الجواب لم ير النور بعد، والسؤال دائم الطرح ويفرض نفسه في منتصف كل يناير، إنه سؤال ومطلب شعبي أيضا فرضته الطبيعة عبر التقويم الفلاحي الذي كرسته الجدات والقصص والحكايات والتراث والثقافة من جهة، وفرضه التاريخ من خلال الوجود الأمازيغي بالفعل وبالقوة في أرض الكنانة، كما فرضه الدستور في مرحلة هامة من عمر الأمازيغية بالمغرب. إنها فعلا مرحلة مفصلية بالنسبة لهذا المكون الأساسي للهوية الوطنية على المستوى اللغوي والثقافي، بحيث استطاعت الأمازيغية أن تسمو إلى مصاف اللغات المتطورة والحية عالميا، انعكس ذلك بشكل جلي عبر تدويلها ودخولها مدارج التكنولوجيا الحديثة من بابها الواسع، نلاحظ ذلك ونسجل في الوقت نفسه بعض الانتكاسات والتراجعات عن الكثير من المكتسبات في التعليم وفي الإعلام.
مطلب ترسيم “أسكاس أماينو” عيدا وطنيا يستند في المقام الأول على المقتضيات الدستورية، ويرتبط بمضامين هذه الوثيقة خاصة وأن الفصل الخامس ينص صراحة برسمية الأمازيغية إلى جانب العربية، وبما ان الخطب الملكية تعتبر مراجع أساسية في تنزيل وتطبيق كل القوانين والمراسم، فإن عاهل البلاد محمد السادس أقر بشكل واضح في الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب بأمازيغية المغرب، في إشارة لا غبار عليها إلى “التاريخ الأمازيغي الطويل” للمغرب، وقال جلالته بالحرف “المغرب مستهدف لأنه دولة عريقة تمتد لأكثر من اثني عشر قرنا، فضلا عن تاريخها الأمازيغي الطويل”.
الأرض والوطن يتكلمان الأمازيغية وتتنفسانها، والأبحاث العلمية والأركولوجية تدل على ذلك، فقبل سنوات تم العثور على بقايا أقدم إنسان “إغود”، يعود تاريخه إلى حقب ضاربة في التاريخ. في حين تعتبر هذه الأبحاث بدلائل تقر بأن المغرب بشكل خاص وشمال افريقيا بشكل عام، أرض أمازيغية مائة بالمائة، استوطنها الأمازيغ منذ ما قبل التاريخ، إلى درجة يمكن القول معها بأن الأمازيغية استطاعت أن تغير مجرى تاريخ الإنسانية من خلال تلك الاستكشافات.
يمكن أن نتفهم عرقلة مطلب ترسيم الأمازيغية ما قبل دستور 2011، ولو أننا نرفض ولا نقبل ذلك، لكن أن تستمر نفس سياسة الإهمال والإقصاء، في زمن عرف عدة تحولات ومتغيرات قانونية وسياسية، فهذا ما يدفعنا إلى طرح أكثر من علامة استفهام حول من له المصلحة في حرمان غالبية سكان المغرب من حقهم في الاحتفال بعيد يجسد العمق التاريخي والحضاري للأمازيغ والاحتفال بالانتماء والهوية.
ويعتبر السياق الحالي عنصرا مساعدا ودافعا قويا للاعتراف الرسمي بهذه المناسبة الوطنية وترسيمها عيدا ويوم عطلة، كما لم يعد هناك أي مبرر، لعدم الاعتراف برأس السنة الأمازيغية، خاصة في فترة أجمع فيها السياسيون والمدنيون على هذا تنزيل هذا المقتضى، حتى أصبح مطلبا شعبيا بكل المقاييس. أيضا ترسيم السنة الأمازيغية لا يحتاج لا إلى مليارات ولا ملايين من الدراهم، فمثل هذه القرارات تحتاج إلى إرادة سياسية واضحة فقط، فبجرة قلم تصبح السنة الأمازيغية عيدا وطنيا لكل المغاربة إن وجدت هذه الإرادة. ولماذا لا نعتبر كل ما يتعلق بالأمازيغية قيمة مضافة لهذا الوطن بدل شد الحبل واستخدام الفرامل لعرقلة كل ما هو إيجابي ونظيف؟