أكد الباحث الأركيولوجي عن المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، يوسف بوكبوط، أن الأبحاث متواصلة بموقع “إيفري عمرو موسى” بجماعة آيت سيبرن المحاذية لواد بهت (إقليم الخميسات)، الذي يعود للحضارة الجرسية (1800 / 2400 قبل الميلاد)، بغية معرفة هل كانت هناك ممارسة للزراعة بالمنطقة، وبالتالي ستشكل مهدا للحضارة البشرية.
وأوضح يوسف بوكبوط، في محاضرة له رفقة زميله لوك جالوت، أن “دورن الأثريين لا ينحصر فقط في التنقيب والبحث، وإنما يتجاوز ذلك إلى المساهمة في جعل هذه الاكتشافات تساهم في قاطرة التنمية التي تشهدها البلاد “، وأبرز أن الحفريات، التي يقوم بها فريق عمل مكون من مجموعة من علماء الآثار المغاربة، بموقع “إيفري عمرو موسى”، منذ سنة 2005 في إطار برنامج وطني يهتم بفترة العصر الحجري وماقبل التاريخ بمنطقة زمور، مكنت من اكتشاف هياكل عظمية تعود لإنسان الحضارة الجرسية، إضافة إلى صناعة فخارية دقيقة، تشير إلى التطور الحضاري الذي عرفته تلك المرحلة.
وأضاف أن فريق العمل تمكن في أقل من شهر من اكتشاف أكثر من 30 موقعا أثريا، تبين أن أهمها، موقع “إيفري عمرو موسى” الذي عثر فيه على أدوات تعود إلى الحضارة الجرسية المعروفة في شبه الجزيرة الإيبيرية، مشيرا إلى أن فريق العمل قام خلال سنة 2006 بأول تنقيبات بهذه المغارة، مكنته من اكتشاف أول هيكل عظمي للإنسان بالمغرب وبشمال إفريقيا .
وأوضح بوكبوط، أن أغلب الأشياء الأثرية التي عثر عليها داخل المغارة هي أدوات مصنوعة من عظام الحيوانات وكسرات من الفخار الجرسي الشكل، وبقايا عظام حيوانات لم يعد لها وجود بشمال إفريقيا، وأدوات معدنية صنعت من النحاس (الفترة الحجرية-النحاسية) بجانب حجيرات من المعدن وأخرى صنعت من عظام الحيوانات، كالإبر ذات الثقب كانت تستخدم لعدة أغراض، وخاصة في الزينة، مشيرا إلى أن الأبحاث أكدت أن أغلبها غير مستوردة، إنما هي من صنع محلي.
وتحدث الباحث الأركيولوجي لوك جالوت عن أهمية الللقى الخزفية التي تم العثور عليها سنة 2016، بمناطق مجاورة للموقع الأثري “إيفري عمرو موسى”، والتي تتشكل من أواني فخارية دقيقة الصنع، ومزينة بصباغة سوداء.
وقدم الباحث الفرنسي دراسة مقارنة بين الأدوات التي تم العثور عليها بموقع “إيفري عمرو موسى” ونظيراتها بالجنوب الأوروبي، ليستنتج أنه كان هناك تبادل بين منطقة شمال المغرب والجنوب الإسباني، معلقا الجواب عن سؤال أصل الحضارة لمزيد من الأبحاث.
مزيد من التفاصيل عن أشغال المؤتمر الخامس عشر للآثاريين الأفارقة تجدونها ضمن ملف العدد المقبل من جريدة العالم الأمازيغي.
أمضال أمازيغ: كمال الوسطاني