بقلم: أحمد الدغرني
لا أريد أن تمر مناسبة رؤيتنا للرئيس المحترم عبد العزيز بوتفليقة وهو مريض بنوع من الشلل الخطير تمر بدون تفكير، في المعنى السياسي لهذا الترشيح، وماهي القواعد السياسية التي يمكن أن يتعلمها شباب شمال افريقيا من الحالة الصحية والسياسية لهذا الرئيس المحترم؟ ونشير في البداية الى ضرورة مقارنة أحواله مع الجيران في شمال افريقيا ومصر.
وأبدأ بقاعدة أولى وهي: ان الشعب المريض سياسيا لايصلح له الا رئيس مريض، ولحزب جبهة التحرير الوطني الجزائري FLN فضل كبير على اكتشافنا لهذه القاعدة، ونشكرها لأنها ساعدت على ظهور هذه القاعدة التي طبقتها بكل مسؤلية، ووضوح، وشفافية، وعلى شباب البلاد أن يفهمها…
والقاعدة الثانية هي” أن ترشيح رئيس يعلن مرضه بشفافية وشجاعة خير من رئيس مريض يحكم ويخفي مرضه” وللأحزاب والأتباع الذين يخفون مرض الرؤساء والملوك لعنة النفاق وعدم الشفافية.
وإخفاء مرض الملوك والرؤًساء على الشعب، أقبح من فضيلة مصارحة الشعب بمرضهم. وبوتفليقة، رئيس لم يتزوج، ولم يخف يوما من الأيام عزوبته، وكان بإمكانه أن يتزوج ويكلف من يتولى شؤون زوجته ، وينجبً معها أبناء، يرثون ثروته، ويكونون من ولاية حكمه بعد وفاته، ولكنه مشكور على عزوبته بالمقارنة مع جيرانه في بلدان شمال افريقيا ومصر…
ولقد بلغ بوتفليقة من عمره 81 سنة، ولم يخف على الشعب شيخوخته، وكرس قاعدة سياسية وهي” أن الشعب العجوز لا يصلح له إلا رئيس حزب، ورئيس جمهورية، أوملكً عجوز “ولم ينافق ولم يكذب على بلاده في العجز والمرض.
وكما أشرنا في البداية الى المقارنة مع شمال افريقيا ومصر، يمكن توقع مصير الحكم في الجزائر خلال الشهور المقبلة من سنة 2019 وهو مصير محدد كما يلي:
إن مقياس المعرفة السياسية بهذا المصير يتطلب الرجوع تاريخيا الى سنة 2011 وما وقع فيها من تغييرات في تونس والمغرب ومصر وليبيا، ليتضح أن الجزائر، تأخرت عنها التغييرات من2011 الى2019، وبعد استعمال هذا المقياس، يكون واضحا، أن مصير بوتفليقة ونظامه السياسي، سيكون مستقبلا على أربعة نماذج:
1- اما مصير تونس سنة2011، وهو معروف بتدخل الجيش في عملية تهريب الرئيس بنعلي وعائلته الى السعودية، وتطبيق مسلسل من تجربة نظام حكم جديد، جوهره المرور من تجربة سياسية سلمية نحو حكم تسيره أغلبية من التنظيمات الإسلاموية مع ائتلاف مع فلول حكم بورقيبة وبنعلي وترقيع من اليساريين..
2- وإما مصير ليبيا، إذا لم ينسحب بوتفليقة من الحكم، وهو معروف، بقتل القذافي، وتطور الأوضاع الى الحالة التي عليها منذ سنة 2011 وسبق لي أن نشرت عنها بعض المقالات..
3- إما مصير المغرب، حيث وجه الملك خطابا ، وعين لجنة وضع مشروع دستور2011 ، وأقال الوزير الأول عباس الفاسي، وحل البرلمان، وهو ما مكن الإسلامويين من أغلبية انتخابية، وائتلاف حكومي من فلول ماقبل سنة 2011 مرقع ببعض اليساريين، ويبدو أن جزائر بوتفليقه بدأت تنسخ حرفيا جزءا من تجربة المغرب سنة 2011 بتوجيه رسالة بوتفليقه الى الشعب لأنه لا يستطيع صحيا إلقاء خطاب، وإقالة الوزير الأول احمد أويحيي ، والوعد بتعيين لجنة محايدة وهي تجربة لا تبعد عن تخطيط فرنسا…
4- وإما مصير مصر سنة2011 بعزل رئيس عجوز ومريض، هو حسني مبارك ، وإجراء مسلسل من التعديلات السياسية والقانونية، انتهت بنتيجتين، الأولى تأسيس حكومة أغلبية تحت رئاسة الإخوان المسلمين بقيادة محمد مرسي، والثانية انقلاب عسكري بقيادة الجينرال السيسي وما تبع ذلك…
قد تتشكل تجربة مصير الجزائر سنة 2019 من مزيج سياسي يستفيد من مصير التجارب الأربعة التي ذكرناها أعلاه، ولكن المستقبل يحتمل أن يهدم مصير الجزائر تجربة تونس والمغرب، وليبيا وتتحول منطقة شمال افريقيا كلها الى مصير جديد تسقط فيه كل الحدود بين الدول، وتنهدم سياسة الإستقلالات عن فرنسا، وأحزاب الحركات الوطنية، وتبنى قواعد سياسية من طرف الأجيال الجديدة.
الرباط في 13 مارس 2019