للسنة الثانية على التوالي أعلن حزب الإستقلال المغربي الذي يتمتع بنفوذ قوي داخل المغرب، عن مقاطعة أعضاء فريقيه النيابيين بمجلس النواب ومجلس المستشارين لجلسات المجلسين، وتوقف جريدة الحزب عن العمل وإغلاق مقرات الحزب بمناسبة قراره القاضي بإعلان يوم رأس السنة الأمازيغية عيدا بعطلة مدفوعة الأجر، ضدا على القرار الحكومي القاضي بعدم الإعتراف برأس السنة الأمازيغية وإقراره كعيد وطني.
وترأس حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال مهرجانا حاشدا بأجدير قرب مدينة خنيفرة احتفالا بالسنة الأمازيغية الجديدة 2965. وتميز اللقاء بتكريم عشرات من الوطنيين الأحرار وقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير من أبناء أقاليم خنيفرة وإفران ومكناس والحاجب، وألقى أعضاء من الحزب كلمات أكدت على أهمية هذا الحدث الذي يجب أن يظل تقليدا سنويا، وراسخا في أدهان الاستقلاليين والاستقلاليات باعتباره رمزا للتضامن وتوحيد الصفوف من أجل التصدي لجميع التوجهات التي تهدد الاستقرار والأمن في بلادنا و تهدف إلى استمرار مظاهر الظلم والتفاوتات الصارخة على المستوى المجالي والاجتماعي.
وقد أكد حميد شباط الأمين العام للحزب، يوم 13 يناير 2015 الذي أصبح منذ السنة الماضي يوم عطلة بالنسبة لحزب الاستقلال، أن الحكومة تناهض رغبة الشعب المغربي في اعتماد هذا اليوم كعيد وطني يعطل فيه العمل في مختلف مؤسسات الدولة، كما أنها تأخرت في تنزيل مقتضيات دستور 2011 المتعلقة بالأمازيغية، وخاصة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية من خلال إصدار القانون التنظيمي للأمازيغية، والقانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.
وأوضح شباط أن حزب الاستقلال بادر منذ السنة الماضية إلى الاحتفال بهذه المناسبة واعتبارها عيدا وطنيا يعطل فيه العمل، وهو ما ترجمه عمليا في مختلف مقرات الحزب والمؤسسات التابعة له، كما أن الفريق البرلماني الاستقلالي قاطعوا أشغال البرلمان لإحياء هذه الذكرى، مؤكدا أن حزب الاستقلال، يستحضر بهذه المناسبة، الخطاب التاريخي لجلالة الملك بأجدير، وتوجهاته الهادفة إلى النهوض بالثقافة المغربية باعتبارها مكونا أساسيا للهوية الوطنية المغربية.
وأبرز حميد شباط أمام الجماهير المحتشدة في موقع الحدث، أن حزب الاستقلال طالب الحكومة بالعمل من أجل جعل يوم 13 يناير، الذي يصادف الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة، ضمن الأعياد الوطنية التي يعطل فيها العمل، في مختلف المرافق العمومية، إلا أن الحكومة تجاهلت هذا المطلب الذي يعتبر مشروعا بالنسبة للشعب المغربي، مبرزا أن هذه السنة ستكون حاسمة بخصوص هذا المطلب، حيث ستضطر القوى الوطنية إلى شن إضراب عام وشامل، إذا تمادت الحكومة في رفضها لهذا المطلب الشعب.
وأشاد الأمين العام لحزب الاستقلال بالأدوار البطولية لأبناء المنطقة في النضال ضد الاستعمار وهو ما اعترف به المستعمر نفسه وهي الأدوار التي يواصل القيام بها من أجل ترسيخ الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية والقطع بشكل نهائي مع منطق المغرب النافع والمغرب غير النافع، والتصدي للتوجهات الظالمة لسياسة الحكومة التي تعتبر حكومة فضائح بامتياز، والتي يجب أن تكون مجرد سحابة صيف عابرة بالنسبة للمغاربة.
هذا واحتفلت جريدة «العلم» التابعة لحزب الإستقلال بدورها برأس السنة الأمازيغية 2965 يوم الثلاثاء 13 يناير 2015 بمقر الجريدة لتضم صوتها إلى المؤسسات الموازية لحزب الاستقلال في الدعوة إلى اعتبار هذا اليوم عيدا وطنيا.
ونظمت أسرة العلم بهذه المناسبة لقاء تواصليا وسادت فيه روح الزمالة والأخوة بين الصحافيين والتقنيين، وتداول الجميع في الكيفيات التي يخلد بها الشعب المغربي هذه المناسبة في جميع مناطقه وبالطرق المختلفة والموائد التي تهيأ بها الأطباق في هذا اليوم، وتداول الجميع في الدلالات ورمزية هذا اليوم وهذا الحدث بالإضافة إلى استعراض الموائد التي تعدها الأسر المغربية في هذه المناسبة كـ«الكسكس بسبع خضاري» و«حاكوزا» و«تاكلا» و«إركيمن» وغيرها من الأطباق.
هذا وبمناسبة رأس السنة الأمازيغية 2965 أصدر حزب الاستقلال إعلان اجدير من مدينة خنيفرة خلال لقاء عقده يوم 13 يناير، والذي دعا فيه الحكومة إلى تحمل كامل مسؤوليتها في تنفيذ بنود الدستور وتجسيد الحماية الدستورية للغة والثقافة الأمازيغية.
وجاء في الإعلان حسب ما نقلته جريدة العلم التابعة للحزب:
لقد شكلت الأمازيغية لغة وحضارة أحد أوجه الهوية المغربية التعددية الضاربة جذورها في القدم، وكانت شاهدا على أمجاد الأمة المغربية الأمازيغية بامتداداتها التاريخية في شمال إفريقيا، فكانت بذلك فخر الأمة والوجه الأبرز للخصوصية المغربية، والحاملة للدين الإسلامي الحنيف والحافظة له في قلوب المغاربة..
ورغم ما عاشته الأمازيغية من تهميش وإهمال في السياسات العمومية المتوالية، فإن الشعب المغربي في الجبال والسهول والصحاري، حافظ عليها كما تستحق أن يحافظ عليها وأكرمها كما يفترض أن يتم إكرامها، فاستطاعت بذلك أن تحفظ وجودها وكيانها في حين انقرضت أو تكاد باقي اللغات والثقافات التي عاشت إلى جوارها زمنيا، وهذا ما يثبت أصالتها وتجذرها في تربة هذا الوطن في شمال إفريقيا الكبير.
إن حزب الاستقلال وهو يقرر الاحتفاء بالسنة الأمازيغية 2695 بموقع أجدير بخنيفرة، يفعل ذلك إقتداء بالخطاب الملكي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس قبل 13 سنة في ذات المكان والذي أعلن فيه جلالته عن الانطلاقة الفعلية للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، في إطار مسلسل من المصالحة الثقافية على غرار المصالحة السياسية التي شكلت نقطة تحول كبير في مسار البناء الديمقراطي ببلادنا وترسيخ الوحدة الوطنية، إذ أكد جلالة الملك في خطاب أجدير يوم 17 أكتوبر 2001 على أن « العمل الذي نقدم عليه، اليوم، لا يرمي فقط إلى استقراء تاريخنا؛ إنه بالأحرى تجسيد لقوة إيماننا بالمستقبل، مستقبل مغرب التضامن والتلاحم، مغرب الإرادة والجد، مغرب الفضيلة والطمأنينة والرصانة، مغرب الجميع، القوي بوحدته الوطنية«.
لقد كانت الأمازيغية ولاتزال في صلب معركة الإصلاح السياسي والدستوري ببلادنا، فلا ديمقراطية بدون أمازيغية.. كان ذلك الشعار البليغ الذي رفعته -عن حق- الحركة الثقافية الأمازيغية في بداية التسعينات، في أوجه معركة الإصلاح السياسي والدستوري.
لقد شكل الخطاب الملكي بأجدير، نقطة تحول مفصلية في تعاطي الدولة مع الأمازيغية، لكن واقع الممارسة ببلادنا أثبت بأن المسافة بين الإرادة وما يتم إنجازه على أرض الواقع، تبقى شاسعة، وأن تدريس الأمازيغية مثلا لم يعرف تلك الطفرة التي كان من المفترض تحقيقها، حتى أن بلادنا دخلت مرحلة التطبيع مع محدودية ما يتم إنجازه لصالح الأمازيغية، بشكل يتناقض بصورة شاسعة مع حجم طموحات وآمال جميع المغاربة.
إن دستور 2011 شكل دعامة جديدة للأمازيغية عندما نص بوضوح تام في تصديره على أن الأمازيغية مقوم من مقومات الهوية الوطنية للمغرب، وكذلك الأمر عندما نص فصله الخامس على أن « الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء» ، وقد أوكل الدستور تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ومراحل هذا التفعيل وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وباقي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية لقانون تنظيمي، وكل ذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية، كما نص الدستور أيضا في ذات الفصل على إحداث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية بهدف حماية وتنمية كل من العربية والأمازيغية.
إن حزب الاستقلال الذي ألح في مذكرة 3يناير 2013 والموجهة للسيد رئيس الحكومة الحالية، بأهمية إعطاء الأولوية للقانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، هو ذات الحزب الذي تقدم بمقترح قانون بخصوص المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، كما أنه الحزب الذي طالب عبر فريقه النيابي، قبل سنة باعتماد ذكرى السنة الأمازيغية كعيد وطني،في مبادرات نوعية تسعى لتمكين الأمازيغية من حقها التاريخي في الوجود الرسمي بما يضمنه لها من حماية ومساندة ودعم وانتشار، لكن كل هذه المبادرات التي تقودها روح وطنية عالية، بقية إلى اليوم بدون جواب من الحكومة.
إن حزب الاستقلال يجدد هذه السنة طلبه المرفوع إلى رئاسة الحكومة بضرورة اعتماد رأس السنة الأمازيغية كعيد وطني واعتباره يوم عطلة، ويقرر للسنة الثانية على التوالي تعطيل العمل في جميع مقرات و مؤسسات الحزب بهذه المناسبة، مؤكدا على الجانب الرمزي في هذا القرار، لأن الأمازيغية لا يمكن أن تبقى محرومة و معزولة عن باقي مكونات الهوية المغربية، ويحق للشعب المغربي الإحتفاء بها وبرموزها وأحداثها التاريخية وأبطالها، لأنهم جميعا يشكلون المشترك في الهوية المغربية الجامعة.
إن حزب الاستقلال، ينبه بشدة إلى أن التأخير في حسم موضوع التعددية الثقافية والتي هي في المجتمعات الديمقراطية المتحضرة رمز لقوة الأمم، ينطوي على مخاطر كبيرة في ظل عدم الإستقرار الذي تعاني منه بلدان الجوار ومحيطنا الإقليمي بصفة عامة، كما أن إستمرار الشعور بالحرمان والإعتداء الرمزي على أحد مكونات الهوية الوطنية، من شأنه أن يخلق ردود فعلية نكوصية ترفض كل ما هو مشترك وتتعزز لديها النزعة الطائفية التي كانت ولاتزال السلاح الذي هز الكيانات الوطنية ولا يزال يصنع عدم الإستقرار في بلدان متعددة.
إن حزب الاستقلال يدعو الحكومة إلى تحمل كامل مسؤوليتها في تنفيذ بنود الدستور، وتجسيد الحماية الدستورية للغة والثقافة الأمازيغية، ويحذر من إرادة تأجيل هذا الموضوع إلى السنوات المقبلة، وهو ما ينطوي على مخاطر لا يمكن تقييم مدى الضرر الذي يمكن ان تسببه للوحدة الوطنية للأمة المغربية، كما يذكر بأن موضوع الأمازيغية لن يكون مطلقا موضوعا للمزايدات السياسوية أو التكسب الإنتخابي، بل هو موضوع المشترك الذي يجمعنا.
جريدة العلم+ أمدال بريس