“في قضية الأمازيغية، حكومة الأستاذ بن كيران أتت بالسرير، وحكومة العثماني مططت جسد الأمازيغية ليستوي على مقاس السرير”. مقتطف من مقال لـلصديق عزيز اجهبلي، تحت عنوان “بروكست” يعذب الأمازيغية.. !
إذا كان “بروكست”، وفق الأسطورة الإغريقية، يقبض على المسافرين في الطريق الرابطة بين أثينا و إيلوسيس، ليمارس عليهم التعذيب على “مقاس السرير”، بعد خداعهم بدعوى استقبالهم في بيته وضيافتهم، وبمجرد ما يدخلون إلى بيته يبدأ في ممارسة العنف السادي على “الضيوف”، حيث إذا وجد “الضيف” أقصر من السرير، يقوم بتمطيط جسده. أما إذا وجده أطول منه، يقوم بقطع رجليه، حتى يكون الجسد على مقاس السرير!.
فإن جرائم وبشاعة “بروكست”، وفق حكاية هذه الأسطورة الشهيرة، لم تستمر طويلاً، إذ أوقعته “حيلته” مع المسافرين، في قبضة مسافر مُختلف تماما؛ وهو البطل “تيسي”، الذي قام بقتل “بروكست” بنفس الطريقة، التي قتل بها ضحاياه؛ إذ قام “تيسي” بتمديد “بروكست”على ذات “السرير” وبدأ في بثر وتمطيط جسد هذا الأخير حتى يتناسب مع “مقاس السرير”.
وهذا ينطبق تماماً على “سرير بنكيران” وعلى حكومة العثماني التي “مططت” جسد الأمازيغية ليستوي على مقاسه، وهذا التوصيف هو الأقرب إلى وصف واقع ووضع الأمازيغية اليوم، إذ استمرت حكومة العثماني في “تمطيط” الأمازيغية لتتماشى مع “سرير بنكيران”، هذا الأخير الذي قام بكل ما يستطيع لعرقلة ورش الأمازيغية، وعمل مباشرة بعد تعيينه على رأس حكومة ما بعد دستور 2011، على نهج سياسة صم الاذان و غض الطرف، وحاول، ونجح في ذلك، في هدر الزمن السياسي والتشريعي، وهدر سنوات كانت كافيـة لتحول الأمازيغية إلى لغة رسمية فعلا كما جاء في الدستور، لا كشعار رنّان وسمفونية تُردد على مسامع الفعاليات الأمازيغية والحقوقية الوطنية والدولية.
قد يتفهم المهتم بالشأن الأمازيغـي مواقف بنكيران، وقناعته الفكرية والأديولوجية الموالية لخارج حدود شمال إفريقيا، وهو الذي عبّر، ما من مرة، صراحة على محاربته للأمازيغية، وتهجم على اللغة الأمازيغية، وحرفها الأصيل والأصلي “تيفيناغ”، وقد نتفهم مواقف حزبه ، الذي عارض ورفض وحاول منع ترسيم الأمازيغية، كلغة رسمية في الدستور، وبعد أن فرضت عليه بفضل نضالات وتضحايات الحركة الأمازيغية، التي أضاءت الطريق لعدد من التنظيمات الحقوقية والسياسية والحركات الاحتجاجية، كان من الطبيعي أن يستغل فرصة قيادته لحكومة ما بعد الدستور في عرقلة الأمازيغية، ومنعها من القيام بوظيفاتها، الأمر الذي كان منتظرا منه.
لكن، أن يستمر خلفه على رأس الحزب، وعلى رأس الحكومة، سعد الدين العثماني، المعروف نسبيا بـ”انفتاحه”، ربما تكتيكيا، على الأمازيغية، ودافع عنها مرارا حين كان عضوا في أمانة “البيجيدي” وحتى حينا عُيّن على رأس الدبلوماسية المغربية وزيرا للخارجية، مباشرة بعد تعيينه رئيسا للحكومة بمعية تحالفه الحكومي، على نهج سياسية سلفه من خلال تمطيط جسد الأمازيغية علـى مـقاس “سرير بنكيران”، لا دليل على أننا فعلا نحتاج لـ”تيسي” ينتقم ويُعيد الاعتبار للقضية الأمازيغية في شمولياتها.
فالحركة الأمازيغية تزخر بمناضلين ونشطاء متشبعون بمواقف وقناعات وأفكار وتصورات، هي نقيض تماما للسياسات الحكومية وسياسة الدولة التي تحاول وتسعى جاهدة لتمطيط الأمازيغية على مقاس “بنكيران” ومن سبقه، وتعمل على إفراغ القضية الأمازيغية من محتواها النضالي ومضمونها التحرري والنقذي والفكري الذي يوجه أسهم الانتقاد إلى مكامن الخلل .
ومحاولة استمالة القضية لصالح لعب دور “البارشوك” لأحزاب سياسية ساهمت بقسط وافر فيما تعيشه الأمازيغية، وفقا لما تتحمله من مسؤوليات تنفيذية وتشريعية، لها علاقة مباشرة بالأمازيغية، في حكومات ما بعد الدستور وقبله، ورغم ذلك (تدّعي) الدفاع عن الأمازيغية، سوف تأتي بنتائج عكسية وغير متوقعة ونحن على أبواب الانتخابات المقبلة، وستعجّل بانتقام “تيسي” من “بروكست” بنفس الطريقة التي “عذب” بها هذا الأخير الأمازيغية.
ما ضاع حق وراءه مطالب
تحياتي الاستاذ منتصر