بحضور عدد من الباحثين والفاعلين في الحقل الثقافي والجمعوي، وزملائه في عدد من الإطارات الفكرية والجمعوية؛ خلّدت كل من جريدة “العالم الأمازيغي”، و”جمعية أبي رقراق”، و”منتدى محمد بن عبد الكريم الخطابي للفكر والحوار بالقنيطرة”، و “مؤسسة سيدي مشيش العلمي بالقنيطرة”، مساء السبت 6 أبريل 2019، بمقر جمعية أبي رقراق بمدينة سلا؛ الذكرى الأربعينية لوفاة الباحث ومؤرخ جيش التحرير المغربي؛ الدكتور، زاكي مبارك، والذي توفيّ يوم السبت 2 مارس 2019، بمدينة سلا بعد مرض لازمه طويلا. عن عمر يناهز 79 سنة.
وأجمعت عدد من المداخلات والشهادات التي قدمها المشاركون في تخليد أربعينية وفاته، على أن الدكتور الراحل، زكي مبارك يعد أحد أبرز المؤرخين المغاربة الذين كرسوا حياتهم وأبحاثهم في كشف أسرار التاريخ المغربي المعاصر، وخاصة ما يتعلق منه بقضايا رجالات المقاومة وجيش التحرير. مؤكدّين أن الراحل خلّف وراءه إرثا فكريا وثقافيا ونضاليا يشكل مرجعية للأجيال القادمة. كما أجمعوا في مداخلتهم على الخصال الحميدة والقيم الأخلاقية والتضحية من أجل الآخر ونكران الذات التي يتميز بها الراحل زاكي مبارك .
وأشاد نورالدين شماعو، رئيس ابي رقراق، بإلاسهامات القيمة والفكرية للراحل زكي مبارك؛ وإغنائه لخزانة الجمعية بأبحاثه وكتبه ومقالاته الفكرية والعلمية؛ مشيراً إلى أن المرحوم زكي مبارك شارك في جل المنتديات الفكرية والعلمية وصال وجال وكرس أبحاثه في سبيل كشف خبايا التاريخ المغربي. وقال” فقدنا قيمة فكرية وجمعوية؛ رحل جسدا لكنه روح الطيبة ستبقى ترافقنا”.
بدوره؛ قال عبدالسلام الغازي، عن منتدى محمد عبد الكريم الخطابي للفكر والحوار، إن المرحوم زكي مبارك “كان مثقفا موسوعيا، وصاحب معرفة واسعة في التاريخ وساهم بقوة في كشف خبايا التاريخ ورجالات المقاومة المسلحة وجيش التحرير”. مضيفاً؛ برحيل زكي مبارك يكون “المغرب أحد أبرز الباحثين والمؤرخين، وستظل أعماله حيّة شاهدة على موسوعيته وجديته والتزامه”.
من جهتها، قالت مديرة جريدة العالم الأمازيغي، أمينة ابن الشيخ؛ إنه “يصعب الحديث في غياب رجل كان بالأمس معنا، حاضرا، بشكل دائم، بابتسامته الرقيقة، وتدقيق مفاهيمه وسعة صدره، وهو الذي يمعن الإنصات لكلام الصغير والكبير دون تمييز ولا تكبر. يصعب الحديث عنه هكذا. وكأني بهذا أشعر أنه اليوم حاضر في ذكرى تأبينه، لم يمت، ولن يموت أبدا”.
وأردفت في كلمة لها؛ ألقاها بالإنابة عنها؛ الصحفي سعيد باجي، “كيف له أن يودعنا وهو الذي ألفنا عنه معالجته بكل جرأة لمواضيع، كانت بالأمس من الطابوهات”، واستطرت ابن الشيخ:” الدكتور زكي مبارك هو الذي جمع بين التاريخ والصحافة لسبر أغوار المقاومة وجيش التحرير، متحريا بذلك مجموعة من الحقائق التاريخية. فكتب عن اغتيال عباس لمساعدي في 27 يونيو 1956 والجهة التي تقف وراء التصفية الجسدية التي تعرض لها زعيم جيش التحرير، معتمدا في ذلك على مجموعة من الوثائق والأرشيف المسكوت عنها. وعن إشكالية استقلال المغرب في رؤية السلطان محمد الخامس والأمير المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي، وما نتج عن هذا الإستقلال الصوري من تبعات سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية…”.
كما حلل بشكل أكاديمي، تضيف المتحدثة “خلفيات وتداعيات انتفاضة الريف ما بين 1958 و1959، معتمدا في ذلك على استجوابات أجراها حول الموضوع مع قائد انتفاضة الريف محمد الحاج سلام أمزيان”. وزادت “تميز الدكتور زكي مبارك في مجال البحث العلمي لم يكن عن طريق الصدفة، وقد نلمسه في حديثه عن حياته في كتاب مذكرات وذكريات “ولد باحماد”، بشكل دقيق ، سيما وأنه، كما أشار” اختار نسبه وتاريخ ومكان ولادته”، فكيف له أن لا يختار مواضيع أبحاثه وكتاباته.
وأضافت ابن الشيخ في كلمتها التأبينية :”زاوج الدكتور بين البحث العلمي الأكاديمي والتحقيق الصحفي في مجال التاريخ، لقد سخر الصحافة لخدمة التاريخ من خلال التحقيق في معطيات ووثائق حول مرحلة المقاومة في مجلة كان يديرها “ملفات من تاريخ المغرب”. كما عالج موضوع حفظ الذاكرة الجماعية بإصداره لكتاب “المغرب والبحر الأبيض المتوسط”، وكتاب “المغرب والمقاومة من 1830 إلى 1930″، بالإشتراك مع الأستاذ ميمون الشرقي. كما أصل للأزمة المغربية الجزائرية في كتاب”أصول الأزمة في العلاقات المغربية الجزائرية”. وكتب عدة مقالات في مجلات علمية مغربية ومغاربية وأجنبية، وحاضر في عدة ندوات، وأطر العديد من الأبحاث والأطروحات الجامعية. كما حصل على شواهد تقديرية وأقيمت على شرفه تكريمات عرفانا لكفاءته الفكرية والعلمية. وكانت جريدة العالم الأمازيغي قد قامت بتكريم الدكتور زكي مبارك يوم 23 فبراير 2014، اعترافا بكتاباته وأبحاثه العلمية المتميزة، سيما وأن الراحل قد شارك في عديد من ندواتها وكتب بها مقالات وأجرى معها استجوابات حول قضايا التاريخ المغاربي”.
واستطردت مديرة “العالم الأمازيغي” قائلة:”وأنا أتلو على مسامعكم هذه الكلمة، أشعر أن الدكتور زكي مبارك لا زال على قيد الحياة، ويتأكد ما إذا كنا أوفياء للذكرى الأربعينية لوفاته. وسيبقى إسمه خالدا في الذاكرة الجماعية والفردية للشعوب المغاربية”.
وأكدت باقي مداخلات المشاركين والمنظمين؛ على أن الدكتور الراحل؛ يعتبر من أحد أبرز رجالات الفكر والتاريخ؛ ومن أوائل من كشف من خلال مقالته وصولاته وجولاته في الندوات، أسرار وخبايا التاريخ المغربي الحديث. مبرزين أن الراحل كان يتمتع بقدرة على الإقناع بالنقاش وبالحجج والوثائق”؛ كان “مستميتا في الدفاع عن مبادئه وأفكاره؛ رغم كل ما تعرض له من طرف جهات لم يعجبها ما كان يكتبه وينشره الراحل زاكي مبارك عن تاريخ المغرب وخبايا المقاومة وجيش التحرير”. يورد المتدخلون.
سلا/ منتصر إثري