اعتبرَ أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الحصيلة التي حققتها الأمازيغية منذ خطاب أجدير سنة 2001 إلى غاية سنة 2015، “حصيلة لا بأس بها إنْ لم نقل مشرفة، مقارنة بالوضعية التي كانتْ عليها قبْل هذا التاريخ”، مضيفا بأن “هناك فرق شاسع بين الوضعيّتيْن”،قبل أن يعود بوكوس ويقول، بأنَّ الأمازيغ في المغرب كانوا ينتظرون حصيلة أفضل مما تحقق للأمازيغية حتى الآن.
بوكوس، الذي كان يتحدث مساء الجمعة 16 أكتوبر 2015 الجاري، خلال مائدة مستديرة تحت شعار ” ترسيم الأمازيغية وتدبيرها في السياسات العمومية”، نظمها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بمدرج المكتبة الوطنية، تخليدا للذكرى الرابعة عشر لخطاب أجدير (17 أكتوبر 2001)، قال بأن “الأوضاع العامّة للثقافة واللغة الأمازيغيتين تتسم بنوع من المفارقة” بعد مرور أزيد من أربع سنوات على الإقرار بها لغة رسمية في دستور 2011.
عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أوضح في ذات السياق، أن وتيرة العمل المشترك الذي كانَ قائما بين إدارة المعهد ووزارتي التربية الوطنيّة، والثقافة، بعد دستور 2011، عرفت تراجعا، و”ما فتئت تنحسر مع مرور الزمن، بعدما كان انخراط هذه المؤسسات مكثفا”.
وحول المشاكل الأخيرة التي يعرفها ملف تدريس الأمازيغية، وكذا إنهاء تكليف عدد من الأساتذة المختصين من تدريس الأمازيغية، مقابل تكليفهم بتدريس لغات أخرى، أوضح بوكوس في معرض مداخلته: بأن تدريس الأمازيغية لا يرقى إلى ما هو مطلوب، مستدلا ببعض الإحصائيات التي نشرتها وزارة التربية الوطنية، منتقدا تكليفَ عدد كبير من أساتذة اللغة الأمازيغية بتدريس لغاتٍ أخرى، بداعي وجود نقص في أساتذة باقي المواد، مضيفا: أن جل الأساتذة الذين تمّ تكليفهم بتدريس مواد أخرى هم في الأصل أساتذة متخصّصون في تدريس اللغة الأمازيغية، “وهذا سيُعيق عمليّة تدريس هذه اللغة.” حسب تعبير المتحدث.
كما عبر بوكوس، عن رفضه للتبريرات التي تربط تدريس الأمازيغية بانتظار صدور القوانين التنظيمية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، معتبرا ” أننا أمام مفارقة غريبة”، وأن هذا “الأمر غير سليم” خصوصا وأن الدستور حسم في أمر رسمية اللغة الأمازيغية، ولا مجال لتبريرات تعيق تعميم تدريسها، مشدّدا على أن، إخراج القوانين التنظيمية يجب أن تكون فيه المقاربة التشاركية بين الفاعلين وممثلو الأمة في غرفتي البرلمان، والمسؤولين الحكوميين.
بدوره قال الحسين مجاهد، الأمين العام للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أن ذكرى خطاب أجدير وإحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، تُعتبر مناسبة لفتح النقاش الضروري ليكون أرضية ومنطلقا لنقاش عمومي وبناء مقاربات جديدة خاصة فيما يتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية، وإحدات المجلس الأعلى للغات والثقافة المغربية مضيفا:” أنه عن طريق هذان القانونيين كما تعلمون يمكن تحديد مكانة الأمازيغية على مستوى المؤسساتي كما يمكن اعداد المخططات القطاعية ذات الأولوية في الحياة العامة.”
كما استحضر الحسين مجاهد في معرض كلمته، ما قام به المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية منذ نشأته إلى غاية 2015 تاريخ الاحتفال بخطاب أجدير، إذ قال في كلمة افتتح بها المائدة المستديرة المذكورة، بأن المعهد وضع تصور للقوانين التنظيمية للامازيغية في السياسات العمومية، وتهم هذه التصورات وهذه المقترحات التي قدمها المعهد وبادر إلى تعميمها وإشاعتها وإبلاغها لذوي الشأن السياسي ببلادنا حسب مجاهد، تهم مجالات التعليم، التربية والتكوين ومجال الإعلام والاتصال والمجال الثقافي والقضائي والديني وتسير الشأن العام المحلي وكل المجالات ذات الصلة بالشأن الامازيغي عامة.
في نفس السياق أضاف أمين عام المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بأن المعهد قدم مذكرة تتضمن تصوره (المعهد)، للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، حيث إقترح رأيه بخصوص تصوره لهذا المجلس، تركيبته، اختصاصاته، هيكلته وموقع مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بعد إنشاء هذا المجلس.
من جانبها، اعتبرت، عائشة الحيان، المحامية بهيئات الرباط، أن الاحتفاء بذكرى خطاب أجدير، مناسبة للوقوف على التدبير الحكومي للامازيغية لغة وثقافة في السياسات العمومية، و ماذا كسبته الامازيغية بعد الدسترة خاصة، تضيف الحيان، وان السنوات الأخيرة عرفت زخما تشريعيا ومؤسساتيا جد مهم، و”إلى أي حد كانت الحكومة وفية لبرنامجها الحكومي، الذي التزمت به خاصة قانوني تفعيل رسمية الأمازيغية وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.” معتبرة، أن “هذين القانونين كما جاءا في البرنامج الحكومي وفي الدستور يعتبران قوانين مهيكلة للعمل الحكومي وكان من المفروض إعدادهما في بداية الولاية التشريعية.”
وأضافت الحيان في مداخلتها، أنه من خلال متابعة سياسة الحكومة الحالية، لم تلمس مؤشرات واضحة وجدية لنية الحكومة في التعاطي الايجابي مع ملف الأمازيغية سواءا كلغة أو كثقافة، مستدلة بالقول: “الولاية التشريعية على وشك نهايتها والقانون التنظيمي لتفعيل رسمية الامازيغية لم يعرض بعد للمصادقة عليه من طرف البرلمان رغم أن المادة 86 من الدستور تفرض جوابا على القوانين قبل نهاية الولاية التشريعية نفس الشئ بالنسبة للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي يشكل آلية مهمة لحماية وتنمية اللغتين الرسميتين للبلاد.”
وأردفت الحيان قائلة: “الحكومة تتذرع بعدم صدور القانونيين التنظيمين لرسمية الأمازيغية وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة، لإرجاء كل ما يتعلق بالحقوق الثقافية بل الإجهاز عليها وخير ذلك ملف التعليم والتراجعات والرؤية الإستراتيجية للمجلس الأعلى للتعليم الذي غُيب بشكل مطلق الأمازيغية” وزادت بالقول: “أمام عدم صدور القانونين كان من الطبيعي أن تغيب الأمازيغية في كل الأوراش المفتوحة والبرامج الحكومية وحتى إن تم تناولها فان ذلك يكون تناول سطحي لا ينسجم وأهمية الحقوق الثقافية واللغوية في تحقيق المساواة وضمان كرامة الفرد وتكافؤ الفرص وحضر كل أشكال التمييز المبني على اللغة.”
وأبرزت المتحدثة، أن تناول ملف الأمازيغية لا يرقى حتى إلى المستجدات التي اقرها الدستور، معتبرة أن المساس بالامازيغية بدءا من يوم توقيف المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وهي المؤسسة الوحيدة التي كنا ننتظر بناءا على التصريح الحكومي تعزيز صلاحياتها.”
حري بالذكر أن “المائدة المستديرة” التي نظمها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عرفت أيضا مجموعة من المداخلات والآراء تصب كلها في اتجاه عدم جدية الحكومة في تفعيل رسمية الأمازيغية بعد أزيد أربع سنوات من ترسميها كلغة رسمية للبلاد إلى جانب العربية.
يذكر أيضا أن الاحتفال بذكرى الرابعة عشرة لخطاب أجدير، وتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عرف تكريم المعهد لعدد من الوجوه الفنية والثقافية والإعلامية الأمازيغية، كما عرف إحياء سهرة فنية بمسرح محمد الخامس بالرباط.
منتصر إثري