اسم “الحوز” الذي يطلق على الإقليم الذي تحتل فيه مدينة مراكش موقع العاصمة التاريخية هو اسم ملغوم أيديولوجيا وغير محايد سياسيا. وفي ما يلي الأسباب الثلاثة التي تدعونا إلى هذا الإعتقاد.
أولاــ اسم “الحوز” ليس عريقا مثل أسماء “مراكش” و”إفريقيا” و”طنجة” وغيرها من الأسماء التاريخية للأماكن. فأول إشارة للإقليم باستعمال لفظة “الحوز” ظهرت سنة 1514 في رسالة بعث بها يحيى بن تافوفت لعمه ابن يحيى بن عبد الله يذكر له فيها أنهم بقرب “الحوز” مخيمون بمحاداة الواد (يقصد به نهر تانسيفت). ورغم أن حسن الزياتي المعروف ب”ليون الإفريقي” وصف منطقة مراكش وصفا دقيقا وزارها عدة مرات والتقى بيحيى بن تافوفت بها فهو لم يستعمل في كتاباته اسم “الحوز”. كما أشار المؤرخ الإسباني لويس دي مارمول كرباخال لوصف حسن الزياتي وزاد في تدقيقه بأن ذكر المناطقة المحيطة بالمنطقة التي نسميها بالحوز (وهي مناطق حاحا وسوس وڭزولة وسكورة وتادلة) دون أن يذكر اسم “الحوز”. مما يعني أن هذا الإسم لم يكن سائدا في القرن السادس عشر. ويستخدم الناصري صاحب “الإستقصا” اسم “الحوز” بشكل واضح في سياق حديثه عن الصراع بين السعديين والوطاسيين في أيام حكم أبو حسون الوطاسي.
ليست لاسم “الحوز” إذن أي شرعية تاريخية.Pascon, P. Le Haouz de Marrakech Tome 1: 18-20
ثانياــ عندما نفحص الوثائق الكولونيالية التي حاولت وضع تعريف جغرافي لما يسمى ب”الحوز” نجد بأنها ارتبكت في ذلك ارتباكا كبيرا. ففي خريطة أصدرتها المؤسسة الجغرافية الوطنية (الفرنسية) Institut Geographique Nationale سنة 1920 تعرف “الحوز” بأنها المنطقة التي توجد مباشرة في الجنوب الغربي لمدينة مراكش والتي تحتل 10000 هكتار وتتوزع بين أراضي “المخزن” وأراضي “الڭيش”. أما في سنة 1951، فأصدرت نفس المؤسسة الإستعمارية خريطة أخرى تعرف “الحوز” بأنه هو المنطقة الشمالية الغربية لمراكش والتي تحتل مساحة 10000 هكتارا أيضا تمتد من غرب سيد الزوين إلى جبل رمرم بالمرور بخط مائل عبر نهر تانسيفت. وفي سنة 1951 سيوسع الإستعمار من المجال الترابي ل”الحوز” ليشمل كل المنطقة الممتدة بين الأطلس الكبير والجبيلات على مساحة قدرها 435000 هكتار. وعليه فإن التحديد الكولونيالي الذي ورثناه تحت الإسم المضطرب “الحوز” لم يكن يتطابق مع أي جغرافيا محددة.
ثالثاـ “الحوز” لغويا لفظة عربية تعني “ما يحوزه المرء ويحصل عليه”. فالتصور المخزني التقليدي للأرض يُعارض بين “المركز” الذي هو “الحاضرة” (وهو مدينة مراكش في هذه الحالة) و”الأطراف” التي يعتبرها المخزن أرض “سيبة” و”خلاء”. لذلك فقد كانت مدينة مراكش مجرد شبكة من “المسالك” تربط بين “القصر” وأبواب المدينة التي يخرج منها الجيش للتحكم في بلاد “السيبة”. أما الأمازيغ أنفسهم فلم يكونوا يقيمونا هذا التعارض بين “الحاضرة” و”أحوازها” بل بين أدرار ⴰⴷⵔⴰⵔ “الجبل” وأزاغار ⴰⵥⴰⵖⴰⵔ “السهل”. حتى إن بعض المؤرخين كروبير مونتاني يذكر لنا في كتاب les berbères et le Mekhzen أن لفظ “أزاغار” كانت تطلق على ما نسميه اليوم ب”الحوز”. فالتصور الطبيعي ل”الحوز” هو أنه سهل كبير يمتد من الأطلس الكبير إلى نهر تانسيفت.
خلاصة: اسم “الحوز” الذي يطلق على المنطقة الممتدة بين الأطلس الكبير ونهر تانسيفت اسم مخزني ــ استعماري لا يجوز أن نستعمله اليوم، فليست له شرعية تاريخية، وليس دقيقا جغرافيا، وله استلزامات مرتبطة بتصور المخزن للمجال. أقترح أن نسمي إقليم الحوز ب”إقليم أزاغار” (إقليم السهل)، أو “إقليم أزاغار ن مراكش”، أو بكل بساطة “إقليم مراكش”.