شهد المركب الثقافي بالناظور مساء يوم الأحد 15 دجنبر 2019 عرضا مسرحيا باللغة الامازيغية تحت عنوان: “تاخشبت”، قدمته فرقة أمزيان للمسرح بالناظور بتنسيق مع المديرية الجهوية لوزارة الثقافة والشباب والرياضة، قطاع الثقافة، جهة الشرق.
ففي لمسة إخراجية إبداعية تم إشراك الجمهور في العمل المسرحي بطريقة ذكية، دارت أحداث النص المسرحي “تاخشبت” حول الصراع الدائر بين الخير والشر والذي يسكن الذات البشرية وقد ينشأ من غير سبب أو عدم وجود ما يبرره، إلا من حب التسلط والتعسف والشطط في تقدير الأمور، وقد جبل الإنسان منذ الأزل على حب ذاته، ومن أجل ذلك امتدت يده إلى ما ليس له فيه حق ولا واجب ضاربا بالقيم والمبادئ عرض الحائط غير مبال بأن من العدالة إنصاف الغير وتمكينه من حقه المسلوب قهرا، ولا يثنيه عن الشر الجاثم على صدره لا الدين ولا الأعراف ولا مبادئ النظام العام الذي يتمثل في نشر الخير بين الناس.
جسد الممثل الراعي مبدأ العفوية في رعي أغنامه، إلا أن القدر زج به في فخ نصب للذئاب، فيسقط أرضا من غير أن يجد سبيلا للخلاص وتنكسر رجله؛ فتشرد بهيمة أنعامه فيعاني الأمرين بين الوجع وضياعه، ليجد نفسه بين قسوة عابر سبيل؛ أكل زاده وشرب ماءه وحاول قتله، والراعي لا يقوى على رد اعتدائه ولم تنفع معه توسلاته وبكائه فلاقى منه نصبا وكاد يهلك، ليفاجئ عابر السبيل والراعي بصياد قوي البنية صلدا، له شكيمة وبأس، فيصارع عابر السبيل تضحية منه لانقاذ الراعي؛ فينهزم في الشوط الأول لينتصر في الشوط الثاني، أمام خوف عابر السبيل من عواء الذئاب؛ ويفك قيد الراعي وتدب في جسده دماء حياة جديدة، لكن نفسه الأمارة بالانتقام وفكره الذي لا ينسى قسوة عابر السبيل وهو يهدده بالذبح ويجرعه سم الأفاعي وبحبل المشنقة، طغت على عنصر الخير في داخله ليغرز مديته ظهر عابر السبيل فيسقط جثة هامدة.
فما كان من الصياد إلا أن ينفجر غضبا ويشنق الراعي ليطمس بذلك معالم الشر الموجود في هذا العالم الذي بات القتل والنهب والتسلط والظلم و”الحكرة ” والاستبداد هو السمة الغالبة فيه من زمن بعيد إلى زماننا هذا، لم يظهر الذئب الحيوان؛ لكن تجسد في الإنسان ليكون هو المتوحش وتثبت براءة الذئب من أي افتراس، وقد أبان الممثلون عن قدرة فائقة على الأداء حركة وإلقاء داخل حيز مكاني صغير جدا مركزين على التشخيص المعبر جسديا وملامحا، وقد توافقت الحركة إلى حد كبير مع الإلقاء ليكون بذلك العمل فنيا متكاملا تأليفا وإخراجا وتشخيصا وإنارة وسينوغرافيا، وقد ساهم في نجاح هذا العمل الفني الجميل وجود نخبة من المهتمين بالشأن المسرحي من مؤلفين ومخرجين وممثلين وطلبة مهتمين بالبحث الأكاديمي، وكان بذلك تجاوبا وإنصاتا ومتابعة دقيقة لأطوار المسرحية من قبل الجمهور، وخلف هذا العمل انطباعا جميلا وأشاد به كل من تتبع العرض المسرحي. تحية لرواد الخشبة ولكل من ساهم في إنجاح هذا العمل الإبداعي ولفرقة أمزيان للمسرح برئاسة الأستاذ محمد أدرغال.
مسرحية “تاخشبت”، نص: عبد الواحد حنو، إعداد وإخراج: خالد جنبي، تشخيص: بنعيسى المستري، رشيد أمعطوك، عبد الله أناس، سينوغرافيا: عبد الله عدوي، تنفيذ السينوغرافيا: سعيد قادي، موسيقى: نوري حميدي، المحافظة العامة: محمد الأمين والقاضي، مساعد المحافظ: عبد العزيز المحيوتي، التوثيق: إلياس دودوحي، إدارة الإنتاج والتواصل: محمد أدرغال، العلاقات العامة: محمد لعكوبي، الإعلام: محمد بومكوسي.
العمل المسرحي الجديد “تاخشبت” عرض بمجموعة من القاعات بالإقليم، حيث عرض بتاريخ 15 دجنبر 2019 بالمركب الثقافي بالناظور، 16 دجنبر 2019 بالمركب السوسيو تربوي لعراصي، 17 دجنبر 2019 بالمركب السوسيو تربوي بازغنغان، ويوم 18 دجنبر 2019 بالمركب السوسيو تربوي فرخانة.
بقلم: مولاي الحسن بنسيدي علي