختلف الفاعلين وتسليط الضوء على مستجدات ملف الأرض في محاولة لفهم عمق الإشكالية واقتراح بدائل لضمان الحقوق وتحقيق التنمية.
من جهتها أكدت النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية، عائشة لبلق، أن حوالي 15 هكتارا من الأراضي المغربية خاضعة لنظام الأراضي الجماعية، “أقدم نظام عقاري بالمغرب” على حد تعبيرها.
وقالت إن هذا النظام يتسم بالعلاقات الاجتماعية الأمازيغية، ويتعايش مع الأعراف والعادات ومع القواعد القانونية كالملك الغابوي وأراضي الجيش.
وأضافت المتحدثة ذاتها أن التحول الذي طرأ على نمط استغلال أراضي الجماعات السلالية، وهي أقدم نظام عقاري في المغرب وضم أجزاء كبيرة من هذه الأراضي إلى المجال الحضري، أفرز ظهور معاملات غير قانونية؛ وهو ما يمس بجوهر الانتفاع من هذه الأراضي، التي ينص القانون المنظم لها على أنها لا تفوت ولا تكرى.
وفي مداخلة حول “الحق في الأرض والتمكين الاقتصادي للنساء”، اعتبرت أمل الإدريسي، عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن الحق في الملكية مكفول للنساء كما للرجال دون تمييز، كما تنص على ذلك المرجعية العالمية لحقوق الإنسان، بحيث “لكل شخص الحق في العيش في مستوى لائق”.
وأكدت الإدريسي على انتشار ظاهرة تأنيث الفقر بالمغرب، “بحيث أن النساء لا يمتلكن سوى %22، من الأراضي”، وطالبت بتحسين ظروف عيشها، انسجاما مع أجندة التنمية المستدامة التي انخرط فيها المغرب، والتي تنص في فصلها الخامس على تمكين النساء “بما في ذلك التمكين الاقتصادي والحق في الأرض، وكذا لجنة المرأة في نيويورك.
وقالت إن أقدم ظهير منظم للأراضي الجماعية بالمغرب (ظهير 1916)، كرس للتمييز، وحرم المرأة من حق الانتفاع من أراضي أجدادها، داعية إلى حظر جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
ومن جانبه طالب الناشط والإعلامي الأمازيغي حمو الحسناوي بـ”إلغاء الظهائر الاستعمارية والمراسيم المؤسسة عليها وإعادة الأراضي المجردة من الأفراد والقبائل واحترام أعرافها ومجالها الجغرافي التاريخي باعتبارها محمية بنصوص القانون الدولي وبنود الإعلان العاملي للشعوب الأصلية.
ودعى الحسناوي لإلغاء جميع المراسيم التي يتم بموجبها نزع الأراضي، موجها انتقاداته لقانون المراعي الجديد، معتربا أن “بنوده تزكي حماية الرعاة على حساب السكان الأصليين ولم يحدد أية عقوبات لمنتهكي الملكية الخاصة ويشرعن اعتبار الأراضي التي جرد منها الأفراد والقبائل مجالات غابوية ورعوية وتهيئها كمستوطنات للرعي الريعي ولتوطين الخليجيين.
واعتبر الحسناوي أن تنزيل هذا القانون “سيشكل انتكاسة كبرى لمنطقة سوس، ويهدد بتغيير معالمها لأنه لم يأخذ أعرافها وتقاليدها بعين الاعتبار، ولم يراعى أية مقاربة تشاركية مع المجتمع المدني في وضعه”.
واعتبر مولاي أحمد كنون، الناشط في مجال الأراضي السلالية، والنائب منذ 2006 عن ذوي الحقوق في الجماعة السلالية لشرفاء زاوية بن صميم، أن “الكثير من المشاكل التي يعاني منها ذوو الحقوق تتعلق بالدرجة الأولى بهم، وفي مقدمتها مشاكل “مؤسسة النائب”، مضيفا أنه “لا يوجد مخرج من هذه المشاكل إلا إذا تم توحيد صفوف السلاليين والانخراط في إطار جمعوي”، مؤكدا أنه قد تم تأسيس لجنة تحضيرية برئاسته لهذا الغرض.
وشدد كنون على أن “الهدف هو إيقاف نزيف ترامي مافيات العقار على ذوي الحقوق في الأراضي السلالية، وليس الوقوف في وجه الاستثمار”، مؤكدا أنه “ينبغي الأخذ بعين الاعتبار ضرورة إشراك الجماعات الآلية لفائدة ذوات وذوي الحقوق”، لأن ذلك، بحسب كنون، هو ”العنوان الكبير لكل التوجهات التي ترمي إلى حل هذا المشكل”، معبرا عن استنكاره “من إقدام بعض المستثمرين في ضواحي فاس على تأسيس فيدرالية والمطالبة بأن يصبحوا ذوي حق، بالرغم من أنهم في الأساس كانوا قد تراموا على تلك الأراضي”.
وانتقد نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ابراهيم ميسور، وصاحة وزارة الداخلية من خلال الجماعات المحلية على أملاك الجماعات السلالية، مثمنا في ذات الوقت تمكين المرأة من حقها في الانتفاع، وحقها في أن تكون “نائبة”، وكذا تحصين عمل النواب.
ومن جهته قال الخبير والرئيس السابق للجنة التنسيق الأممية الخاصة بالشعوب الأصلية بإفريقيا، حسن إيد بلقاسم، إن “الآليات التي يمكن اتباعها من أجل حماية الحقوق الجماعية في الأراضي والغابات والموارد، هي اتحاد الجعيات الثقافية والتنموية من أجل تشكيل وحدة تهتم بالدفاع عن حقوق الشعوب الأصلية، تكون ركيزتها الأساسية هي حماية الحقوق الجماعية في الأراضي والموارد”.
وأشار إد بلقاسم في معرض مداخلته، إلى مجموعة من الاتفاقيات الدولية (اتفاقية التغيير المناخي، التعدد البيولوجي ومحابة التصحر)، التي تفرض على الدول الصناعية الكبرى أن تدفع في اتجاه حماية الغابات وتشجيع استخدام الموارد الطاقية البديلة، من خلال تقديمها مساعدات مالية للدول التي تعمل في هذا المجال.
أمضال أمازيغ: كمال الوسطاني