بصدد التصريحات العنصرية للطبيب الفرنسي الذي اعتبر الآلاف الافارقة بمثابة فئران تجارب-كما عادة اسلافه- من اساطين الطب الاستعماري الفرنسي، والتي جرت العادة على تسميتهم بخبراء الباتولوجيا. والمقصود بهذه الكلمة هو علم يدرس تحولات الأمراض وكيفية انتقالها بين الافراد، ودرجة تأثيرها على أجسام المصابين.
وتاثيرها على الانسجة البشرية وغيرها، تحضرني هنا قصة ضابط فرنسي كان من بين أفراد البعثة الطبية الفرنسية التي كلفت بالانتقال للاشتغال في الاراضي المغربية والتي جرت العادة على تسميتها بأراضي ما وراء البحار، هذا الجهبذ الفرنسي كان له رأي آخر عندما عمل على استعارة أسطورة حدائق الهسبريد الجميلة والخصبة والغنية بالخيرات. وقصد توضيح اصل هذه الاسطورة فانه يعود الى الاله انتايوس او آنتي وهو ابن بوسيدون إله البحار الامازيغية.
فانتي كان حامي حدائق الهسبريد من كل معتد آتم وكان يلحق ادى بليغا بكل من حاول الاعتداء على بلاد الامازيغ. وبحكم اطلاع البعثة العلمية الفرنسية المكلف بمهام المغرب على تاريخ المغرب قبل بدأ عمليات التهدئة كما جاء في عقد الحماية.
اهتدى هذا الطبيب الفرنسي الى اسقاط مضامين تلك الاسطورة على الواقع الطبي للمغرب والمغاربة عندما قال ان ثنينا ذو مائة رأس ينتصب أمام حدائق الهسبريد ذات التفاحات الذهبية- في اشارة الى خيرات المغرب- ليمنع كل من يقترب منها، وكان يقصد بطبيعة الحال الأمراض المنتشرة آنذاك في المغرب كالتيفوس، الطاعون وحمى المستنقعات التي تسبب مرض النوم. والتي ستحول دون نجاح مهمة فرنسا في المغرب والتي هي في المرتبة الاولى لما كان معروفا بعمليات “الباسيفيكاسيون” واستغلال خيرات المغرب الطبيعية والبشرية.
ومن هنا كان لازما على السلطات الفرنسية محاربة هذه الامراض قبل البدئ في تنفيذ مشروعها الاستعماري في المغرب. بما يخدم اطر فرنسا ويضمن سلامة اجسادهم الى حين انجاز مهامها التاريخية والحضارية في المغرب كما يزعمون دائما.
*صحفي وباحث في التاريخ