نظمت رئاسة النيابة العامة بشراكة مع الاتحاد الأوروبي، صباح اليوم الخميس 29 يوليوز 2021 بمدينة مراكش حفلا لإطلاق الدليل العملي لمسطرة تسليم المجرمين بمدينة مراكش وذلك يوم 29 يوليوز 2021.
وترأس هذا الحفل رئيس النيابة العامة بحضور وزير العدل وممثلين لمجموعة من المتدخلين المعنيين بهذه الآلية من آليات التعاون القضائي الدولي لا سيما وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج والمديرية العامة للأمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي.
ويأتي هذا الدليل في إطار جهود رئاسة النيابة العامة، وفق بلاغ لها، للرفع من قدرات أعضائها في مجال محاربة الجريمة المنظمة ومنع الإفلات من العقاب وتتبع الجناة الفارين من العدالة، وتكريسا لالتزامات المملكة المغربية الموقعة على مجموعة من الاتفاقيات الدولية والإقليمية والثنائية التي تهم آلية تسليم المجرمين. ومن أجل تيسير وتوحيد عمل قضاة النيابة العامة لمعالجة مساطر تسليم المجرمين.
وبالموازاة مع إطلاق الدليل المذكور، تنظم رئاسة النيابة العامة دورة تكوينية حول موضوع ” إجراءات تسليم المجرمين بين القانون الداخلي والاتفاقيات الدولية” يومي 28 و29 يوليوز 2021.
وتتوخى هذه الدورة التكوينية تمكين المشاركين فيها من قضاة النيابة العامة وغيرهم من التعرف على آلية تسليم المجرمين، ومعالجة بعض الحالات الخاصة وكيفية التعامل معها كتأجيل التسليم وطلبات العبور وتقديم الضمانات والتعهدات…، بالإضافة إلى أنها ستشكل فرصة للتعرف على الاجتهادات القضائية لمحكمة النقض في مادة تسليم المجرمين، وبعض الممارسات الفضلى الأوروبية في المجال.
وسيؤطر الندوة علميا عدد من الخبراء رفيعي المستوى من قضاة النيابة العامة بالمملكة المغربية وخبراء من وزارة العدل ومن المديرية العامة للأمن الوطني، بالإضافة إلى خبراء من الاتحاد الأوربي وقضاة الاتصال المغاربة والأجانب.
وقال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة بمناسبة حفل تقديم “الدليل العملي لمسطرة تسليم المجرمين”، إن التعاون القضائي في الميدان الجنائي وجها من أوجه العلاقات الدولية، يستهدف مكافحة الجريمة التي تعد اليوم من أكبر التحديات التي تواجه أجهزة العدالة الجنائية بسبب تفشي نشاط الشبكات الإجرامية واستغلالها لتطور وسائل الاتصال والمواصلات والتكنولوجيا الحديثة، حيث أصبحت الحدود الوطنية للدول سهلة الاختراق وتكاثرت الجرائم العابرة للحدود الوطنية نتيجة لذلك، كما أن إمكانية تنقل الأفراد عبر العالم بمن فيهم مرتكبي الأفعال الإجرامية أصبح يفرض كامل اليقظة لعدم إفلاتهم من العقاب. وهو ما أدى إلى تزايد اهتمام المنتظم الدولي إزاء تعزيز التعاون القضائي بين الدول من أجل محاصرة الجريمة وضمان عدم الإفلات من العقاب”.
وأشار الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض إلى أن ” المملكة المغربية انخرطت في المجهودات الدولية في هذا السياق من خلال المصادقة على مختلف الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بتقوية آليات العدالة الجنائية، وإبرام عدد من اتفاقيات التعاون القضائي الثنائية في الميدان الجنائي من أجل تبادل المساعدة القضائية وتسليم المجرمين ونقل المعتقلين وغيرها من آليات التعاون القضائي الدولي”، مضيفا أن ” المغرب تجارب ناجحة لتسهيل وتتبع تنفيذ الاتفاقيات الثنائية مع الدول لتعزيز التعاون القضائي كمؤسسة قاضي الاتصال أو شبكات التعاون القضائي الموضوعاتية كالشبكة الرباعية الذي تنخرط فيها النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب ببلادنا إلى جانب النيابات العامة المعنية بكل من فرنسا واسبانيا وبلجيكا”.
وشدد مولاي الحسن الداكي على أن ” مسطرة تسليم المجرمين تعد من أقدم أشكال التعاون الدولي وأكثرها حزمًا في مجال العدالة الجنائية، ومعلوم أن عمليات التسليم تكون غالبا معقدة ومركبة، بفعل المتطلبات القانونية والتقنية المختلفة المتعلقة بها، والتي تفرضها القوانين الداخلية للدول أو الاتفاقيات الثنائية أو الإقليمية أو الدولية. وهو ما يتطلب الإلمام بقوانين التسليم والاتفاقيات الدولية المنظمة له، وضبط إجراءاته، واحترام الآجال المقررة له. ذلك أن عدم مراعاة تلك المساطر يؤدي إلى رفض طلبات التسليم أو يؤدي إلى إطالة آماد البت فيها، الشيء الذي يضر بالسير السليم للعدالة الجنائية، وهو ما يدعو إلى تكوين وتحسيس الجهات القضائية والإدارية المكلفة بتدبير قضايا التسليم على مساطره كما يحددها القانون الوطني والاتفاقيات الدولية ذات الصلة”.
و”لتحقيق هذه الغاية فإن رئاسة النيابة العامة كمؤسسة قضائية، أخدت على عاتقها اعتماد وتفعيل استراتيجية تواصلية ومقاربة منفتحة قوامها نسج علاقات متينة مع السلطات القضائية الأجنبية والمؤسسات والمنظمات الدولية الرسمية وغير الرسمية، والتي تعنى بموضوع العدالة والقانون، الأمر الذي يمكن من خلق روابط تخدم سياسة مكافحة الجريمة بشكل عام والجريمة المنظمة والعابرة للحدود بكل أشكالها”. يورد المتحدث.
وأوضح في معرض كلمته أن رئاسة النيابة العامة “جعلت من أولوياتها توفير تكوين عالي الجودة لقضاة النيابة العامة بشأن آليات التعاون القضائي الدولي بشكل عام وبشأن مسطرة تسليم المجرمين وباقي الآليات المرتبطة بها بشكل خاص، وذلك من خلال إشراكهم في عدة ندوات ومؤتمرات وأيام دراسية، يؤطرها عادة خبراء مختصون”. وقال إن ” رئاسة النيابة العامة اليوم، تتشرف بأن توفر لقضاتها، ولعموم قضاة المملكة، ولمختلف الفاعلين في مجال العدالة والمهتمين بالموضوع، دليلا استرشاديا، يرمي إلى توفير المعلومات الحقوقية والقانونية المتعلقة بمسطرة تسليم المجرمين. كما يتغيا تيسير وتوحيد العمل بالنيابات العامة بهذا الخصوص ويتوخى من خلال محاوره الخمسة بيان مختلف المواضيع ذات الصلة بتسليم المجرمين، كالأوامر الدولية بالبحث وإلقاء القبض، وطلبات الاعتقال المؤقت مرورا بتعريفها وصولا إلى شروطها وكيفيات تنفيذها”.
كما يوضح الدليل، يضيف رئيس النيابة العامة، أيضا ذلك في قالب مبسط الشروط الشكلية والموضوعية لطلبات التسليم الصادرة عن السلطات القضائية المغربية أو الواردة عليها من السلطات القضائية الأجنبية، ويطرح بعض الإشكاليات العملية التي تعترض هذه الطلبات مقترحا حلولا لها، كما يعالج بعض الطلبات الخاصة التي ترد أثناء معالجة مسطرة التسليم، كالتسليم المؤقت وتمديد مفعول طلب التسليم أو طلب العبور، وفضلا عن ذلك يوضح دور الشكاية الرسمية في منع إفلات بعض الجناة من العقاب خاصة في الأحوال التي لا يمكن تسليمهم فيها ، مع بيان الشروط الشكلية والموضوعية التي تتطلبها.