إن المتأمل في الواقع الموري الحالي سيلاحظ مدى عمق وتعقد الإشكالات والتحديات التي تنتظر المجتمع المروكي.
والسؤال الذي يطرح نفسه دائما: ما العمل؟
أظن أنه قد حان الوقت لكي ينخرط الجميع في النهوض بأوضاع هذه الأمة المورية على جميع الأصعدة خاصة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي…
لقد تظاهرنا حتى ملت الساحات منا. كتبنا حتى جف أقلامنا. لم يعد هناك من سبيل إلا الانخراط في العملية السياسية بالرغم من التحديات التي تنتظر الشباب المناضل.
المناضل الذي تعود على النزول إلى الميادين وترديد الشعارات وحمل اللافتات وفي المساء يعود كل إلى حال سبيله وقد أراح ضميره. ولكن هل هذا النضال وحده يكفي؟
أظن أنه لا يكفي ما دام أن الأمور تبقى على حالها لأن فعالية أي نضال لن تتحقق إلا عندما ينتقل المناضل إلى مراكز القرار والدخول في الأحزاب السياسية بالرغم مما فيها من عيوب.
نحن لا ننكر أن نضالنا من خلال الميادين والمجتمع المدني حقق مكاسب مهمة. منها ترسيم الأمازيغية في الدستور … ولكن هل هذا هو سقف طموحاتنا؟ ما فائدة النضال والمؤسسات والجماعات المحلية والبرلمان والحكومة في يد نفس الوجوه نفس الممارسات عندها يصبح نضالنا كمن يصب الماء في الرمل.
أظن أنه آن الأوان للدخول إلى مربع العمليات والاستعداد لكل ذلك الكم من الممارسات التي لا تمد للسياسة ولا الأخلاق بصلة على عموم المناضلين أن ينتظروا الشكايات الكيدية والمؤامرات الوضعية لان أغلب من نسميهم بالسياسيين متمرسون في المكر والخداع.
مناسبة هذا الكلام هو انخراط بعض الفعاليات الأمازيغية في العمل السياسي من خلال أحزاب معينة. هي خطوة جريئة ولكن سيكون لها ما بعدها وأنا على يقين أنها ستضخ دماء جديدة في الحقل السياسي وقيمة مضافة. ولكن الطريق ليست مفروشة بالورود. لأن السياسة في العالم الثالث كمن يدخل عش الدبابير. ولكن هذا لا يعني الاستسلام لقوى الفساد وتركها تعبث بالمال العام وتفوت علينا فرص التنمية .
لقد تعلمنا أن السياسة هي فن الممكن ومن خلال هذا التعريف يمكن الانطلاق إلى ممارسة سياسية أكثر عقلانية جوهرها هو المصلحة العامة. وإنقاذ ما يمكن إنقاده. على المستوى المحلي والوطني. هذا التعريف لا يجب أن ينسينا البراغماتية التي يتعامل بها الخصوم لذا فإن من يعتقد أن مجال السياسة هو مجال مثالي فلا مكان له في السياسة.
نحن نعلم أن التضحية بالرصيد النضالي ليس بالأمر الهين ولكن إن لم يتقدم المناضل المتمرس للحقل السياسي. فإن ذلك يترك المجال للسماسرة وناهبي المال العام. هؤلاء الذين يعتبرون الفساد قدرا محتوما وشيء عادي يجب التطبيع معه.
أتمنى بكل صدق أن يكون حزب الأحرار هو الحزب الذي يعيد الثقة للممارسة السياسية من خلال انفتاحه على الحركة الأمازيغية .
نحن نعلم أن الساحة يتصدرها من يعتقدون أن الله لم يهدي سواهم إضافة إلى من يعتقدون أن الوطنية مسجلة باسمهم وإن كانت الوقائع تقول العكس من ذلك.
أظن أن النزاهة والعمل في صمت لا يكفي أمام مجتمع الصورة والإشاعة. آن الأوان للانفتاح على وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى عقل المواطن قبل قلبه حتى يفهم مدى التضليل الإعلامي الذي يمارس عليه بشكل يومي. حتى يستفيق من غيبوبته ويعلم أن الجنة يمكن أن تكون في الدنيا قبل الآخرة وأن الدول التي وضعت الرجل المناسب في المكان المناسب وصلت من الرفاهية والسعادة ما لا يمكن تصوره.
إن الثقة في النفس وفي كفاءاتنا كفيل بتحريك عجلة التنمية نحو الأمام . لكي تسجد الأجيال القادمة شكرا للرب على هذه الأرض عوض الخروج منها والسجود في بلاد غيره.