بين الريف وباريس… او حين انقلبت الموازين وتغيرت المفاهيم واختلطت الاوراق وادت الى مازق حرج ومنعطف جديد..

محمد بوتخريط .هولندا

تذكرت شارع الشانزيليزيه الباريسي ، وتذكرت مطاعم و كيوسكات بائعي الصحف على الرصيف أحرقها متظاهرون و واجهات المحلات الباريسية المحطمة، وآثار الحرائق على بعض المباني ، وتذكرت الخسائر المادية التي قُدرت بملايين الدولارات!..

تظاهرات “السترات الصفراء” قالو عنها عادلة المطالب، وأما أساليبها التي بدت في حالات كثيرة “عنيفة” ، من إحراق للمخازن ولطاولات المقاهي ولتكسير للواجهات وإيذاء لرجال الشرطة.. وترويع للمارة..فكانت أيضا ” عادية”.. لم يُعتقل أحد أو على الاقل لم يٌحاكم أحد ب 20 سنة سجنا نافذة.

أكتب بحرارة لأن شيئاً مشابهاً حدث قبل ذلك في بلدي،مع فرق في الاساليب، ففي باريس كان المقيم فيها يتحاشى مغادرة البيت يوم السبت أو فتح محله خوفاً من أذى “السترات الصفراء” …

بالمقابل، تذكرت التظاهرات الحضارية في الريف المطالبة بعيش كريم ومحاربة الفساد دونما مظاهر عنف كتلك الباريسية.وتذكرت ان في الريف كان اهله يترقبون بشغف الخروج الى الشوارع والساحات…وحين أغلقوا محلاتهم ، اغلقوها تضامنا مع الحراك وليس خوفا من الكسر والاتلاف.

هذا السلوك الحراكي الريفي الحضاري في التظاهر وعكس ما كان في باريس قوبل بالاعتقالات وبأحكام خيالية وصلت الى 20 سنة بل قالوا انها خُففت لان الاصل كان الاعدام…!!

الاعدام لمن تظاهر حضاريا مطالبا بحقوق مشروعة جدا ووقَف سلسلة بشرية و سدا منيعا حتى لا تُحرق المتاجر وتتلف الممتلكات بل وحتى لا يؤذى رجال الامن بل وجميع قوات القمع المخزنية وبجميع تلاوينها التي كانت تملأ الشوارع والساحات.

حراك تميز بالرغبة الفعلية الصادقة في الحفاظ على مستوى حضاري في التظاهر السلمي والمطالبة بالحقوق العادلة والمشروعة التي طال انتظار تنفيذها دون فائدة.

لكن الحكومة المصابة بالنظرة الفوقية إزاء الريف وشعبه ومطالبه ورغم علمها اليقين جدا بأن الحراك المطالب بحقوق مشروعة جدا لا يمت إلى الخارج ولا الى الاحزاب أو بقاياها ولا لتنظيمات او أجندات خارجية بصلة, وتعلم علم اليقين أنها مطالب فئات شعب ترفض الفساد السائد والتمييز وسيطرة السماسرة على الوظائف العامة والنقص البالغ في الخدمات والبطالة الموجعة والفقر المدقع لفئات واسعة من بنات وأبناء الريف.

رغم كل هذا وذاك ،لا تريد ان تتعلم بأن استخدام الأساليب القمعية في مواجهة هؤلاء الشباب واعتقال وتعذيب وإهانة الصحفيين والمثقفين لن ينفع بل يزيد سعير النار المشتعلة في صدور الناس… اشتعالا.

شاهد أيضاً

«مهند القاطع» عروبة الأمازيغ / الكُرد… قدر أم خيار ؟!

يتسائل مهند القاطع، ثم يجيب على نفسه في مكان أخر ( الهوية لأي شعب ليست …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *