قال وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياض، شكيب بنموسى، إن الوزارة تستند في تدريس اللغة الأمازيغية “إلى الثوابت التي يقوم عليها النظام التربوي المغربي خاصة المرجعية الدستورية وتحديدا الفصل الخامس، ثم مقتضيات القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين الذي يؤكد في المادة 31 منه على “جعل المتعلم الحاصل على الباكالوريا متقنا للغتين العربية و الأمازيغية ” إضافة إلى ما جاء به القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية.
وأشار بنموسى في كلمته خلال الملتقى الفكري المنظم من طرف كل من حزب “التجمع الوطني للأحرار” و “مركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان” و “فعاليات الحركة الأمازيغية”، حول موضوع :”تنزيل مقتضيات القانون التنظيمي للأمازيغية: تصورات إجرائية”، يومه السبت 05 فبراير 2022، بمدينة الناظور، إلى أن “عمل الوزارة يتأسس في هذا الصدد على ترصيد تراكم إيجابي ينطلق من الشراكة البناءة والفعالة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لرفع العديد من التحديات ووضع قاطرة طموح تعميم اللغة الأمازيغية على سكتها الصحيحة، إضافة إلى مسار غني من الممارسات التنظيمية والتدبيرية لتنمية وتجويد تدريس هذه اللغة علاوة على تنظيم العديد من الأيام الدراسية والندوات وإنجاز بعض البحوث والدراسات حول آفاق التطوير وتقييم التعلمات والأداء المهني بهدف الارتقاء بالنموذج البيداغوجي وإرساء هياكل وبنيات التنظيم والتكوين”.
وتواصل الوزارة، يضيف الوزير الوصي على القطاع، جهودها من أجل التعميم التدريجي لتعلم وتدريس اللغة الأمازيغية عبر الاشتغال على مجموعة من المداخل الرئيسية.
المحور البيداغوجي..
“منذ الموسم الدراسي 2002-2003 تم الشروع في إعداد البرامج الدراسية لمادة اللغة الأمازيغية بسلك التعليم الابتدائي وإصدار كتب مدرسية مصادق عليها من لدن الوزارة تغطي السنوات الست من سلك التعليم الابتدائي”. يضيف بنموسى.
واعتبر أن “تعلم وتعليم اللغات يندر ضمن هندسة لغوية وضمن تصور تربوي يجعل من التحكم في اللغات الرسمية مرتكزا ثابتا في المنظومة التربوية الوطنية ومن ضمنها اللغة الأمازيغية”.
“وقد عملت الوزارة بتعاون وثيق مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على مراجعة المنهاج الدراسي للغة الأمازيغية بالسلك الابتدائي، بحيث يتم تدريجيا إعداد كتب مدرسية جديدة لمختلف المستويات التعليمية بالسلك الابتدائي على مدى ثلاثة مواسم دراسية، وذلك في تناغم تام مع المستجدات التربوية التي عرفتها عملية مراجعة وتنقيح المناهج والبرامج التربوية”. يورد الوزير.
وترتكز المقاربة البيداغوجية التي تقوم عليها البرامج الدراسية للغة الأمازيغية؛ يقول بنموسى، على اعتماد “المقاربة بالكفايات التي تسمح بتجاوز الممارسات التعليمية التقليدية مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المتعلمات والمتعلمين من حيث مرجعياتهم اللغوية والثقافية وإيقاعات تعلمهم”.
كما تتأسس هذه المقاربة أيضاً، يضيف، على اكتساب “المتعلمين اللغة شفهيا بالانطلاق من الفروع الأمازيغية في السنتين الأولى والثانية ابتدائي مع العمل بالتدريج على بناء لغة معيارية”.
وعلاوة على ذلك، “سيتم تدعيم هذا التوجه بتوفير الدلائل البيداغوجية والمعينات والموارد الرقمية التي تغطي منهاج السلك الابتدائي مع إدراج المضامين الثقافية والتاريخية الأمازيغية في المناهج التربوية للمواد الدراسية وفق نظرة تكاملية تراعي التفاعل الإيجابي بين الأمازيغية في أبعادها اللغوية والثقافية والحضارية وتلك المواد علاوة على تنمية الحس الوطني لدى المتعلمين”.
محور التكوين الأساس والمستمر:
وأضاف وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أن “التكوين شكل تحديا كبيرا في بداية الإدماج لغياب الأمازيغية في عدة التكوين داخل المراكز مما قلص إمكانات إنجاح مشروع تدريس الأمازيغية”.
وزاد “تم إدماج مجزوءة اللغة الأمازيغية ابتداء من سنة 2006 حيث تم إدراج الأمازيغية في برامج التكوين الأساس بالمراكز واستمر الأمر على ما هو عليه إلى غاية السنة التكوينية 2012/2013 ليبدأ العمل بالأستاذ المتخصص”.
وأكد الوزير أن عدد الخريجين بمختلف المراكز التي تتواجد بها الشعبة وصل إلى ما يناهز 1643 أستاذا واستاذة متخصصا في تدريس الأمازيغية”، موضحا أنه ” يتم التكوين في مصوغة اللغة الأمازيغية بمركز تكوين مفتشي التعليم مع إدماج مجزوءة الأمازيغية في سلك مفتشي التعليم الابتدائي بغلاف زمني يقدر ب 80 ساعة في السنة يتم من خلالها إعداد المفتشين للقيام بتأطير الأساتذة فيما يخص تدريس الأمازيغية”.
واعتبر ” التكوين عن بعد وتوظيف الحلول الرقمية والتكنولوجية رافعة أساسية للنهوض بجودة التأهيل التربوي والبيداغوجي لأطر وزارة التربية الوطنية وخاصة أطر هيئة التدريس”.
وفي هذا السياق، قال إن الوزارة عملت على تبني استراتيجية وطنية خاصة بإنتاج الموارد الرقمية في جميع المواد والأسلاك التعليمية، وكذلك في اللغة الأمازيغية بتعاون مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية”.
وأشار إلى أن بعض المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين بلورت “عروضا مؤسساتية للتكوين المستمر في اللغة الأمازيغية وتقنيات التواصل الخاصة بها مع مراعاة الفئات المستهدفة سواء منها من تلقى تكوينا أساسا في اللغة الأمازيغية وحصل على شهادة جامعية كالإجازة في الدراسات في الأمازيغية أو الماستر أو تكوينا مهنيا في مراكز التكوين”.
ومن بين التدابير المتخذة هذه السنة؛ يضيف بنموسى، هو الرفع من عدد الأساتذة في مباراة أطر الأكاديميات من 200إلى 400، وسنواصل هذا الرفع التدريجي علما أن المنظومة في حاجة إلى 17 ألف أستاذ لتحقيق التعميم بالسلك الابتدائي.
الحياة المدرسية يحظى بطابع عرضاني شمولي
وأكد الوزير إدراج اللغة الأمازيغية ضمن المسابقات الوطنية والجهوية والإقليمية وخاصة تلك المتعلقة بالتشبيك الموضوعاتي (المسرح، الموسيقى، الفيلم التربوي، الاعلام المدرسي، المسابقات الثقافية الخ..) والمشاركة في الحلقات الإذاعية والبرامج التلفزية الناطقة بالأمازيغية؛ تنظيم معارض حول التراث الثقافي الأمازيغي خلال احتفالات الأندية بمناسبة الأيام الوطنية والدولية،
تشجيع التلاميذ على إعداد كبسولات تثقيفية وفيديوهات فنية وثقافية باللغة الأمازيغية”.
وأبرز الوزير أن “البرنامج الحكومي 2021-2026 يسعى إلى مواصلة تنفيذ المشاريع الاستراتيجية لتفعيل أحكام القانون-الإطار، مع تعزيز الملاءمة مع توجهات “النموذج التنموي الجديد” الذي يطمح إلى إحداث نهضة حقيقية للمنظومة التربوية، والإرادة القوية لإعمال المخطط الحكومي المندمج لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”.
و”قد سبق للوزارة في دجنبر 2020 أن تقدمت بمشروع مخطط عشري لتعميم تدريس اللغة الأمازيغية في أسلاك التعليم الإلزامي وتعزيز موقع البعد الثقافي الأمازيغي ضمن المنهاج الدراسي”. يورد.
وأوضح ذات المصدر أن هذا المشروع يختزل خارطة طريق تتأسس حول “مرتكزات الإطار التنظيمي والمنهاج الدراسي والتكوين الأساس والمستمر للأساتذة والمفتشين وأطر الإدارة التربوية في اللغة الأمازيغية ثم مجال التقييم والامتحانات من خلال إعداد معايير لتقييم التعلمات”.
واعتبر أن الملتقيات العلمية والفكرية، كما هو الشأن بالنسبة لهذا اليوم الدراسي، تشكل فرصة مهمة وثيقة الصلة بإعمال مبدأ الذكاء الجماعي في إيجاد الحلول واقتراح المداخل الإيجابية وطرح الأولويات الحقيقية التي يجب التفاعل معها في أفق تعميم أمثل لتدريس اللغة الأمازيغية..
وأكد أن “تعميم تدريس اللغة الأمازيغية تعتبر شأنا جماعيا ومجتمعيا في غاية الأهمية ولا يمكن رفع التحديات والاكراهات المتعددة التي يطرحها تفعيل هذا الطموح إلا بتضافر جهود جميع المتدخلين والشركاء كل من موقعه ومن مسؤولياته”. وأكد أن “الإرادة متوفرة وأنا أؤمن بأن بلوغ النجاعة في هذا المشروع الوطني يجب التعامل معه بكامل الواقعية والوعي بقدرتنا على الإجابة على الأسئلة والصعوبات مع استحضار إمكانياتنا ومواردنا المالية والبشرية وكذلك المعطيات المؤسساتية والاجتماعية والترابية”.
و”تشكل هذه المعالجة الواقعية لطموحنا الجماعي في تنزيل تعميم تدريس الأمازيغية مسألة حاسمة تتطلب نقاشا هادئا ورصينا لوضع الإطار الأمثل لتحقيق الأهداف المنشودة”.
وأكد بنموسى أن الوزارة تعمل على الانفتاح على التجارب الناجحة في تدريس اللغة الأمازيغية سواء داخل المنظومة او تلك التي يقدمها الشركاء أو بعض الفاعلين المتميزين وذلك بهدف الاستئناس بأهم الممارسات الرائدة والمقاربات البيداغوجية والاختيارات التنظيمية الإيجابية واعتمادها في تفعيل رؤيتنا من أجل تسريع وتيرة التعميم.
الناظور: منتصر إثري