طالب المكتب الوطني لاتحاد العمل النسائي في بيان أصدره اليوم، الخميس 7 مارس 2018، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، بمراجعة شاملة وعميقة لمدونة الأسرة وللقانون الجنائي وملاءمة كل الترسانة القانونية مع الدستور والمواثيق الدولية، والتعجيل بإحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز.
وطالب بيان “8 مارس” بوضع استراتيجية وطنية شمولية مندمجة ودقيقة للنهوض بكل الحقوق الإنسانية للنساء وحمايتها، ووضع مخطط تنفيذي لأجرأة الاستراتيجية بأهداف وتدابير عملية وميزانيات ومؤشرات للتتبع والتقييم، محملا الدولة مسؤوليتها كاملة في مكافحة الثقافة الذكورية وإشاعة ثقافة المساواة، عبر المدرسة والإعلام والحملات التحسيسية.
وأعلن اتحاد العمل النسائي تضامنه المطلق مع الحركات الاجتماعية في العالم وفي المغرب في مطالبها المشروعة من أجل الحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية، مثمنا نضالاتها ضد الرأسمالية المتوحشة وانعكاساتها الوخيمة على أوضاع المواطنات والمواطنين الاجتماعية والاقتصادية.
وأشار بيان الاتحاد إلى أن اليوم العالمي للمرأة يحل في سياق “يتسم باستمرار أوضاع التمييز ضد النساء على كل الأصعدة، واستفحال العنف المني على النوع، وتأنيث الفقر والتهميش، والالتفاف على المكتسبات الدستورية للنساء بالتلكؤ في مأسستها وقصور التشريعات المعتمدة، وغياب سياسات عمومية لتفعيلها، مما يضع المغرب في المراتب الأخيرة في التصنيف العالمي للفجوة بين الجنسين حيث احتل المرتبة 137 من ضمن 149 دولة”.
فرغم تنصيص الدستور على المساواة بين النساء والرجال في كافة الحقوق والحريات، وعلى المناصفة وحظر التمييز وإلزام السلطات العمومية بمحاربته، وملاءمة التشريعات الوطنية مع المواثيق الدولية والأخذ بمبدأ سموها، بفضل نضالات الحركة النسائية وضمنها اتحاد العمل النسائي، لم نسجل أي تطور ملموس في النهوض بالحقوق الإنسانية للنساء وحمايتها، والأدهى أن التراجع المقلق لمؤشرات أساسية تدفعنا لدق ناقوس الخطر.
فعلى المستوى التشريعي، شكل صدور القانون 13- 103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء خيبة أمل كبيرة لضعفه وقصوره عن ضمان الحماية والوقاية والتكفل ووضع حد للإفلات من العقاب، مما لن يمكن من القضاء على العنف الذي يطال ثلثي النساء المغربيات. كما أن القانون 79- 14 المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز لم يحترم المعايير الدولية ولم يكفل الاختصاصات والآليات والشروط اللازمة لتمكينها من الاضطلاع بدورها الدستوري على أكمل وجه. وإلى اليوم لم يتم إحداث الهيئة المراهن عليها لمأسسة الحقوق الأساسية للنساء. علاوة على قانون العاملات والعمال المنزليين الذي كرس استغلال الطفلات في العمل المنزلي بدل محاربته.
وسجل اتحاد العمل النسائي عدم فتح الحكومة لورش ملاءمة القوانين الوطنية مع مقتضيات الدستور واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة رغم الحملات الترافعية للحركة النسائية. إذ أطلق اتحاد العمل النسائي حملة وطنية متواصلة منذ مطلع سنة 2018 من أجل تغيير شامل وعميق لمدونة الأسرة ينبني على المساواة بين الزوجين ويضع حدا لزواج القاصرات والتعدد وحرمان النساء من الولاية على أبنائهن ومعاناتهن مع قضايا الحضانة والنفقة ولحرمانهن من حقهن المشروع في ممتلكات الاسرة وللتمييز في أحكام الإرث. كما أسهم اتحاد العمل النسائي في حملة الحركة النسائية من أجل مراجعة جذرية للقانون الجنائي ترتكز على مبدإ المساواة بين الجنسين وعلى المقاربة الحقوقية والعدالة الجنائية للنساء.
أما على مستوى السياسات العمومية، فلم تضع الحكومة استراتيجية شاملة واضحة وملموسة الآثار لمكافحة التمييز ضد النساء وتمكينهن من الحقوق والحريات الأساسية، فخطة “تمكين 2” لا تتم إحاطة الرأي العام بسيرها ولا نلمس نتائجها في التدابير الحكومية وفي واقع النساء. أما صندوق التكافل العائلي ودعم النساء الأرامل فوقعهما ما يزال محدودا ومساطر الاستفادة منهما تقتضي مراجعة تيسر الولوج إليهما. كما أن الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الانسان لم تحقق مكاسب كبرى للنساء بتهميشها لحقوق أساسية للنساء أدرجتها ضمن القضايا الخلافية.
لكل ذلك تستفحل أوضاع التمييز وتتراجع العديد من المؤشرات وتنتهك حقوق النساء. فمعدل النشاط الاقتصادي للنساء تقهقر في زمن قياسي من 30.4% سنة 1999 إلى 27.1 % سنة 2011، ليصل إلى 21.3 سنة 2017. وهي من أدنى النسب في العالم. كما أن البطالة بلغت وسط النساء 14 % مقابل 8.4 % وسط الرجال، وتتعمق الفجوة في المجال الحضري حيث تصل بطالة النساء إلى 24.3 % مقابل 11.4 %.
أما عمل النساء فتغلب عليه الهشاشة حيث تصل نسبة النساء العاملات بدون مقابل 39% من النساء المشتغلات وفي المجال القروي تصل نسبتهن 70.5 % . أضف الى ذلك أعداد النساء والفتيات المشتغلات كعاملات في المنازل وفي التهريب المعيشي اللواتي يتعرضن لأسوأ أصناف الاستغلال والمهانة والعنف أودى بحياة عدد منهن.
كما نسجل استمرار إقصاء النساء من الحق في الملكية رغم المكتسب المتمثل في اعتماد مبدإ المساواة بالنسبة للأراضي السلالية، فما زالت عقبات كثيرة تحول دون ولوج النساء لهذا الحق، بسبب نظام الوقف المقصور على الذكور ومنظومة المواريث وعدم إقرار حق النساء في ممتلكات الأسرة، وسيادة العقلية الذكورية والتحايل، مما أبقى نسبة النساء المالكات في حدود 7 % وطنيا و1 % بالنسبة للقرويات.
كلها عومل تعمق الفقر والهشاشة والتهميش الاجتماعي وسط النساء، تزيدها استفحالا نسب الأمية التي ما زالت متفشية بينهن (41.9 %) والافتقاد الى التكوين وعدم الولوج الى الموارد وخاصة في المجال القروي المفتقد للمرافق الاجتماعية والبنيات التحتية الأساسية.
علاوة على كل ذلك، ما زال الهدر المدرسي يطال أعداد كبيرة من الفتيات وخاصة القرويات منهن، كما أن نسبة وفيات الأمهات ما زالت مرتفعة رغم التحسن المسجل (72,6 حالة وفاة للأم لكل 100 ألف ولادة حية) وخاصة في الوسط القروي.
أمضال أمازيغ: متابعة