تدريس الأمازيغية بالتعليم العتيق: الواقع المشهود والأمل المنشود

بقلم: موسى بنحيدا*

يعتبر تدريس الأمازيغية في المدرسة المغربية، من أكثر المواضيع التي تؤرق المنظومة التعليمية بالمغرب، بل إن فشل المدرسة المغربية، عائد بالدرجة الاولى الى الوضعية اللغوية المتسمة بغياب ارادة واقعية لتدريس اللغة الأم والتدريس بها.

ان الحديث عن تدريس الأمازيغية في التعليم العتيق، يعني من جملة ما يعني الحديت عن تدريس اللغة الأم. وسأحاول مقاربة هذا الموضوع، من خلال تجربتي المتواضعة في تدريس الأمازيغية بمدرسة أكاوز للتعليم العتيق بتارودانت .تجربة امتدت ثلاثة سنوات ،استطعت من خلال هذه التجربة الوقوف عند أهم الثغرات التي تواجه تدريس اللغة الامازيغية بالتعليم العتيق.

وجهة نظر في التعليم العتيق

تعتبر المدارس العتيقة المغربية عامة ،والسوسية خاصة. ذلك الفضاء العلمي الذي تلقن فيه علوم يغلب عليها الطابع الشرعي، وقد ساهمت هذه الفضاءات  العلمية في نشر الدين الاسلامي وقيمه السمحة.وللتعليم العتيق في المغرب أهمية كبرى في الحفاظ على هوية الأمة وتراثها العلمي والحضاري ،اذ هو منظومة تربوية متكاملة، ونظرا لما توليه له الدولة العلوية المجيدة من عناية ورعاية وخاصة في عهد أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله. فقد أصدر حفظه الله ظهيرا شريفا رقم 13.01 المنظم للمدارس العتيقة والصادر في29 يناير 2002 والذي يتضمن مجموعة من الأهداف المسطرة من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية.وبالرغم من الجهود المبدولة من طرف الجهات الرسمية، لتحسين وتجويد التعليم العتيق، يمكن تسجيل بعض الملاحظات المهمة من أجل استشراف مستقبل أفضل للمدارس العتيقة.

فعلى المستوى البيداغوجي والديداكتيكي: يجب مراعاة شخصية الطفل- المتعلم المركبة وبالتالي اعادة النظر في بعض الموارد وكذا تكوين المشرفين على المدارس والاساتذة في مجال السيكولوجيا وعلم النفس النمائي ونظرية الذكاءات المتعددة والبيداغوجيا الفارقية  وبيداغوجيا المشروع لتحقيق توافق مع المتعلمين.وكذا الاهتمام بطرائق الديداكتيك والارتكان الى الفلسفات التربوية المعاصرة والانفتاح على العالم الرقمي والتكنولوجيا المتقدمة لمسايرة التقنيات المستحدثة.

وعلى مستوى الادارة:يجب  النطر الى العملية الادارية ،باعتبارها عملية قيادية وليست ممارسة للسلطة ومصاحبة مشرفي المدارس العتيقة، وتكوينهم على المبادرة والابداع ،لتطوير الأداء التربوي وتحقيق الجودة المطلوبة. كما ينبغي الارتقاء بقدرات المؤسسة وأدائها ومواكبة المستجدات والانخراط في تطوير المناهج .

الأمازيغية في التعليم العتيق

إن أي نظام تعليمي يستهدف التنمية الحقيقية لابد أن ينطلق من اللغة الام، فقد أظهرت مجموعة من الدراسات التي أـجراها مختصون ،أن تدريس اللغة الام يساهم في اكساب الطفل صورة أو مفهوما معينا عن ذاته.((conception en soiوبالتاي تكوين الهوية الشخصية والاجتماعية والثقافية، ويرى بول ريكور أن اللغة ذات وظيفة مزدوجة فبواستطتهايفهم الانسان ذاته وعالمه.

وبالرجوع الى القانون 13.01 في شأن التعليم العتيق تنص المادة 2 ” يبنى نظام الدراسة في التعليم العتيق على خمسة أطوار وهي:

  • طور التعليم الاولي العتيق: وتستغرق الدراسة به سنتان وما يلاحظ عدم اعتماداللغة الأمازيغية في هذا الطور.
  • طور التعليم الابتدائي العتيق :وتستغرق الدراسة به ست سنوات وما يلاحظ في كل مراحل هذا الطور أن الغلاف الزمني الاسبوعي المخصص للأمازيغية محدد في ساعتان .
  • طور التعليم الاعدادي العتيق :وتستغرق الدراسة به ثلاث سنوات.
  • طور التعليم الثانوي العتيق :وتستغرق الدراسة به ثلاث سنوات.
  • طور التعليم النهائي العتيق: وتستغرق الدراسة به ثلاث سنوات.

وبالرجوع الى الوثيقة الاطار المحددة للاختيارات والتوجهات العلمية والتربويةالعامة ،وكذا البرنامج الدراسي فقد تم تحيديد الاهداف العامة لمادة الامازيغية في الطور الابتدائي في:

  1. التعرف على اتجاه الخط الأمازيغي من اليسار الى اليمين.
  2. التمكن من كتابة حرف تيفيناغ.
  3. التطابق بين صوت الحرف وصورته.
  4. مطابقة الكلمة للصورة.
  5. أخد الكلمة والتعبير السليم.
  6. تكوين ارسالية شفوية واعادة تكوينها.
  7. أعادة استثمار المكتسبات في وضعيات ملائمة
  8. الانسجام مع الخطاب.

قدرة المتعلم على:

  1. ربط الحروف بالأصوات.
  2. التعرف على الكلمات والجمل القصيرة.
  3. فهم نص واعادة صياغته.
  4. قراءة مجلات وجرائد والتعبير عنها بالأمازيغية.
  5. كتابة نص مملى وفهمه وقراءته وصياغة أفكاره.
  6. انتاج نصوص تعبيرية شخصية.
  7. القدرة على الترجمة الفورية والمكتوبة.

 عوائق تدريس الأمازيغية في التعليم العتيق

من خلال تجربتي في تدريس الامازيغية بالمدرسة العتيقة، وتواصلي الدائم مع المدرسين المسند اليهم تدريس الأمازيغيةفي مجموعة من مؤسسات التعليم العتيق تم التوصل الى ما يلي:

  • غياب تكوين الأساتذة المسند اليهم تدريس الأمازيغية.
  • ضعف تكوين هيئة التأطير والمراقبة التربوية في مجال الأمازيغية.
  • غياب تام للأدوات الديداكتيكية والحوامل البيداغوجية لتسهيل تعليمها ولمعاجم خاصة بها وقواميس متخصصة.
  • غياب دلائل للأساتذة.
  • الغلاف الزمني لايكفي لتحقيق الأهداف .
  • غياب تتبع وتقييم تدريس الأمازيغية وطنيا وجهويا ومحليا.
  • غياب الأمازيغية في التقويمات الاشهادية.

  تدابير عملية ومستقبلية لادماج فعلي للأمازيغية في التعليم العتيق

ففي أفق رسم استراتيجية واقعية لادماج فعلي للأمازيغية في التعليم العتيق، في اطار الديمقراطية اللغوية والثقافية وهو ما يرمي الى اكساب الطفل المغربي، مناعة ضد التطرف والاستلاب ومواجهة كل الاخطار المحذقة بوطننا.ان الاوان لوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية أن تنفتح على هذا الورش ،وتحدد مقاربة موضوعية حول وضع الأمازيغية في التعليم العتيق .وكمساهمة في ايجاد حلول عملية، نقترح من خلال هذه المقالة بعض التدابير التي ستمكن من ادماج الأمازيغية في التعليم العتيق:

  • اعداد كتب مدرسية للأمازيغية موازية للتعليم العتيق.
  • الاهتمام بالتأطير التربوي لأساتذةاللغة الامازيغية ومراقبة أعمالهم مع ربط التكوين بالممارسة التربوية.
  • ادراج الامازيغية في التقويمات الاشهادية.
  • تكوين هيئة التأطير والمراقبة التربوية في مجال اللغة الأمازيغية.
  • اعتماد الامازيغية في الطور الاولي.
  • توفير الحوامل البيداغوجية والديداكتيكية الخاصة باللغة الأمازيغية.
  • تشجيع الانتاج والابداع باللغة الأمازيغية.
  • اعطاء الفرصة للجمعيات المهتمة بالأمازيغية للتدخل والمساهمة في هذا المجال.
  • خلق لجان اقليمية لتتبع وتقييم ادماج الأمازيغية.

 

*أستاذ مهتم بقضايا الطفولة والتربية، رئيس مركز أدرار لحماية الطفولة

 

شاهد أيضاً

«مهند القاطع» عروبة الأمازيغ / الكُرد… قدر أم خيار ؟!

يتسائل مهند القاطع، ثم يجيب على نفسه في مكان أخر ( الهوية لأي شعب ليست …

3 تعليقات

  1. تحياتي الى استاذنا الفاضل موسى بنحيدا .لكم منا جزيل الشكر على تطرقكم الى هكذا مواضيع والتي من شانها انارة وعي الراي العام .

  2. بنحيدا الحسين

    شكرا لأستاذ الكبير موسى بنحيدا على الإفادة وتحليل العوائق المرافقة للغتنا الأمازيغية وتحياتي لجريدة العالم الأمازيغي على سهرها الدائم من أجل نيل الأمازيغية حقها شكرا مجددا .

  3. ما تعانيه قضية تدريس الأمازيغية في التعليم العتيق هو ما تعانيه في التعليم العمومي إنما الدي زاد الطين بلة في التعليم العتيق هو مايعانيه اصلا هدا الفطب الثاني في منظومة التربية والتكوين في البلاد مما يمكن حصره من المشاكل وقد يصدق عليه لا الى هولاء ولا إلى اولئك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *